إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 18 يناير 2017

حكم أخذ الأجر على الشفاعة//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم أخذ الأجر على الشفاعة :
( فرق بين أخذ الأجرة على الشفاعة ، وبين المكافأة عليها) ؛ - 
-------
الشفاعة إما أن يكون شرط أخذ الأجرة عليها تابعاً لغيره، فيجوز أخذ الأجرة على المجموع، لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً .
وإما أن يكون شرط أخذ الأجرة عليها  منفردة عن غيرها مما يجوز أخذ الأجرة عليه فلا يجوز للأدلة التالية :
١ - حديث أنس ( أرأيت إن حبس الله الثمرة عن أخيك، بأي حق تستحل ماله)
والمال : كل ما يتمول وينتفع به، والشفاعة ليست كذلك، فلا يجوز أخذ الأجرة عليها.

٢ - ولأن كل نفع معنوي لا يجوز أخذ العوض عليه ، بدليل  عدم جواز أخذ العوض عن إسقاط حد القذف،على رأي جماهير أهل العلم إن لم يكن إجماعاً، مع حصول الضرر المعنوي للمقذوف ، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقام الحدود لم يعوض أصحابها عن الضرر المعنوي من الجاني للمجني عليه ، بل المتعين هو الحد فقط ، ولو كان للضرر المعنوي عوض لكان تقديره يختلف بحسب أثر ذلك الضرر في كل جناية بحسبها، مما يدل على عدم اعتباره في العوض الدنيوي، مع أن الأذى والضرر كلما زاد على الغير بغير سبب مبيح له شرعاً كان ذنبه وإثمه في الآخرة أعظم . 

@ ويدل لذلك حديث الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابني هذا كان أجيراً على هذا فزنى بامرأته، وإني افتديت ابني هذا بمائة شاة ووليدة ، فقال صلى الله عليه وسلم ( المائة شاة والوليدة ردّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغدو
يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ).
 فرد عليه العوض لانه أخذه بغير حق، وهو التنازل عن الحد بعوض مادي ، ولم يعتبر الحق المعنوي للرجل في انتهاك عرضه بالعوض المادي، وإنما إذا ثبت إلا بإقامة الحد عليه.

٣ - ولأن المال لا يستحق إلا بحق شرعي، فإذا لم يكن هناك سبب مبيح لأخذه شرعاً، كان أخذه له حراماً، ( بأي حق تستحل  ماله) وهذه الحقوق - بالاستقرأ - في المعاوضات أربعة : 
أ- العمل، فيأخذ المال بسبب عمله الغير محرم، كالعمل في شركة المضاربة، فأحد الشركاء يأخذ المال بعمله، والثاني بسبب ماله.
ب - المال، كما سبق في شركة المضاربة .
ج - الضمان الذي لا يؤول إلى الربا كما في خطاب الضمان إذا كان للعميل رصيد كاف لمبلغ الضمان ، وذلك على القول الراجح، وحكي الإجماع على عدم جوازه،، ومن يرى عدم الجواز على الضمان إنما يجيز للمصرف أخذ التكلفة الفعلية لإصدار خطاب الضمان.
د - الضرر المادي لا المعنوي بمقدار ذلك الضرر المادي. كما لوحصل للإنسان جناية موضحة- وهي الجناية التي توضح العظم وتبينه- قال صلى الله عليه وسلم ( في الموضحة خمس من الإبل) فإذا وجب للإنسان حق أعلى  من حقوق الآدميين فصولح على أدنى منه بطيب نفس منه جاز، كمن وجب له القصاص في القتل العمد فصولح من المال بما هو أكثر من الدية جاز لحديث ( وما صولحوا عليه فهو لهم) والمال كل المال أدنى من النفس.

٤ - ولأنه إذا حرم أخذ المال على مجرد الضمان على رأي جماهير أهل العلم وحكي الإجماع على ذلك، مع ما يتحمله الضامن من تبعات ، فأخذ المال  على الشفاعة في عدم الجواز أولى.
فإذا كان هناك شرط لفظي أو عرفي على أخذ الأجرة على الشفاعة لم يجز، لأن المعروف عرفاً كالمشروط لفظاً، وأما المكافاة على الشفاعة سواء كانت واجبة أو مستحبة فلا بأس بقبولها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ، ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم اجدوا ما تكأفؤه به فادعوا له ) ففرق بين الأجرة والمكأفأة على المعروف،- كما فرق بينهما الشافعية - فالأول ممنوع لما تقدم، والثانية جائزة، لوجود السبب وانتفاء المانع.
ومن أهل العلم من منع من أخذ الأجرة في الشفاعة الواجبة، ولم يمنع منها في الشفاعة الحسنة،  لأنه إذا أخذ على الواجبة ، أخذ الأجرة زيادة على شيء هو واجب بأصل التشريع، فيكون زيادة لغوية وهي محرمة عليه ، لان الواجب بذلها بلا مقابل، بخلاف المستحبة.
وفيه نظر: فأن ليس كل واجب لا يجوز أخذ الأجرة عليه، كتعليم  القرآن، ( إن اخق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) والمريض الذي يتعين عليك معالجته لعدم وجود غيرك  ، وتأخذ عليه أجراً، ( هل فيكم من راق ، قالوا : نعم ، ولا نرقيه حتى تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشياه).
فما  لم يكن ممنوعاً شرعاً جاز أخذ الأجرة عليه سواء كان واجباً أو مستحباً أو مباحاً.

ومن أهل العلم من منع أخذ الأجرة والمكافأة على الشفاعة ، كالحنابلة .
لحديث أبي أمامة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا)
ولا تعارض بين عام  وخاص، فالمكافاة مشروعة إلا من أجل الشفاعة .
والجواب : أن الحديث ضعيف على الصحيح من أقوال أهل العلم ،فيه القاسم بن عبدالرحمن الدمشقي ، قال الإمام أحمد عنه( في حديث القاسم مناكير ممن يرويها عنه الثقات) وقال عنه ابن حبان ( ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها) ومدار الحديث عليه ولم يتابعه عليه احد.- ومع توثيق جمع من أهل العلم إلا أنه لا يحتمل تفرده، والقاعدة الحديثية : أن من كان أقل من منزلة التوثيق لا يتحمل تفرده، ويكون  حديثه شاذاً.

وأما الشفاعة لتحقيق محرم ، كالشفاعة في إسقاط حد بعد بلوغ السلطان ( أتشفع في حد من حدود الله) ، أو هضم حق، أو إعطائه لغير مستحقه، فمحرم، وأخذ الأجرة على ذلك يزداد التحريم ويعظم، لأن المعين كالفاعل- كما سبق- فإذا كان في ذلك بذل للمال للتوصل إلى محرم فهي الرشوة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي .
وكذا  الهدية إلى كل من  له عليك ولاية من السلطان ولم يكن جرى بينه وبينه قبل ذلك  فمحرم . لحديث ( هدايا العمال غلول )  ، وحديث  ابن اللتبية ( هلا جلس في بيت أمه حتى يهدى إليه).
ودفع المال لمن لا يشفع لك إلا بأجرة، جائز من الدافع، لأنه لا يتوصل لحقه إلا بماله، فتكون من مسألة الظفر بالحق ( خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف).( فإن أمروا لكم بما يؤمر للضيف، فاقبلوا منهم ، وإلا فخذوا الحق الذي لكم). وحرام على الآخذ، لأنه يأخذ على ما لا يستحق عليه عوضاً شرعياً، والقاعدة : إنما الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم. لقوله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعطي أحدهم العطية يخرج يتلظاها ناراً) قالوا : يا رسول الله لما تعطهم، قال ( يأبون إلا أن يسألوني ، ويأبى الله لي البخل ).

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت