إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 29 سبتمبر 2018

حليب الإبل ينقض الوضوء عند الحنابلة في غير المشهور من مذهبهم/لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حليب الإبل ينقض الوضوء عند الحنابلة في غير المشهور من مذهبهم ، وهو الأقرب، وذلك للأدلة التالية : - 

١ -  حديث البراء  بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً( توضأوا من لحوم الإبل وألبانها ) قال ابن تيمية في العمدة : رواه الشالنجي بسند جيد . -الشالنجي؛ هو: إسماعيل بن سعيد أبو اسحاق الشالنجي الجرجاني الطبري الكسائي، (ت: 230 هــ) - .
وهو من أعيان أصحاب الإمام أحمد، وله مسائل جليلة عن الإمام أحمد.
@ روى ابن ماجه  : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، وَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ،
قال ابن حجر في تهذيبه في ترجمة خالد بن يزيد  ( قرأت بخط الذهبى : فيه جهالة ، لأنه لم يرو عنه غير بقية . ) 
فلم يرو عنه الا راو واحد بقية بن الوليد  , وروى له ابن ماجه هذا الحديث الفرد
وروي عن ابن عمر موقوفا عليه وهو أشبه , كما نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل  ((...حدثني عطاء بن السائب الثقفي أنه سمع محارب بن دثار، يذكر عن ابن عمر بنحو هذا ولم يرفعه، قال وهو أشبه موقوف)) انتهى
ومال  ابن تيمية في العمدة أن هذا الحديث حسن واكتفى بدفع الضعف عنه بتوثيق بقية , قال  (وَأَمَّا بَقِيَّةُ فَثِقَةٌ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ جَلِيلٌ، إِلَّا أَنَّهُ يُدَلِّسُ عَنْ رِجَالٍ مَجْهُولِينَ)) انتهى 
لكن هنا عنعن وأيضاً  شيخه مجهول .

وروى أيضا هو وأحمد ....عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَبْدِ للَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَكَانَ ثِقَةً، وَكَانَ الْحَكَمُ يَأْخُذُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ، وَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ"))
وحجاج بن أرطأة فيه كلام وهو مدلس , وابن أبي ليلى لم يدرك أسيداً. 
وهذا الحديث خطأ والصحيح أنه من رواية البراء بن عازب , قال البوصيري في مصباح الزجاجة 
((هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف لضعف حجاج بن أَرْطَاة وتدليسه لَا سِيمَا وَقد خَالف غَيره وَالْمَحْفُوظ فِي هَذَا الحَدِيث الْأَعْمَش عَن عبد الله الرَّازِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْبَراء وَقيل عَن ابْن أبي ليلى عَن ذِي الْغرَّة وَقيل غير ذَلِك رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث الْبَراء)) انتهى
وحديث البراء صحيح وليس فيه ذكر اللبن وكذلك حديث جابربن سمرة عند مسلم .
وعلى هذا يكون الحديث ضعيفاً، ولفظة اللبن فيه شاذة، لمخالفة المقبول لمن هو أولى منه، فإن كان ضعيفاً خالف ثقة فإن حديثه منكر .

وعلى فرض ضعفه ، فإن بقية الأدلة تدل عليه.
والقاعدة : عدم الدليل المعين، لا يستلزم عدم المدلول المعين.

٢ -  قال تعالى ( قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتتة أو  دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فأنه رجس أو فسقاً أهل  لغير الله به...)
فنص على لحم الخنزير، فهل يعني أن لبنه حلال، كلا،  فهو نظير ( توضأوا من لحوم الإبل ) ولبنها له ذات الحكم، كلبن الخنزير له حكم لحمه .
فأن قيل : القياس على الخنزير فيه نظر لأن الخنزير ورد في سياق النهي ولحم الإبل ورد في سياق الأمر.
وما ورد في سياق النهي فيغلب فيه جانب الحظر.
وما ورد في سياق الأمر يغلب فيه جانب اليسر والاقتصار على أدنى ما يصدق فيه امتثال الأمر.
وهذا معهود في أحكام الشرع لمن تأمل.

فالجواب : أن الفرق بين النهي والأمر معروف من حيث إفادة العموم كما في النكرة في سياق النفي أو النهي. 
والأمر لا عموم فيه بل يفيد الإطلاق .
والقاعدة : المطلق يصح على أقل ما يتناوله اللفظ.
ولا علاقة له ههنا ، وإنما المراد، أن المنصوص عليه في النصين: هو اللحم، فلما أدخلنا اللبن في أحدهما دون الآخر .

@ فإن فيل :  الحاق حكم وجوب الوضوء بحكم  التحريم , يشكل عليه :  لبن المرأة حلال ولحمها حرام , فلا يصح القياس على حرمة اللبن في الخنزير لأجل حرمه لحمه , مع أن هذا التعليل في اثبات حكم الأكل أو الشرب لا حكم الطهارة , والأصل أن الوضوء صحيح فلا يخرج عن هذا الأصل الا بنص , فنص النبي عليه السلام على الوضوء من أكل اللحم , فيتوقف فيما عدا ذلك
والجواب  عنه من أوجه :
1- أن اللبن تبع للحم، وقد اتفقت المذاهب الأربعة على ذلك.
ولا يعترض عليه بلبن الآدمية لبنها حلال، لأن تحريم لحمه لا يرجع للاستخباث، ولبنها طاهر ، ولحمها طاهر ( المؤمن لا ينجس ).

ب -  إن هذا من ذكر البعض وإرادة الكل .
وهو أسلوب فصيح من أساليب العرب .
فلما نص على حرمة لحم الخنزير وأراد تحريم جميع أجزائه، فليكن لحم الإبل كذلك.
فهذا ليس قياساً بل بطريق دلائل الخطاب اللغوي.
ج - إن الأصل : هو أضعف الأدلة ، فإن لم يكن هناك دليل رجعنا للأصل.
د - أن الأصل في الأحكام التعليل، وهذا ما عليه جمهور الأصوليون، وقد أوضحناه في القواعد.

٣ - قال تعالى ( من بين فَرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين )
واللبن هو خلاصة اللحم، فيأخذ حكمه ، بجامع الغذاء في كل .
فأن قيل : لا نسلم بأن اللين متولد من اللحم .

فالجواب : أن الجلالة: وهي بهيمة الأنعام التي تأكل النجاسات، نهينا عن أكلها إذا ظهر أثر النجاسة في لبنها أو لحمها، فالمطعوم الذي تأكل منه البهيمة يكون أثره ظاهراً  فيها ، فكيف لا يكون اللحم لذلك الحيوان لا أثر له في لبن تلك البهيمة.
وعلى فرض عدم التسليم ، فالمرجع في هذا الشأن لأهل الاختصاص والخبرة .

٤ - قياساً على المرق : فالمرق يحتوي على خلاصة اللحم وما طبخ معه، وهو لا يسمى لحماً ولكن له حكمه، 
فإن قيل :  القياس على المرق لا يتضح الاحتجاج به لأن مشهور مذهب الحنابلة على عدم النقض بالمرق.
فالجواب : أن المشهور في مذهب أحمد هو عدم النقض بحليب الإبل، وعدم النقض بمرقها.
ولكن من يقول من الحنابلة  بالنقض من المرق، يلزم منه النقض بالحليب.

فإن قيل : المرق اختلط باللحم ويكتسب شوائب منه ...بخلاف اللبن ، وكان عليه الصلاة والسلام يتمضمض بعد شربه ويقول إن له دسما ولم يذكر الوضوء .
فالجواب : لا إشكال في استحباب من المضمضة من اللبن مطلقاً، ولكن الإشكال في كونه ناقضاً للوضوء ، وكون المرق اختلط باللحم وأكتسب شيئاً من شوائبه، لا يعني أن اللبن لم يستخلص من اللحم وغيره من غذاء الجسد، ومن ثم أن القياس كونه ناقضاً مع أنه ليس لحماً.

٥ - القياس يقتضيه : فالمعنى الموجود في اللحم موجود في المرق ، والأصل في الأحكام التعليل .

@  والرواية المشهورة في مذهب الحنابلة : أن لبن الإبل لا يأخذ حكم لحمها في نقض الوضوء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، سٌئل: أنتوضأ من لحوم الإبل ، قال : نعم .
فنص على اللحم، واللبن ليس لحماً.
والجواب : أن المنصوص عليه، وما كان بمعناه حكمهما واحد .
والشارع قد ينص على شيء ويترك ما كان بمعناه، ليأتي المجتهد ويبحث عن العلة ثم يقيس عليها غيرها ، وهو ما يسمى ىبتخريج المناط عند الأصوليين . وهو من مسالك البحث عن العلة .

@ فإن قيل : في حديث العرنيين الذين استوخموا المدينة : أمرهم صلى الله عليه وسلم : أن يشربوا من ألبانها وأبوالها .
ولم يرد أنه صلى الله عليه وسلم امرهم بالوضوء، والقاعدة : تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أ - القاعدة : عدم النقل ، ليس نقلاً للعدم .
ب - أن هذا من تأخير البيان عن وقت الخطاب ، وهذا جائز، وليس من تاخير البيان عن وقت الحاجة .
ج -  أن هذا قد يكون معلوماً عندهم ، فلا حاجة لذكره، كما لا حاجة لذكر نواقض الوضوء كلها لهم ، ولا يعني عدم ذكر الناقص في القضية أو الحادثة أنه ليس بناقض.

@ وعلى كل : القول بنقض الوضوء من حليب الإبل ، ليس بدعاً من القول، وقد قال به أئمة، ولا ينكر الخلاف في ذلك إلا من جهل ما عرفه غيره.
والخلاف  عند الحنابلة  ، أما الجمهور فلا يرون أكل لحم الإبل ناقضاً، والعلة عندهم : الوضوء مما مست النار، وقد نسخ، وكان آخرين الأمرين : ترك الوضوء مما مست النار .
والقول : بعدم النسخ في نقض الوضوء من أكل لحوم الإبل، وهو الأرجح، إذ العلة : كون لحوم الإبل تنقض الوضوء: هي كونها لحوم إبل، وهل يلحق به ألبانها- سبق -.
والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت