[باب الهدي والأضحية والعقيقة]
الهدي ما يهدى للحرم من نعم وغيرها، سمي بذلك لأنه يهدى إلى الله سبحانه وتعالى، والأضحية، بضم الهمزة وكسرها: واحدة الأضاحي، ويقال: ضحية، وأجمع المسلمون على مشروعيتهما.
(أفضلها إبل ثم بقر) إن أخرج كاملا لكثرة الثمن ونفع الفقراء (ثم غنم) وأفضل كل جنس أسمن فأغلى ثمنا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] فأشهب وهو الأملح أي الأبيض، أو ما بياضه أكثر من سواده، فأصفر فأسود. (ولا يجزئ فيها إلا جذع ضأن) ماله ستة أشهر كما يأتي، (وثني سواه) أي سوى الضأن من إبل وبقر ومعز (فلإبل) أي السن المعتبر لإجزاء إبل (خمس) سنين (ولبقر سنتان ولمعز سنة ولضأن نصفها) أي نصف سنة لحديث «الجذع من الضأن أضحية» رواه ابن ماجه.
(وتجزئ الشاة عن واحد) وأهل بيته وعياله لحديث أبي أيوب «كان الرجل في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون» قال في " شرح المقنع ": حديث صحيح، (و) تجزئ البدنة والبقرة عن سبعة) لقول جابر: «أمرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة في واحد منهما» رواه مسلم، وشاة أفضل من سبع بدنة أو بقرة. (ولا تجزئ العوراء) بينة العور بأن انخسفت عينها في الهدي ولا في الأضحية، ولا العمياء (و) لا (العجفاء) الهزيلة التي لا مخ فيها، (و) لا العرجاء التي لا تطيق مشيا مع صحيحة، (و) لا (الهتماء) التي ذهبت ثناياها من أصلها، (و) لا (الجداء) أي ما شاب ونشف ضرعها، (و) لا (المريضة) بينة المرض، لحديث البراء بن عازب: «قام فينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي» رواه أبو داود والنسائي. (و) لا (العضباء) التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها (بل) تجزئ (البتراء) التي لا ذنب لها (خلقة) أو مقطوعا، والصمعاء وهي صغيرة الأذن (والجماء) التي لم يخلق لها قرن (وخصي غير مجبوب) بأن قطع خصيتاه فقط، (و) يجزئ مع الكراهة (ما بأذنه أو
قرنه) خرق أو شق أو (قطع أقل من النصف) أو النصف فقط على ما نص عليه في رواية حنبل وغيره. قال في " شرح المنتهى " وهذا هو المذهب.
(والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى فيطعنها بالحربة) أو نحوها (في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر) لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعل أصحابه كما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن سابط، (و) السنة أن يذبح غيرها) أي غير الإبل على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة، (ويجوز عكسها) أي ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح لأنه لم يتجاوز محل الذبح، ولحديث «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل» ، (ويقول) حين يحرك يده بالنحر أو الذبح: بسم الله) وجوبا والله أكبر) استحبابا (اللهم هذا منك ولك) ، ولا بأس بقوله: اللهم تقبل من فلان، ويذبح واجبا قبل نفل (ويتولاها) أي الأضحية، (صاحبها) إن قدر (أو يوكل مسلما ويشهدها) أي يحضر ذبحها إن وكل فيه، وإن استناب ذميا في ذبحها أجزأت مع الكراهة.
(ووقت الذبح) لأضحية وهدي نذر أو تطوع أو متعة أو قران (بعد صلاة العيد) بالبلد، فإن تعددت فيه فبأسبق صلاة، فإن فاتت الصلاة بالزوال ذبح، وإن كان بمحل لا تصلى فيه العيد فالوقت بعد (أو قدره) أي قدر زمن صلاة العيد، ويستمر وقت الذبح (إلى) آخر (يومين بعده) أي بعد يوم العيد. قال أحمد: أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والذبح في اليوم الأول عقب الصلاة والخطبة، وذبح الإمام أفضل ثم ما يليه.
ويكره) الذبح في ليلتهما) أي ليلتي اليومين بعد يوم العيد خروجا من خلاف من قال بعدم الإجزاء فيهما، (فإن فات) وقت الذبح (قضى واجبه) وفعل به كالأداء وسقط التطوع لفوات وقته، ووقت ذبح واجب بفعل محظور من حينه، فإن أراد فعله لعذر فله ذبحه قبله، وكذا ما وجب لترك واجب وقته من حينه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق