(ويستحب زيارة قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقبر صاحبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) لحديث «من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي» رواه الدارقطني، فيسلم عليه مستقبلا له، ثم يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو بما أحب،ويحرم الطواف بها، ويكره التمسح بالحجرة ورفع الصوت عندها، وإذا أدار وجهه إلى بلده قال: لا إله إلا الله آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
(وصفة العمرة أن يحرم بها من الميقات) إن كان مارا به (أو من أدنى الحل) كالتنعيم (من مكي ونحوه) ممن بالحرم، و (لا) يجوز أن يحرم بها (من الحرم) لمخالفة أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وينعقد وعليه دم، (فإذا طاف وسعى وحلق أو قصر حل) لإتيانه بأفعالها.
(وتباح) العمرة (كل وقت) فلا تكره بأشهر الحج ولا يوم النحر أو عرفة، ويكره الإكثار والموالاة بينها باتفاق السلف، قاله في " المبدع ". ويستحب تكرارها في رمضان لأنها تعدل حجة. (وتجزئ) العمرة كل وقت من التنعيم وعمرة القارن (عن) عمرة (الفرض) التي هي عمرة الإسلام.
(وأركان الحج) أربعة (الإحرام) الذي هو نية الدخول في النسك لحديث «إنما الأعمال بالنيات» ، (والوقوف) بعرفة لحديث (الحج عرفة) ، (وطواف الزيارة) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ، (والسعي) لحديث «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» رواه أحمد.
(وواجباته) سبعة (الإحرام من الميقات المعتبر له) وقد تقدم، (والوقوف بعرفة إلى الغروب) على من وقف نهارا، (والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى) ليالي أيام التشريق على ما مر، (و) المبيت (بمزدلفة إلى ما بعد نصف الليل) لمن أدركها قبله على غير السقاة والرعاة، (والرمي) مرتبا، (والحلاق) أو التقصير، (والوداع، والباقي) من أفعال الحج وأقواله السابقة (سنن) كطواف القدوم والمبيت بمزدلفة ليلة عرفة والاضطباع والرمل في موضعهما وتقبيل الحجر والأذكار والأدعية وصعود الصفا والمروة.
(وأركان العمرة) ثلاثة: (إحرام، وطواف، وسعي) كالحج.
(وواجباتها: الحلاق) أو التقصير، (والإحرام من ميقاتها) لما تقدم، (فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه) حجا كان أو عمرة كالصلاة لا تنعقد إلا بالنية، (ومن ترك ركنا غيره) أي غير الإحرام (أو نيته) حيث اعتبرت (لم يتم نسكه) أي لم يصح (إلا به) أي بذلك الركن المتروك هو أو نيته المعتبرة، وتقدم أن الوقوف بعرفة يجزئ حتى من نائم وجاهل أنها عرفة، (ومن ترك واجبا) ولو سهوا (فعليه دم) فإن عدمه فكصوم المتعة (أو سنة) أي ومن ترك سنة (فلا شيء عليه) ، قال في " الفصول " وغيره: ولم يشرع الدم عنها لأن جبران الصلاة أدخل فيتعدى إلى صلاته من صلاة غيره، [كما لو سها الإمام فإنه يتعدى إلى صلاة المأموم]
[باب الفوات والإحصار]
الفوات: كالفوت مصدر فات: إذا سبق فلم يدرك، والإحصار مصدر أحصره مرضا كان أو عدوا، ويقال: حصره أيضا.
(ومن فاته الوقوف) بأن طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة (فاته الحج) لقول جابر: «لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع، قال أبو الزبير: فقلت له أقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك؟ قال نعم» رواه الأثرم، (وتحلل بعمرة) فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر إن لم يختر البقاء على إحرامه ليحج من قابل (ويقضي) الحج الفائت (ويهدي)
هديا يذبحه في قضائه (إن لم يكن اشترط) في ابتداء إحرامه، لقول عمر لأبي أيوب لما فاته الحج: اصنع ما يصنع المعتمر، ثم قد حللت، فإن أدركت الحج قابلا فحج واهد ما استيسر من الهدي، رواه الشافعي.
والقارن وغيره سواء، ومن اشترط بأن قال في ابتداء إحرامه: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فلا هدي عليه ولا قضاء إلا أن يكون الحج واجبا فيؤديه،وإن أخطأ الناس فوقفوا في الثامن أو العاشر أجزأهم، وإن أخطأ بعضهم فاته الحج.
(ومن) أحرم فـ صده عدو عن البيت) ولم يكن له طريق إلى الحج (أهدى) أي نحر هديا في موضعه (ثم حل) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] سواء كان في حج أو عمرة، أو قارنا، وسواء كان الحصر عاما في جميع الحاج أو خاصا بواحد كمن حبس بغير حق، (فإن فقده) أي الهدي (صام عشرة أيام) بنية التحلل (ثم حل) ولا إطعام في الإحصار، وظاهر كلامة كالخرقي وغيره عدم وجوب الحلق أو التقصير، وقدمه في " المحرر " و " شرح ابن رزين ".
(وإن صد عن عرفة) دون البيت تحلل بعمرة) ولاشيء عليه، لأن قلب الحج عمرة جائزة بلا حصر فمعه أولى، وإن حصر عن طواف الإفاضة فقط لم يتحلل حتى يطوف، وإن أحصر عن واجب لم يتحلل وعليه دم.
(وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة) أو ضل الطريق (بقي محرما) حتى يقدر على البيت، لأنه لا يستفيد بالإحلال التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصر العدو، فإن قدر على البيت بعد فوات الحج تحلل بعمرة ولا ينحر هديا معه إلا بالحرم، هذا (إن لم يكن اشترط) في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني، وإلا فله التحلل مجانا في الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق