الهبة للأولاد بقدر إرثهم للذكر مثل حظ الأنثيين أم بالسوية .
إذا كان العطاء لحاجة أحد الأبناء أنفق عليه قدر كفايته بالمعروف، والزيادة على ذلك
من النحل والهبة التي يجب العدل بين الأبناء فيها ، ففرق بين النفقة حيث تكون بقدر الحاجة حسب العرف فالعدل فيها عند الحاجة تلزم نفقة المحتاج منهم ، ولا يجوز الوفاء لأحد منهم بحاجتة والتخلف عن الآخر ممن تلزمه نفقتهم، بل يجب سدّ حاجتهم عند القدرة والاستطاعة .
فإذا تزاحمت الحاجات ولا مرجح فالمرجع إلى القرعة عند عدم القدرة على سدادها دفعة واحدة.
، وبين الهبة المجردة التي إذا منحت لأحدهم وجب العدل بينهم فيها أو الرد.
وهل العدل في الهبة يكون بالتسويه بين الذكر والأنثى منهم ، أو يكون للذكر كحظ الأنثيين على قولين :
القول الأول : للأنثى في الهبة مثل الذكر على حد سواء.
١ - لحديث النعمان بن بشير في الصحيحين : أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً - رقيقاً- كان لي ، فقال : أكل ولدك نحلته هكذا ، فقال : لا. فقال : فأرجعه).
فقوله ( أكل ولدك ) الولد في لغة العرب يشمل الذكر والأنثى.
والجواب : أن هذا عام مخصوص بالقياس على الإرث، ويجوز تخصيص العام بالقياس.
كما أن هناك فرق بين العدل - وهو أن يأخذ كل واحد ما يستحقه - وبين المساواة - وهي عدم التفريق بين من فرق الله بينهما- ( وليس الذكر كتلأنثى ) -.
٢ - ما رواه سعيد بن منصور والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(سووا بين أولادكم في العطية، لو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء ).
والجواب عنه : أن هذا الحديث وإن حسّن الحافظ ابن حجرإسناده ، إلا أنه ضعيف، فيه : سعيد بن يوسف، متفق على ضعفه، - كما أوضحه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة - قال الحافظ ابن عدي بعد ما أخرج هذا الحديث : ليس له أنكر من هذا الحديث .
٣ - ما رواه مسلم بلفظ ( اعدلوا بين أولادكم في النحل، كما تحبون أن يعدل بينكم في البر). فالعلة واحدة للذكر والأنثى وهي العدل في البر، فيستوون في الهبة كما يحب أن يستووا فب البر.
والجواب : أن بّر الذكر ليس كبرّ الأنثى من حيث الأصل لا من حيث الآحاد أو المنفعة ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً) ولهذا كانت التسوية في جنس الأنثى، وكذا التسوية في جنس الذكر، لا التسوية بين جنسين مختلفين.
القول الثاني : أن للذكر مثل حظ الأنثيين في الهبة .
١ - لقوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) و لا أعدل من الله تعالى حيث فرق بين الذكر والأنثى.
٢ - حديث النعمان ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) والعدل : هو أن يعطى الإنسان ما يستحقه- للذكر مثل حظ الأنثيين - ، ومن الظلم أن يسوّى بين من فرق الله بينهما في أصل الخلقة ( وليس الذكر كالأنثى ).
٣ - وقياساً لحال الحياة على حال الموت .
وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول الثاني أن الهبة المجردة تكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وأما الهبة له مقابل عمل عمله مع والده يبتغي فيه الولد ثواب الآخرة فلا هبة له إلا بالعدل بينه وبين إخوته، وإذا كان الولد يريد ثواب الدنيا في عمله مع والده يعطى بحسب العرف على عمله، وإذا كان يريد ثواب الدنيا والآخرة يعطى من الأجر بحسب العرف، وليس أجره كأجر من لم يأخذ شيئاً على عمله، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق