إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الجمعة، 13 أبريل 2018

حكم الخشوع في الصلاة/لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم الخشوع في الصلاة :

الخشوع لغة : السكون ، والانخفاض  ، والهدوء.
قال تعالى ( وخشعت الأصوات) انخفضت وسكنت .
واصطلاحاً : حضور القلب بين يدي الله تعالى ، وسكون الجوارح ، واستحضار ما يقول ويفعل مستحضراً عظمة الله تعالى وقربه .

@ والخشوع  يكون بأمرين : 
أ - ما يحصل به الخشوع، وهو قوة المقتضي ،
كالاستعداد للصلاة ، والطمأنينة ، وترتيل القرآن ، وتدبره ،  والتفرغ لها، وتنويع الأذكار والأدعية وتدبرها.
وهذا النوع أمر الشارع به أمر إيجاب  : كالطمأنينة ، وتدبر القرآن ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
ومنه ما أمر به الشارع أمر استحباب، كالتبكير للصلاة ، والتنفل قبلها، وتنويع الأذكار، ونحو ذلك .
وكذا حضور القلب وعدم شرود الذهن واجب فيها بقدر الاستطاعة، ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

ب - إزالة الشواغل ودفع الموانع التي تصرف عن الخشوع، وهو ما يسمى بضعف الشاغل .
وهذه الأمور التي تنافي الخشوع أو تضعفه ، نهى الشارع عنها إما نهي تحريم ، ككلام البشر في الصلاة، أو الحركات الكثيرة المتتالية لغير ضرورة، بحيث يخيل للرائي له أنه في غير صلاة .
أو نهى الشارع عنها نهي تنزيه ، كصلاته في حضرة طعام أو وهو يدافع الأخبثان .

وبهذا يجمع بين أدلة من أوجب الخشوع وأدلة من قال باستحبابه .

فممن قال بوجوبه : الإمام الغزالي في الإحياء ، وابن حامد من أصحاب الإمام أحمد، وروي عن الإمام أحمد روايتين ، واختار  ابن تيمية الوجوب .

وقال الإمام النووي وابن حجر أنه من سنن الصلاة
وجعله الرازي شرط صحة لا شرط قبول . 

@ أدلة القائلين بوجوب الخشوع :

1. قوله تعالى : {أفلا يتدبرون القرآن} (النساء: 82). والتدبر لا يتصوّر بدون الوقوف على المعنى.
2. قوله تعالى: {أقم الصلاة لذكري}   .(طه: 14). والغفلة تضادّ الذكر، ولهذا قال: {ولا تكن من الغافلين} (الأعراف: 205).
3. إنَّ حركة اللسان غيرُ مقصودة؛ بل المقصود معانيها .
4. ما روي عن النبي  صلي الله عليه وآله وسلم  مسندا :«إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا عشرها، وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها».
من طرق عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبدالله بن غنمه عن عمار رضي الله عنه مرفوعاً. 

* قال عبد الواحد بن زيد: " أجمعت العلماء على أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل " .

* قال شيخ الإسلام  ابن تيمية  :
" فقد قال الله تعالى: { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين . كقوله- تعالى-: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله }وقوله –تعالى- :{كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } . فقد دل كتاب الله _عز وجل _ على من كبر عليه ما يحبه الله أنه مذموم بذلك في الدين ، مسخوط منه ذلك . والذم أو السخط لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرم . وإذا كان غير الخاشعين مذمومين ، دل ذلك على وجوب الخشوع . فمن المعلوم أن الخشوع المذكور في قوله – تعالى – { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } لابد أن يتضمن الخشوع في الصلاة . فإنه لو كان المراد الخشوع خارج الصلاة لفسد المعنى. إذ لو قيل : إن الصلاة لكبيرة إلا على من خشع خارجها ولم يخشع فيها. كان اقتضى أنها : لا تكبر على من لم يخشع فيها ، وتكبر على من خشع فيها وقد، انتفى مدلول الآية. فثبت أن الخشوع واجب في الصلاة . ويدل على وجوب الخشوع فيها أيضاً
قوله  تعالى  : {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} أخبر- سبحانه وتعالى- : أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة . وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم . وقد دل هذا على وجوب هذه الخصال . إذ لو كان فيها ما هو مستحب ، لكانت جنة الفردوس تورث بدونها ، لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات ، ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب . وإذا كان الخشوع في الصلاة واجباً . فالخشوع يتضمن السكينة والتواضع جميعاً . ومنه حديث عمر - رضى الله عنه - حيث رأى رجلا يعبث في صلاته . فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" أي : لسكنت وخضعت ".
وقال – رحمه الله – مفصلا نصيب الخاشعين :
" فان قيل فخشوع القلب لذكر الله وما نزل من الحق واجب قيل نعم لكن الناس فيه على قسمين مقتصد وسابق فالسابقون يختصون بالمستحبات والمقتصدون الأبرار هم عموم المؤمنين المستحقين للجنة ومن لم يكن من هؤلاء ولا هؤلاء فهو ظالم لنفسه وفى الحديث الصحيح عن النبي اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع) .

@  أدلة القائلين باستحباب  الخشوع  :

1. أمر رسول الله ص من سها في صلاته بسجود السهو ولم يأمره بالإعادة مع قوله :
" إن العبد لينصرف من الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها ، ثلثها ، ربعها ، حتى بلغ عشرها ".
2. حكى النووي الإإجماع على أنه ليس بواجب . وفيه نظر.
3. ما ثبت عن النبي ص في الصحيح أنه قال : " إذا أذن المؤذن بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط ، حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي التأذين أقبل ، فإذا ثوب بالصلاة أدبر ، فإذا قضي التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : " أذكر كذا .. أذكر كذا" ، ما لم يكن يذكر ، حتى يظل لا يدري كم صلى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس " .
قالوا: فأمره النبي في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها ، حتى لم يَدر كم صلى بأن يسجد سجدتين السهو ، ولم يأمره بإعادتها .

و يترتب على قول من أوجب الخشوع وحضور القلب وجوب إعادة الصلاة - كما قرر ابن حامد من الحنابلة – وجمهور الفقهاء على خلاف ذلك .

قال ابن القيم في مدارج السالكين : 

" فإن قيل : ما تقولون في صلاة من عدم الخشوع ، هل يعتدبها أم لا ؟ 

قيل : أما الاعتداد بها في الثواب : فلا يعتد بها ، إلا بما عقل فيه منها ، وخشع فيه لربه .

قال ابن عباس : " ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ". 

وفي المسند مرفوعاً : " إن العبد ليصلي الصلاة ، ولم يكتب له إلا نصفها ،أو ثلثها ، أو ربعها حتى بلغ عشرها ". فقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم ، فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح ، ولو أعتدَّ له بها ثواباً لكان من المفلحين ، وأما الاعتداد بها في أحكام الدنيا ، وسقوط القضاء فإن غلب عليها الخشوع وتعقلها اعتد بها إجماعاً ، وكانت من السنن والأذكار عُقيبها جوابر ومكملات لنقصها .

وإن غلب عليها عدم الخشوع فيها وعدم تعقلها ، فقد اختلف الفقهاء في وحوب إعادتها . "

ثم رجح – رحمه الله – عدم إعادتها فقال :

" فإن أردتم وجوب الإعادة لتحصل هذه الثمرات والفوائد فذك كله إليه إن شاء أن يحصلها وإن شاء أن يفوتها على نفسه ، وإن أردتم بوجوبها أنا نلزمه بها ونعاقبه على تركها ونرتب عليه أحكام تارك الصلاة فلا. وهذا القول الثاني أرجح القولين (أي عدم وجوب الإعادة ) والله أعلم .". 

@ إذاً أكثرُ العلماء على أن الخشوع  سنة، وذهب أبو الوفاء بن عقيل من الحنابلة وأبو حامدٍ الغزالي من الشافعية وكثير من المالكية والحنفية إلى أنه واجبٌ يبطل تركه الصلاة عند بعضهم، ولكن المعتمد عند المحققين عدم بطلان الصلاة بتركه، وقد دلت النصوص الثابتة في الصحيحين وغيرهما على أن الاشتغال بالفكرِ في شيءٍ من أمور الدنيا لا يبطل الصلاة، فقد ردَّ النبي صلي الله عليه وسلم الخميصةَ على أبي جهم وطلب أنبجانيّته وعلل ذلك بقوله: إنها ألهتني آنفاً في صلاتي. وقال لعائشةرضي الله عنها: أميطي عنا قرامَك، فإن تصاويره لم تزل تعرضُ لي في صلاتي ) . لكن العبد مأمور بدفع ما يعرض له من فكر يخرجه عن الاشتغال بالصلاة وعدم الاسترسال معه.
وقد بينا أن الخشوع منه ما هو واجب ، ومنه ما ليس بواجب ، وذلك لأن اسم الخشوع اسم يتناول أموراً كثيرة، فيكون الواجب منه  وما ليس بواجب ،  حسب الأدلة الشرعية، وبذلك تجتمع الأدلة  ، والله تعالى أعلم .

كتبه/ أبو نجم /  محمد بن سعد الهليل العصيمي  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت