حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة خارج المسجد :
نص المالكية على أن الإنصات يكون واجباً على من في المسجد ، ومن كان في رحبة المسجد فقط ، ويستحب لمن كان ذاهباً للمسجد أن ينصت إذا فقه خطبة الإمام قبل دخول المسجد أو رحبته .
وذلك لأن المكان الذي للإمام فيه سلطان هو المسجد وما في حكمه كرحبة المسجد، وما أتصل به عند اتصال الصفوف ، فلمن كان خارجاً عن المسجد والحالة تلك له حكم من في المسجد فيجب عليه الإنصات .
ولأن عبادة سماع الخطبة لا تكون إلا في ذلك الموضع ؛ وإلا لجاز سماعها لجار المسجد الذي تجب عليه الجمعة .
والجواب عن ذلك : بأن المتابعة للإمام تُشرع لمن كان خارج المسجد ، ولا تتقيد بمن في المسجد، لما في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيته، والناس يصلون خلفه - أي خارج بيته - وبينهما جدار قصير.
مما يدل على أن المتابعة لا يشترط لها اتحاد المكان .
فإذا أمكن متابعة المأموم للإمام ، صحة الصلاة ، ولا دليل على اشتراط اتصال الصفوف لصحة الاقتداء لمن كان خارج المسجد.
وإذا كانت المتابعة صحيحة ، صحة صلاة من تابعه وهو خارج المسجد، فكان له حكم من كان حاضراً في المسجد في وجوب الإنصات عند نية الصلاة معه لا الصلاة مع غيره .
وعبادة استماع الخطبة تكون لمن كان في المسجد ، ومن كان خارج المسجد ممن أراد أن يصلي معه على سبيل الوجوب لا الاستحباب .
@ وذهب جمع من العلماء : إلى أنه إذا سمع خطبة من يريد أن يصلي معه، يجب عليه الإنصات ولو كان في خارج المسجد حتى ولو كان مع أهله في بيته أو في الشارع ، لأن هذا إمامه، يصح الاقتداء به في خارج المسجد، كما يصح الاقتداء به في المسجد، فيجب عليه الإنصات، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( من قال لأخيه والإمام يخطب: إنصت فقد لغى ، ومن لغى فلا جمعة له ) فيشمل ذلك من في المسجد ، ومن كان خارج المسجد ، وذلك لمن أراد أن يصلي خلفه.
وأما إذا أراد أن يصلي خلف غيره ، فلا يضرّه الكلام مع أهله في بيته أو في الشارع، لأنه يريد أن يسمع خطبة إمام آخر .
وأشبه ذلك من يريد يصلي النافلة في بيته، وقد سمع صوت الإمام الذي يريد أن يصلي معه الفريضة قد ابتدأ صلاة الفرض، وفِي الحديث ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المفروضة ) يشمل من كان معه في المسجد، ومن كان خارج المسجد ممن أراد أن يصلي خلفه. واختار هذا القول شيخنا العثيمين، وهو الأقرب - لما سبق -.
@ مع العلم أنه لا تجب العادة ولا تُشرع لمن تكلم في جوف المسجد والإمام يخطب بل صلاته صحيحة، لكنه محروم الأجر ، فيكون وزر كلامه في الخطبة معادلاً لأجر جمعته، فكأنه لم يصل، مع صحة صلاته وإجزائها، وعدم مشروعية إعادتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن إعادة الصلاة مرتين . والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق