حكم الاقتصار على التكبير فقط عند الذبح:
-------
فمثلاً: إذا قال الذابح عند ذبح الذبيحة: الله أكبر، أو سبحان الله، أو لا إله إلا الله، ولم يقل بسم الله، هل يجزيء ذلك عن التسمية: وهي قول بسم الله؟
يجوز الاقتصار على ما فيه ذكر الله تعالى عند الذبح وإن لم يكن بقول: بسم الله، مع أن التسمية هي الأفضل والأتم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح: سمى، وفي الحديث الآخر: سمى وكبر.
ومما يدل على جواز الاقتصار بما فيه ذكر الله تعالى ولو بغير التسمية، قوله صلى الله عليه وسلم: (كل ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل) ولم يقل: وقلت: بسم الله.
مما يدل على مشروعية أي اسم لله تعالى عند الذبح.
وكذا ما روى البخاري ومسلم حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم ياكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله، وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل).
الشاهد: فاذكر اسم الله، ولم يقل: قل: بسم الله. وقال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه). فذكر أي اسم لله تعالى عند الذيح يصح الذبح به -وهو قول الحنفية والمالكية-.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح: بسم الله، هو ذكر لله تعالى، بهذا الذكر، ولا يعني عدم جواز غيره من ذكر الله تعالى عند الذبح.
والقاعدة: أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم.
خلافاً للحنابلة حيث نصوا على تعيين قول: بسم الله، عند الذبح، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد سبق الجواب عليه.
فإن قيل: ألا تعتبر التسمية عند الذبح من التعبد لله تعالى التي يشترط فيها ذكر معين، كتكبيرة الإحرام في الصلاة.
فالجواب: نحن نتعبد لله بما أمر، وقد أمر بذكر الله تعالى عند الذبح، ومن ذكر الله تعالى عند الذبح: سبحان الله، والحمدلله، والله أكبر.
وكون النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر: بسم الله عند الذبح، هو نوع من أنواع الذكر، فلا ينفي جواز غير هذه الصيغة من الذكر.
والمراد: هو أن الذبح يكون على ذكر الله، ولا تكن على ذكر غيره من المخلوقين، فذكر الله بأي صيغة عند الذبح ينفي عنها الخبث المعنوي، وخروج الدم ينفي عنها الخبث الحسي (كل ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل).
وعلى فرض تعارض اللفظ والمعنى ههنا -مع أنه غير وارد أصلاً- قدم المعنى إذا ظهر، وإن لم يظهر فاتباع اللفظ أولى.
مع أن اللفظ يشترط الذكر أيضاً وقد وجد.
ولم يرد: لا تقولوا إلا بسم الله عند الذبح حتى يحصل التخصيص.
* وقول الذابح: بسم الله، الباء للمصاحبة، أو للاستعانة، والاستعانة تكون بالله تعالى لا باسمه، لأن المراد ذكر اسم الكريم باللسان، كما قال تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى)، أي سبحه ناطقاً باسم ربك، متكلماً به، فالمراد التبرك بالابتداء بذكر اسمه تعالى.
وليس الاسم نفس المسمى -كما زعم بعضهم-، فإن الاسم هو اللفظ الدال، والمسمى هو المعنى المدلول عليه بذلك الاسم.
وليس هو كذلك نفس التسمية: فإنها فعل المسمي، يقال: سميت ولدي نجماً، على سبيل المثال.
فإن قيل: وهل يجوز أن كل ما تشرع فيه التسمية أن يقال المراد ذكر الله، سواء كان عند الوضوء أو كان عند الجماع أو نحو ذلك.
فالجواب: أن كل ما يتعبد لله بلفظه، كالأذكار المتعبد لله بلفظها فهذه بالاتفاق لا يشرع فيها بالتغيير، وأما ما يكون المراد به هو إيجاد ذكر الله فإنه يجزيء بكل اسم لله تعالى.
وما احتمل الأمريين نظر فيه للمعنى فإن كان ظاهراً أجزأ وإلا فلا.
لأنه إذا تعارض اللفظ والمعنى قدم المعنى إذا ظهر، وإلا فإتباع اللفظ أولى.
وبهذا يترجح ما ذهب إليه الجمهور خلافاً للحنابلة، والعلم عند الله تعالى.
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق