حكم الإلتزام بقول الرجل لأخيه : لا أحل لك أن تنشر عني كلام كذاوكذ، أو تنشر عني صورتي أو تخبر أحداً بفعل كذا مما هو من خصوصياته :
ما كان ما فيه منفعة لأخيه ولا ضرر عليه فيه فإن منع أخيك منه غير ملزم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ). فكل ما فيه نفع لأخيك ولا ضرر عليك فيه فلا يجوز منع أخيك منه، ومن ذلك تصوير كنب او دولاب ونحوه مما ينتفع منه المصور، ولا يتضرر صاحب الكنب ونحوه.
وأما مع حصول الضرر يقيناً، أو ظناً غالباً فلا يجوز ألا بإذنه. وكذا من يمنع صورته وهو بلبس الرياضة أو وهو كاشف الرأس، حتى لا تسقط هيبته وكرامته فلا يجوز نشرها إلا بإذنه ، لوجود الضرر على أخيك .
وأما منع الإنسان ان يذكر شيئاً عنه من غير ضرر عليه وإنما تعنتاًحيث ليس في العرف من الأمور التي يعاب بها الشخص، وإنما لشذوذ مزاجه وتوهمه فهذا عيب فيه لا يلزم غيره بتعنته وفساد طبعه، كمن لا يحب ان يخبر عنه بانتقاله من مكانه أو كونه تزوج أو رزق بمولود من غير ضرر عليه ولا مقصود صحيح له بذلك.
وأما إذا كان ذلك الشيء له مقصود صحيح في إخفائه ولا يحب أن يذكر بفعله له أو قوله ، فلا يجوز أن ينسب له ذلك او ينقل عنه إلا لمصلحة أرجح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الغيبة ( هي ذكرك أخاك بما يكره ) فيدخل في ذلك : كل ما يكره نسبته أو نقله عنه او نشره عنه إما بالقياس وإما بالعموم المعنوي.
فإذا كانت مصلحة نقله عنه أو نشره عنه أو نسبته إليه أرجح جاز بلا إذنه، ولو منع منه، قياساً على الأحوال التي تجوز فيها الغيبة ، وجامعها : ذكرك أخاك بما يكرهه يجوز، - كما قرر ذلك ابن القيم - أو : كل مقصود صحيح لا يمكن إلا بذكر الرجل بما يكرهه فذكره به جائز.
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة لما قالت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال: ( أما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له) وقال في حديث عائشة لما استأذن الرجل فقال : ( بئس أخو العشيرة) ثم قال :( إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه الناس تقاء شره ) ونحو تلك الأدلة.
وأما منع غيره من نشر شيء عنه كصورته لأنه يعتقد تحريم ذلك، فإن من يرى الجواز لا يلزم بمنع غيره ، لأن المسلم لا يلزم بما لا يعتبر قوله ملزماً شرعاً، وهو مجتهد أو مقلد سأل أفضل من يجد علماً وورعاً وأخذ بقوله فلا حرج عليه من حرج من لا يكون في مخالفته الحرج الشرعي، أما إذا كان يتأذى من ذلك ويتضرر بلا مصلحة راجحة فلا يجوز إلا بإذنه ،. والله تعالى أعلم واحكم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة ام القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق