حكم قول: أنت علي حرام حرمة أمي علي إن فعلت كذا ففعلت:
وقع ظهاراً، للأسباب التالية:
١- لا عبرة بالدلالة في مقابلة النص.
فهو لما حرم بين وجه التحريم، وهو الظهار، والصريح لا يحتاج إلى نية.
٢- ولأن الظهار المعلق كالظهار المنجز،
فلو قال: أنت علي كحرمة أمي علي، فهو ظهار، فكذا لو علق فعلها لشيء أنها عليه كتحريم أمه عليه، فهو ظهار.
٣- أن تحريم الزوجة كتحريم الأم، منكراً من القول وزورا، قال تعالى: (وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً) وحكم المعلق منه كالمنجز، في كونه منكراً وزوراً، وكفارتهما واحدة.
٤- فرق بين مجرد التحريم: فهو لفظ يحتمل وجوهاً، فيرجع إلى نية المحرم، فإن قصد اليمين فهي يمين، وإن قصد الطلاق فهو طلاق، وإن قصد الظهار فهو ظهار. وبين التحريم الذي بين مراده في لفظه: حرمة أمي علي، فهو لفظ لا يحتمل ألا الظهار.
٥- القياس على الطلاق المعلق، حتى وإن قصد الحث أو التصديق أو التكذيب أو المنع، وقع طلاقاً عند جماهير أهل العلم، ولم يقع يميناً، لأن المعلق كالمنجز -وقد سبق بيانه في حكم الطلاق المعلق-.
٦- ولأن من قال لزوجته: أنت طالق، وقال: لم أقصد إيقاع الطلاق عليها، بل أقصد تهديدها، أو بيان ما يحصل لها من تغير عند سماعها لفظ الطلاق، ولم أقصد وقوع الطلاق عليها، وقع طلاقه.
لأن لفظ الطلاق جعله الشارع لك، وما يترتب عليه من أحكام ليست للمكلف وإنما للشارع، فيقع الطلاق.
٧- ولأن نفي ما يترتب على لفظه الصريح من حكم شرعي، لمخالفة نيته، من التلاعب بشرع الله تعالى، حيث ينفي الحكم الشرعي عن اللفظ الصريح، لأن المكلف لم ينو وقوع الطلاق بالطلاق الصريح، ولا وقوع الظهار بالظهار الصريح. فيشترطون نية ما يترتب على اللفظ من حكم ما لا يشترطه الشارع، فترتب الأحكام على الأفعال والأقوال هذه من قبل الشارع لا من قبل المكلف.
وفي حديث ركانه لما طلق زوجته ثلاثاً متتالية، قال صلى الله عليه وسلم: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم).
٨- فرق بين الجهل بالحكم فيعذر به الإنسان، وجهل ما يترتب على الحكم الشرعي.
فمثلاً لو أن رجلاً حديث عهد بإسلام صام رمضان، وجامع زوجته في نهار رمضان جاهلاً بالحكم الشرعي، صح صومه، وأما من جامع في نهار رمضان وهو يعرف التحريم، ويجهل الكفارة المغلظة، ولو علم بها لما جامع، فإن الكفارة المغلظة تجب عليه.
وعلى هذا تتقرر قاعدة؛ كل من أطلق لفظاً وقصد معناه، وقع سواء قصد ما يترتب عليه شرعاً أو لم يقصد.
والله تعالى أعلم.
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق