حكم وضع لزقة النيكوتين للصائم :
وهي لصقة توضع على جلد الإنسان تزود الدم بهذه المادة التي يشعر المدخن بحاجته لها ، حتى يتدرج في ترك التدخين .
اختلف المعاصرون في كونها مفطرة للصائم على قولين :
القول الأول : أنها لا تفطر ، وممن قال به شيخنا العثيمين .
وذلك قياساً على المراهم والزيوت التي توضع على الجلد، وكذا الماء على جسد الإنسان والاستحمام به لا يفطر الصائم ، فكذا هذه المادة .
ولأن نفوذ الشيء إلى داخل الجوف عن طريق الجلد لا يعتبر منفذاً معتبراً في التفطير، على خلاف بين أهل العلم في المراد من الجوف، فقيل: كل مجوف فهو جوف، فيكون دخول الشيء إلى جوف الساق والفخذ ، داخل في الجوف، وقيل: من الجائفة ، وهو تجويف البطن والصدر والدماغ. وقيل : كل تجويف للبطن والصدر والدماغ وما له طريق ومنفذ لها.
وقيل : المعدة فقط.وقيل الحلق والأمعاء وتجويف الصدر والبطن والدماغ.
وعلى كل فالجوف معنى واسع ، يحدد السياق والقرينة المراد منه . ولهذا اضطربت المذاهب حتى في المذهب الواحد ، في ضبط الجوف الذي يحصل به التفطير والذي يكون وصفاً ظاهراً مناسباً منضبطاً، يعلل به الحكم .
كما اختلف في اشتراط كون الجوف مما يحيل الغذاء والدواء أم لا يحيل .
القول الثاني : أنها تفطر، وبه أفتت لجنة الإفتاء في المملكة العربية السعودية.
وذلك : لأن هذه المادة ثبت طبياً أنها تنتقل إلى الدم عبر الشعيرات الدموية ، فتغذي الدم بهذه المادة كما يتغذى بها عن طريق التدخين .
والذي يترجح في نظري والعلم عندالله تعالى، هو القول الثاني للأسباب التالية :
١ - القاعدة الشريعة : أن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين ، وهذه المادة كما تشرب عبر الفم ،فيفطرالصائم بسببها، هي كذلك تصل إلى الدم عن طريق هذه الصقة .
٢ - أن الأكل والشرب وما كان في معناهما يفطر عن طريق الفم أو عن أي طريق آخر، لأن المعنى فيهما واحد.
٣ - أن وصول الغذاء وما كان في معناه ولو كان ضاراً كالسم ، إلى الدم الذي يزود سائر خلايا الجسم يفطر به الصائم، وهذه المادة تصل إلى الدم حسب إثبات الإطباء.
٤ - إن قياس هذه المادة على الماء أو الدهون التي على سطح الجلد، قياس مع الفارق.
وذلك أن الماء والدهون لا تصل إلى الدم وتتوزع على سائر أجزاء الجسد، وعلى فرض ذلك فهي نسبة مستهلكة وجودها كعدمها، بخلاف هذه المادة .
وعلى هذا تكون لصقة النيكوتين هذه مفطرة للصائم ، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق