إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 29 سبتمبر 2018

شروط صحة السلم عند الحنابلة، والتعقيب عليها/لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


شروط صحة السلم عند الحنابلة، والتعقيب عليها:

السلم لغة : السلف وزناً ومعنى .
وقيل : السلف: تقديم رأس المال . والسلم : تسليمه في المحل .
وسمي سلماً: من التسليم ، لتسليم رأس المال في مجلس العقد، والتسليف : التقديم .
واصطلاحاً:  عقد على موصوف في الذمة بثمن مقبوض بمجلس العقد.
وشروط السلم سبعة بالإضافة إلى شروط البيع .
١ - أن يكون المسلم فيه مما يمكن أن ينضبط بالصفة .
قاعدة : كل ما يفضي إلى المنازعة والمشاقة ، فهو حرام .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تحاسدوا  ولا تباغضوا ولا تناجشوا ولا تدابروا...).
وكون المسلم فيه لا ينضبط بالصفة ، يؤدي إلى المشاحة والمنازعة .
وذلك كالسلم كالفواكه، لاختلافها بالصغر والكبر، وكالبقول- التي لا ساق لها من الزرع ، كالبصل والكراث- لأنها تختلف ولا يمكن تقديرها بالحزم .

٢ -  ذكر جنس المسلم فيه ونوعه، وكل وصف يختلف بسببه الثمن اختلافاً ظاهراً.
لما سبق من الأدلة .

٣ - معرفة قدر المسلم فيه ، بكيل إذا مكيلاً أو بوزن إذا كان موزناً، ولا يصح في الكيل بالوزن ولا العكس في المذهب عند الحنابلة ، والصحيح الجواز ، لأن التساوي ليس بشرط إلا في الأموال التي يجري فيها الربا إذا كان من جنس واحد .
ودليل هذا الشرط حديث ابن عباس مرفوعاً( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ...).

٤ - إذا كان في عقد السلم أجلاً، فلا بد أن يكون الأجل معلوماً، للحديث السابق ، وفيه ( إلى أجل معلوم ).
فأخذ  الجمهور من هذا الحديث أن السلم لا بد فيه من أجل ، ويكون الأجل معلوماً .
وذهب الشافعية إلى أنه إذا كان هناك أجل فليكن الأجل معلوماً، كما أن الشيء إذا كان موزوناً فليكن الوزن معلوماً، وإذا كلن مكيلاً فليكن الكيل معلوماً، ولا يجتمع في المسلم فيه كيل ووزن، وذلك أن الكيل حجم، والوزن ثقل .
ولإن النص يحتمل الاحتمالين السابقين فيحمل عَلِيهما جميعاً.
لأن اللفظ الذي يحتمل احتمالين غير متعارضين بحسب وضع واحد ، يحمل على جميع تلك الاحتمالات الراجحة أو المساوية- كما تقدم في القواعد - .
وعلى هذا فإن السلم الحال لا بأس فيه، وهو السلم الذي لم يذكر فيه الأجل، شريطة أن يسلم المسلم فيه في مجلس العقد.
فإذا قال له : ادفع إليك ألف ريال الآن في مجلس العقد،  على أن توفر لي جوالاً صفته كذا وكذا بصفات منضبطه، ولم يذكر أجلاً، ثم أخرج له جوالاً من الطاولة أو اتصل على مندوب ليوفر ذلك الجوال قبل أن يتفرق طرفي العقد من المجلس بتلك الصفات المنضبطة صح العقد.
لأنه إذا كان السلم المؤجل جائزاً، فالسلم الحال أجوز، فبيع السلم : بيع صفات. 
وبيع ما ليس عندك بيع أعيان. وذلك بأن يبيع الإنسان ما لا يملكه ثم يسعى في تحصيله وتملكه وبيعه للمشتري.

@ وليس هذا من بيع العين بالصفة ، فإذا كنت مالك للعين ثم بعتها بالوصف المنضبط الذي لا يختلف به الثمن أو الرغبة في الشيء، كان ذلك جائزاً.
وأما إذا بعت تلك العين الغائبة بلا وصف فقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فذهب الحنفية إلى جوازه، وللمشتري الخيار بالرؤية.
وذهب المالكية : أن للمشتري الخيار إذا شرط.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى المنع، لما فيه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر.
والذي يظهر ان بيع العين الغائبة المملوكة للشخص من غير وصف منضبط منهي عنه، فإذا وقع فصاحب الحق بالخيار بين الإمضاء والفسخ بعد الرؤية ، لأن النهي عن الغرر في المعاملات لحق المخلوق، إذا أسقطها سقط.
وسبق في القواعد : النهي هل يقتضي الفساد، وسبق تحقيق القول فيه .

٥ - أن يوجد المسلم فيه غالباً في مَحِله- وقت حلوله - كالسلم في أن يصنع له مليون جوال بصفة منضبطه في وقت لا يتأتى فيه ذلك يقيناً أو غلبة ظن .
لأن اليقين أو غلبة الظن عدم قدرته على الوفاء حسب الشرط، وفِي الحديث ( المؤمنون على شروطهم )
والذي يظهر لي والعلم عند الله تعالى أن هذا ليس بشرط ، لأن السلم نوع من أنواع الديون، ولا يشترط في صحة الدين اليقين أو غلبة الظن على القدرة على الوفاءعند حلول الأجل .
وإنما الواجب النية الحسنة في سداد الدين لا الأخذ بنية الإتلاف.
والقياس يقتضيه، كما أن دين الثمن لا يشترط فيه الشرط، فكذا دين المثمن .
فإن أعسر المدين في السلم فغريمه بالخيار بين الفسخ بعدم الوفاء بالشرط، سواء كان الفسخ في الكل أو الفسخ في البعض إن لم يترتب على ذلك فوات نفع أو حصول ضرر، وبين الصبر لقوله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ).

٦ - أن يقبض المسلم إليه الثمن كاملاً في مجلس العقد.
لقوله صلى الله عليهزوسلم ( من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم ..)
فليسلف: أي فاليقدم ، فليعط .
ولأنه إذا لم يقدم الثمن كاملاً في بيع السلم ، كان من بيع الكاليء بالكاليء ، الذي انعقد الإجماع على عدم جوازه فيما إذا كان رأس مال لسلم، أو من الأموال التي يجري فيها الربا - كما حكاه شيخ الإسلام -.
ولأن العلماء أجمعوا على  اشتراط تقديم الثمن كاملاً  في مجلس العقد إذا كان بيع سلم ، إلا أن المالكية رخصوا في اليوم أو اليومين أو الثلاثة من باب التيسير والتسهيل .
وأن قدم بعض الثمن في مجلس العقد وأخر الباقي، فقيل : لا يصح مطلقاً، لان العقد عقد واحد، فإذا بطل في البعض بطل في الكل.
والقول الآخر وهو الأقرب : يصح بقسطه من الثمن ما لم يترتب على ذلك فوات لنفع أو حصول ضرر بتفريق الصفقة.
وذلك لأن إعمال الكلام أولى من إهماله، فما انعقد على الصفة الشرعية صح، وما لا فلا .

٧ - أن يسلم في الذمة لا في عين .
فإذا قال ادفع لك مائة ألف ريال الآن في مجلس العقد ، على أن تدفع لي هذه العين - عمارة أو سلعة أو نحوهما - بعد سنة . لا يصح على المذهب عند الحنابلة .
لأنه ما دام المسلم فيه معيناً فلا حاجة إلى السلم . 
ولأنها ربما تلفت قبل أوان تسليمها.
والصحيح : أنه لا يعتبر من السلم، ولكنه يعتبر بيعاً، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
فإذا وقعت صورة عقد تخالف صورة عقد شرعي معين- كالسلم - وتصح على صورة عقد شرعي آخر- كالبيع المطلق -، صح العقد، لأنه لا أثر فقهي بين الصورتين وإن اختلفت الكيفية بجامع الصحة في كل.
وتبقى هذه العين عند المسلم إليه حتى يحل أجلها ، لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه).
فإن تلفت العين رجع عليه بقسطه من الثمن- الذي وقع عليه العقد ، لا قيمته التي في السوق - إن كان التلف جزئياً ، وإن كان كلياً رجع عليه بالثمن .
@ وهل يجوز بيع المسلم فيه لمن هو عليه أوغيره:
منع ذلك الحنابلة وجمع من أهل العلم :
١ - لحديث : نهى عن بيع الطعام قبل قبضه .
والجواب : أن هذا الحديث في بيع الأعيان ، وأما بيع الدين على غير من هو عليه ، فهو بيع لما في الذمة ، وهو من عقود الاستيفاء.
والقاعدة : يُغتفر في القضاء من المعاوضة ما لا يُغتفر ابتداء- وقد سبقت بأدلتها في القواعد الفقهية والأصولية - 
٢ - ولحديث( من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره ) .
والجواب : أنه حديث ضعيف، والضعيف لا يحتج به في الأحكام الشرعية .
٣ - ولأنه إذا باعه بجنس الثمن فإنه يكون حيلة إلى بيع الدراهم بالدراهم بإدخال سلعة بينهما .
والجواب: يشترط عند من أجاز ذلك أن لا يربح فيه فأنتفت تلك الحيلة .

والقول الثاني : يجوز يجوز بيع المسلم فيه على من هو عليه وغيره ، وهو اختيار شيخ الإسلام بشروط :
١ - أن لا يربح البائع فيه ، لحديث( نهى عن ربح ما لم يضمن ) لأن المسلم فيه عند غيره فالضمان على من هو عليه، فلا يجوز للبائع أن يربح فيه .
٢ - أن يحصل التقابض في مجلس العقد قبل التفرق فيما إذا بيع بمال يجري بينهما ربا النسئية، لئلا يقعا في الربا.
٣ - أن لا يجعله رأس مال لسلم آخر.
لأنه إذا فعل ذلك ، ربح فيه غالباً فيكون ربح فيما لم يضمن ، ولأنه حينئذ يكون من بيع دين بدين من  بيع الكاليء بالكاليء المنهي عنه.وفي بيع السلم : بيع النقد لمن هو في ذمته بغيره من غير ربح.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت