حكم قول: فلان شهيد لمن قتل في أرض المعركة بين أهل الحق والباطل:
روى مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلا إني رأيته في النار في بردة غلها)، أي: في عباءة أخفاها من الغنيمة قبل قسمتها.
١- ففي هذا الحديث دليل على إطلاق كلمة شهيد لمن كان شهيد المعركة بين أهل الحق والباطل. حيث أقرهم على هذا اللفظ في الرجل الأول والثاني...، حتى أطلقوا هذا اللفظ على من لا يستحقه.
٢- فيه دليل على قاعدة: نعامل الناس معاملة الظاهر، ونكل سرائرهم إلى الله تعالى.
٣- وفيه دليل: العمل بالأصل ما لم يخالف ما نعلمه من غيره، ولهذا يقدم الظاهر على الأصل -كما هو موضح في كتابنا القواعد-.
٤- وفيه دليل على قاعدة: يجوز ذكر الرجل بما فيه للحاجة -وقد سبقت في القواعد-.
٥- وفيه دليل على أن من علم في الرجل بخلاف ما ذكر فيه، فلا بأس ببيانه إذا ترتب على ذلك مصلحة.
٦- وفيه دليل على عدم مشروعية التدليس على الأشخاص بما ليس فيهم.
٧- وفيه التنبيه على عدم مدح الإنسان بما ليس فيه.
وكل مدح تكون مفسدته أكثر من مصلحته، فهو غير مشروع -وقد تقدم حكم مدح الإنسان بما فيه- وأنه مشروع ما لم يترتب عليه مفسدة مساوية أو أعلى منه.
٨- وفيه دليل على قاعدة: أن الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه، وانتفاء موانعه.
٩- من موانع الحصول على الشهادة: الغلول.
١٠- أن الغلول من كبائر الذنوب، فقد روى مسلم في صحيحه من طريق عدي بن عميرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطاً فما فوقه، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة، فقام إليه رجل أسود من الأنصار، كأني أنظر إليه، فقال: يارسول الله اقبل عني عملك، قال: (ومالك؟) قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال: (وأنا أقوله الآن: من استعملناه على عمل فليجيء بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ، وما نهي عنه انتهى).
والله نعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق