قاعدة: قول الصحابي ليس بحجة في الأحكام الشرعية.
وهو قول الشافعي في الجديد، وهو قول عامة المتكلمين، واختاره أبو الخطاب.
وذلك للأدلة التالية:
١- أن العلماء أجمعوا على أن قول الصحابي، ليس بحجة على صحابي آخر، فلا يكون حجة علينا لأننا جميعاً مخاطبون بالتشريع.
٢- ولقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ولو كانت أقوال الصحابة حجة، لحفظت كحفظ الكتاب والسنة.
ولخصص بها العام من الكتاب والسنة، وحصل بها التقييد.
٣- ولأن الصحابة غير معصومين من الخطأ، ويجوز عليهم الاختلاف، ويمكن منهم الغلط، فلا يحتج بقولهم وفعلهم.
٤- أنه لا يعرف عن صحابي جليل يقول لغيره من الصحابة أو التابعين، قولي عليكم حجة، وكم اختلف عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع عمر وغيره من الصحابة في مسائل، ولم يقل قولي عليكم حجة.
* وذهب بعض الحنفية، وحكي عن مالك، والشافعي في القديم، إلى أنه حجة في الأحكام الشرعية.
للأدلة التالية:
١- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ...).
والجواب من وجهين:
أ- أنه لا يستدل بالأخص على الأعم، فهو حجة عليكم، إذ أن مفهومه أن غير الخلفاء الراشدين، قولهم ليس بحجة.
ب- فرق بين قول الصحابي المجرد، وبين السنة التي سنها وأظهرها باعتبار السياسة الشرعية الغير مختلفة للكتاب والسنة، واتبعه الناس عليها، وبين قوله المجرد الذي قد يكون صادر عن اجتهاد قابل للخطأ والصواب، أو لعدم معرفته للدليل، أو لغير ذلك من الأسباب.
٢- ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر، وعمر).
والجواب عنه: كما سبق.
وأيضاً: أن كون الإنسان قدوة لا يعني أن قوله حجة.
٣- حديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم اهتديتم) .
والجواب: أنه ضعيف لا تقوم به حجة.
٤- أن الصحابة عدول، وعاصروا التشريع، وأعلم الناس باللغة، وبالمراد من الكتاب والسنة، ولهم من رتبة الصحبة ما ليست لغيرهم.
والجواب: أنه لا يشك مسلم عاقل في علمهم وفضلهم ورتبة الصحبة التي امتازوا بها عن غيرهم، وسلامة لسانهم، وكل ذلك لا يعني أن أقوالهم حجة على غيرهم.
فمهما بلغ الإنسان من الديانة والعلم والفهم والرتبة التي تميز بها عن غيره، لا نعتبر قوله حجة إلا بدليل.
وذهب جمع من العلماء إلى أن قول الخليفة الراشد حجة، وذهب آخرون إلى حجية قول أبي بكر وعمر فقط.
وقد سبق الجواب عليهما.
تنبيه:
١- إذا قال الصحابي قولاً لا مجال للاجتهاد فيه، وكان غير معروف بالأخذ عن أهل الكتاب، يكون قوله له حكم الرفع.
مثل: أن يقول الصحابي: للشهيد من الحور العين، اثنتان وسبعون حورية.
وذلك فيما صح سنده إليه.
٢- أن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعلم له مخالف في عصره، واشترط بعضم انتشاره بين الصحابة، فله حكم الإجماع السكوتي -وقد سبق بيان عدم حجيته-.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق