إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 6 فبراير 2017

قاعدة الرضاع//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


قاعدة الرضاع : كل رضاع محرم ، فالتحريم فيه بين الرضيع وذريته، والمرضعة وزوجها.

ولا علاقة لإخوة الرضيع فيه ولا أبويه ، وإنما الرضيع وذريته يتداخلون مع كافة أسرة المرضعة والزوجها بالرضاع المحرم.

روى مسلم في صحيحه عن عائشة ًً   ً ًٍأنها قالت    (  كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن. ) .

أعلّ بعض أهل العلم هذا الحديث  بأنه ليس في القرآن خمس رضعات يحرمن ، فحكم بضعفه ، وفيه نظر، لأن هذا الذي قالته: وهن فيما يقرأ من القرآن حسب ظنها وعلمها، وقد نسخ لفظه وبقي حكمه ، وكون الراوي وهم في شئيء تبين وهمه فيه لا يعني أنه وهم في الشيء الذي لم يتبين وهمه فيه، لأن الأصل عدم الوهم من الثقة  حتى يتبين دليله.

والخمس الرضعات المحرمة- التي يحصل بها التحريم بسبب الرضاع - إنما يتأثر بها أربعة أطراف فقط :
١ - الرضيع - ويشترط أن يرضع في الحولين قبل الفطام - لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وحديث ( إنما الرضاعة ما فتق الأمعاء، وكان في الثدي) أي زمن الثدي. وأما حديث سالم مولى أبي حذيفة وقوله صلى الله عليه وسلم لزوجة أبي حذيفة.          ( أرضعيه تحرمي عليه ) وكان أبو حذيفة قد تبنى سالماً وأقر على ذلك في أول الإسلام ، فلما أبطل الله التبني ، شق ذلك على امرأة أبي حذيفة فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله إن سالماً بلغ مبلغ الرجال وإنه يدخل علي فقال ( أرضعيه تحرمي عليه ) فإن هذا يتقيد بما يشبه  هذه الحال، ولا يمكن أن يكون ذلك بعدما أبطل الله التبني، 
لأن القاعدة في ذلك  : أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إذا كان ذلك السبب معنوياً، فإن العام يتقيد بما يشبه حال  ذلك السبب - وقد تقدم بيان هذه القاعدة - .
وكذا ذرية الرضيع يكون لهم علاقة بمحرمية الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ).

٢ - والمرضعة وزوجها ، للحديث السابق، أما إخوة الرضيع وأمه وأبوه فلا علاقة لهم بمحرمية الرضاع، وإنما المحرمية بين ( الرضيع وذريته، والمرضعة وزوجها فقط ) وهذه هي القاعدة في محرمية الرضاع.
وعلى هذا قد يكون للإنسان أم من الرضاع ولا أب له من الرضاع. كمن رضع من المرأة ثلاث  رضعات ثم طلقها زوجها طلاقاً بائناً ثم أرضعت ذلك الطفل رضعتين، يكون بذلك له أم من الرضاع، ولا أب له من الرضاع ،
 وقد يكون له أب من الرضاع ولا أم له من الرضاع، كمن عنده زوجتان رضع من الأولى رضعتين، ومن الثانية ثلاث ، فيكون زوجهما أب له من الرضاع، وهما زوجتا أبيه من الرضاع،  وهما محرمان له على رأي جماهير أهل العلم للحديث ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وذهب شيخ الإسلام إلى عدم كونهما محرماً له لأن القرابة هنا بالمصاهرة - القرابة بسبب الزوجية - لا من النسب والحديث         ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) 
والجواب عنه : أن قوله صلى الله عليه وسلم     ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )  يحتمل معنيين ، الأول : مثل الذي يحرم من النسب ، فيكون  قول الجمهور هو المتعين، فكما أن محرمية المصاهرة تحرم في النسب فكذا محرمية الرضاع مثلها.
والثاني :  معنى الحديث :  ( ... ما يحرم من النسب ) الذي يحرم في النسب هو الذي يحرم في الرضاع، والمصاهرة ليست من النسب.
بينما الأول الذي يحرم من الرضاع هو كالذي يحرم من النسب، والمصاهرة تحرم في النسب، فكذا الرضاع مثلها، وإذا كان النص - الحديث - يحتمل معنيين لا تعارض بينهما حمل على جميع تلك المعاني، وهي قاعدة : حذف المتعلق مشعر بالعموم، وهي قاعدة : ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزّل منزلة العموم من المقال، وذلك لأن إعمال الكلام أولى من إهماله، - وقد سبق ذلك في بيان قاعدة : لا يجوز فرض العمومات في المضمرات-  .
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع  ما يحرم من النسب ) ما موصولة بمعنى الذي، فيكون المراد ، الذي يحرم من الرضاع هو الذي يحرم من النسب حكماً ووصفاً،  والذي يحرم من النسب حكماً ووصفاً المحرمات بالنسب والمصاهرة - في الرضاع - وبه قال الجمهور ، لأن النص يحتملهما بلا تعارض فيحمل عليهما - كما سبق. -.
ومن خص التحريم بالوصف لا بالحكم ، قال برأي شيخ الإسلام فلا أثر للرضاع في المصاهرة  .
 ً ومما يؤيد قول الجمهور:  أن القرابة من النسب : هي القرابة من جهة الأب والأم ، والقرابة بينهما إنما حدثت  عن طريق النكاح .
وإذا كان النكاح له أثر في النسب كخالة الأم هي خالة لك وكانت تلك العلاقة بسبب نكاح الأب للأم ، فيكون الرضاع له  أثر  في المحرمية  كالمصاهرة  . لأن الرضاع أضعف من النكاح . 
فإذا كان الأب محرم لزوجة الابن من النسب فكذا يكون محرماً لزوجة الابن  من الرضاع لعموم ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)
مع أن العلاقة في كل منهما الزوجية.

ولأن زوج المرضعة أب للرضيع ، والعلاقة بين المرضعة وزوجها المصاهرة ، لأن المصاهرة هي القرابة بسبب الزوجية .
-----
وكيفية الرضعة المحرمة هي : أن يلتقم الصبي الثدي ويمص منه الحليب حتى يترك أو يترك، وهذه هي الإملاجة ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ) ومفهومه أن الثلاث تحرم ولكنه نسخ بخمس تحرمن كما سبق، والمنسوخ العدد لا الكيفية.
وقيل المراد : المصه وهي السحبة الواحدة من الصبي من ثدي المراة، فإذا سحب خمس سحبات من حليب المرأة حصلت المحرمية، ولو كان ذلك بإملاجة واحدة. لحديث( لا تحرم المصة ولا المصتات )
وفيه نظر : لأن الجمع بين النصوص واجب ما أمكن ،  والجمع أن المصة هنا يراد بها الإملاجة، إذ إن المصة يراد بها السحبة الواحدة ، وتطلق ويراد بها المص في الإملاجة،
فتحمل على الإملاجة جمعاً بين الأدلة ،
ولأن القليل يدخل في الكثير، والكثير لا يدخل في القليل .
وقيل المراد بالرضعة الوجبة، فإذا رضع الرضيع حتى تغذى بالحليب ما يكون واجبة له ، كانت واحدة، وهكذا حتى يصل العدد المحرم وهو خمس رضعات.، لأن الرضعة على وزن وجبة .
( لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان )

والجواب : أن الرضعة تحتمل : المصة، والوجبة، والإملاجة، ولا يمكن حملها على الكل للتعارض بينها، فتحمل على الإملاجة لا الوجبة لأن الدلالة الشرعية مقدمة على الدلالة اللغوية، فلما ورد في لسان الشارع ( لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ) عرفنا المراد بالرضعة الإملاجة لا الوجبة، ولم نحمل الرضعة على المصة لما تقدم .

علماً بأن المحرمات من المصاهرة أربع : زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة ، وبنت الزوجة بعد الدخول بأمها، والثلاث الأول محرمات بمجرد العقد. والله  تعالى أعلم 

كتبه /  أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت