حكم: التصرف في الودائع ونحوها:
من
استودع أحداً وديعة، هل للمستودع أن
يستخدمها بغير إذن المودع:
*
ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز استخدام الوديعة أو الانتفاع بها إلا في حدود ما
أذن فيه الشارع، وذلك لمصلحة الوديعة أو الرهن أو اللقطة، أو كل ما فيه نفع للمقبوض.
*
وقد أستدلوا على ما ذهبوا إليه، بقوله تعالى: { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا }
[سورة النساء:58]. والتصرف فيها بغير إذن من الشارع أو إذن من المالك خيانة.
وفِي
الحديث: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"
مع
أن الحديث في صحته نظر.
*
وما كان بإذن من الشارع حديث: "الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب
بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة" فهذه فيها معاوضة بمقدار
الركوب والشرب، وذلك لمنفعة المقبوض.
*
وذهب جمع من الفقهاء إلى جواز التصرف في تلك الودائع وما شابهها، مما لا ضرر على
صاحب الحق في حقه.
ويكون
ضامناً عند تصرفه بلا إذن من الشارع أو المالك، لحديث: "الخراج بالضمان".
والقاعدة: الخراج بالضمان فيما اتفق ملكاً ويداً.
مع
كراهة بعضهم لذلك حتى لا يكون وسيلة لضياع حق المودعين.
ويستدل
لهم بذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره".
والقاعدة: كل ما فيه نفع لأخيك، ولا ضرر عليك في ، فلا يجوز منعه منه.- كما سبقت فيالقواعد -.
ولقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
ولقوله
تعالى: {
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ }
[سورة الماعون:7].
الراجح:
في نظري والعلم عندالله تعالى:
الجواز
شريطة أن لا يترتب على ذلك ضرر على أهل الودائع.
فإذا
غلب على الظن حصول الضرر، وتفليس المتصرف، أو غير ذلك من المفاسد، كان حراماً؛ لأن
الوسائل لها أحكام المقاصد.
والقاعدة: من غلب على ظنه وقوع المحرم في تصرفه، كان تصرف حراماً، وما لا فلا.
فإذا
تصرف في الوديعة تصرفاً محرماً يغلب على الظن حصول الضرر على صاحبها -والعبرة
بالعرف في غلبة حصول الضرر من عدمه- يكون الخراج بين المودع والذي استودع مضاربة
بسهم المثل أو أجرة المثل حسب العرف،
على
الأرجح، والمسألة فيها أربعة أقوال، ليس هذا مجال ذكرها.
كتبه/
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق