إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 24 مايو 2017

أثر اختلاف المطالع في الصيام//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله



أثر اختلاف المطالع في الصيام :
دخول شهر رمضان ، وخروجه ، ومعرفة أوقات الحج ، وعرفة ، صيام يوم عاشوراء ، والأيام البيض ، وغيرها، يعتمد في تحديدها ومعرفة توقيتها على رؤية الهلال، ومعلوم أن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة، فهل لهذا الاختلاف أثر في الصيام .
 ذهب جمهور العلماء ( الحنفية، والمالكية، والحنابلة ) إلى أنه لا أثر لاختلاف المطالع في الصيام ، فإذا رأى الهلال أهل بلدة - من تثبت بهم الرؤية - اكتفي برؤيتهم لجميع أهل الأرض.
@ لما في الصحيحين  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ) وهو خطاب للأمة كلها، والمراد : رؤية من تثبت به الرؤية .
 @ ولما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وصحح إسناده البيهقي، والدارقطني والألباني ، من حديث أبي عمير بن أنس، قال : حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فأغمي علينا هلال شوال ، فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا، ويخرجوا ألى عيدهم من الغد ). فهذه الرؤية كانت خارج المدينة، وبينهم وبينها نحو يومين ، وقبلتهم شهادتهم، والمطالع قد تختلف في الأمكنة المتقاربة ، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزّل منزلة العموم من المقال .
 @ ولأن المسلمين أجمعوا على وجوب صيام شهر رمضان، وقد ثبت أن هذا اليوم منه بشهادة الثقات، فوجب صومه على جميع المسلمين .
 @ ولأن الشهر ما بين الهلالين عند وجود البينة العادلة التي شهدت برؤية الهلال فيثبت لجميع أيامه سائر الأحكام على جميع الناس من حلول الدين، ووقوع الطلاق، والعتاق، ووجوب النذر، والصيام، وغير ذلك من الأحكام .
 @ ولأن اختلاف المطالع لو كان معتبراً لوجب أن يجد ما تختلف به بحد منضبط، وليس فيه حد منضبط، لأن رؤية الهلال قد تكون تارة لارتفاع المكان، وتارة لصفاء الهواء، وتارة لزوال المانع، وتارة لحدة البصر، وهذا يدل على أن حكم جميع البلاد في ذلك واحد، بخلاف الأحكام المتعلقة على حركة الشمس لإمكان ضبطها بحد منضبط .
 @ ولأن اعتبار المطالع يحتاج إلى حساب، ونحن أمة أمية، لا نحسب ولا نكتب، فوجب أن تجعل الرؤية واحدة .
 @ ولان الشريعة لا تعلق الحكم إلا على أمر ظاهر، وهو هنا الرؤية، فمن بلغه أنه رؤي بمن تثبت به الرؤية ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً، وهذا هو القول الأقرب للصواب، والعلم عند الله تعالى .

وذهب الشافعية ، وبعض الحنفية، وبعض الحنابلة، وهو مروي عن الإمام مالك ، إلى أن لاختلاف المطالع اثراً في الصيام، فإذارأى الهلال أهل بلدة لم يكتف برؤيتهم لأهل بلدة أخرى يختلف مطلعها.
@ لما روى مسلم عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية في الشام ، قال : فقدمت الشام ، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال، فقال : متى رأيتم الهلال؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة ، فقال : أنت رأيته؟ فقلت : نعم، ورآه الناس، وصاموا، وصام معاوية، فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نرآه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال : لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والجواب :  بأن المراد من حديث كريب، أنهم لا يفطروا بقول كريب وحده، وقد أمرهم أن يفطروا بشهادة اثنين، لأنهم لو عملوا بخبره لأفطروا.
 وأيضاً: أن ابن عباس لم يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من أهل الأقطار، بل أراد ابن عباس أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أو يروه، ظناً منه أن المراد رؤية أهل المحل .
 وأيضاً : أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده، ولم يأت بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمعنى لفظه، حتى يكون مخصصاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ).
 @ واستدلوا: بالقياس على طلوع الشمس وغروبها، فكما أن التوقيت اليومي في الإمساك والإفطار يختلف بحسب الأقطار، فكذا التوقيت الشهري في الإمساك والإفطار .
والجواب :
 أولا : قياس مع الفارق ، لأن تعليق الحكم بحركة الشمس وصف ظاهر منضبط لا يتعلق بالحساب، بخلاف المطالع فلا يدركه إلا من يعرف الحساب، ونحن أمة أمية .
 كما أن تعميم الأحكام المتعلقة بطلوع الشمس وغروبها على جميع أهل الأرض فيه مشقة لتكرار مراعاتها في كل يوم، بحيث يؤدي إلى قضاء العبادات، بخلاف الهلال فلا مشقة في اعتباره، فهو في الشهر مرة.
ثانياً : أن اعتبار المطالع يحتاج إلى حساب وتحكيم المنجمين، وقواعد الشرع تأبى ذلك .
 ثالثاً : أن اعتبار المطالع يترتب عليه أن الرجل في إخر الإقليم عليه أن يصوم ويفطر وينسك ، وآخر بينه وبينه مقدار سهم لا يفعل شيئاً من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين، ولازم المذهب ليس بمذهب، ولكنه يدل على بطلان المذهب.
 رابعاً : أنه لا يزال المسلمون يتمسكون برؤية الحجاج القادمين لهلال الحج، ولو مع اختلاف المطالع، وإلا للزم منه أن يكون يوم عرفة متعدداً بحسب مطلع كل قوم .

وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول الأول ، وأن رؤية من تثبت به الرؤية تعتبر رؤية لجميع من في الأرض، ولا عبرة باختلاف المطالع .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت