الفرق بين الرياء والعجب:
الرياء: أن يعمل الرجل العمل الصالح ليراه الناس. والتسميع: أن يعمل العمل الصالح ليسمع به الناس. -في سبيل الحصول على إعجاب الناس بالرؤية فيكون الرياء، أو السمعة فيكون التسميع-.
والعجب: هو الزهو بالنفس، واستعظام الأعمال والركون إليها، وإضافتها إلى النفس مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى.
-فهو بأن ينظر الإنسان لنفسه بعين الإعجاب لصلاحه أو عبادته-.
والعجب: من باب إشراك النفس -لا غيره من الخلق- بالله تعالى.
والرياء: من باب إشراك الخلق -لا النفس- بالله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وكثيراً ما يقرن الرياء بالعجب، فالرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس، وهذا حال المستكبر؛ فالمرائي لا يحقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، والمعجب لا يحقق قوله: {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فمن حقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ } خرج عن الرياء، ومن حقق قوله: {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} خرج عن الإعجاب".
فإذا اقترن مع العجب احتقار للغير من الخلق أو رد للحق كان من الكبر.
* الأدلة على تحريم العجب:
١- قال تعالى: ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
فالعجب كما يكون مع المخلوق، يكون أيضاً مع الخالق سبحانه، فالعجب بالطاعات نتيجة استعظامها فكأنه يمنّ على الله تعالى بفعلها، وينسى نعمته عليه بتوفيقه لها، ويعمى عن آفاتها المفسدة لها.
٢- قال تعالى عن إبليس: (أأسجد لمن خلقت طيناً) (أرأيتك هذا الذي كرمت علي ...).
فهذا إبليس أعجب بأصله وعبادته، ودفعه ذلك إلى الكبر وعصيان أمر الرب تعالى بالسجود لآدم عليه السلام، وأوصله ذلك إلى الكفر والخروج من الملة.
٣- روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي في حلةٍ تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة».
وهذا يدل على أن العجب من كبائر الذنوب، ما لم يصل به الأمر إلى الكفر والخروج من الدين.
٤- قال الله تعالى: ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا ) ذكر ذلك في معرض الإنكار.
٥- وقال عز وجل: ( وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)، فرد على الكفار في إعجابهم حصونهم وشوكتهم. وقال تعالى: ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
فقد يعجب الإنسان بعمله الذي هو مخطيء فيه، كما يعجب بعمله الذي هو مصيب فيه.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق