قاعدة: لا ينسب فعل الناسي إليه.
فرق بين التعليق على مجرد الفعل، والتعليق على الفعل الاختياري:
-----
لأنه وقع منه بغير اختياره.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل أوشرب في نهار رمضان فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه).
حيث نسب ما حصل من فعله من الأكل والشرب في نهار رمضان نسيانا منه، نسب ذلك الفعل إلى الله تعالى لا إلى الناسي.
والقاعدة في النسيان: الموجود ينزل منزلة المعدوم، والمعدوم لا ينزل منزلة الموجود.
للحديث السابق في الموجود.
وأما المعدوم لقوله تعالى: (أقم الصلاة لذكري) أي إذا نسيت الصلاة ثم ذكرتها فصلها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
وعلى هذا من وقع طلاقه بغير اختيار منه، لم يقع طلاقه، كمن غضب غضباً لا يشعر فيه ما يقول، ويفقد معه اختيار الامتناع عن الطلاق مع أنه لا يريده.
وكذا لا يقع من علق طلاقه على فعل إذا فعلته زوجته طلقت، فوقع منها نسياناً، كأن يقول: إذا كلمتي زيد فأنت طالق، فوقع منها على سبيل النسيان، لم تطلق، لأنه لم يقع منها على سبيل الاختيار، فلم يقع كالمكره.
ولأن الفعل لا ينسب إليها في حال النسيان، فكان الموجود كالمعدوم.
ولا يقال ذلك من خطاب الوضع: وهو تعليق الحكم على سبب أو شرط أو مانع.
لأن هذا إنما يكون على تعليق الحكم على مجرد الفعل المحض: كأن يقول: إذا غربت الشمس فأنت طالق. أما ههنا فالمراد تعليقه على فعلها الاختياري، لا مجرد الفعل، والفرق بينهما عظيم، ومع النسيان ليس الفعل اختيارياً، ولا ينسب إليها فوجوده كعدمه. ففرق بين التعليق على مجرد الفعل، والتعليق على الفعل الاختياري، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى) وهو ناو لتعليق الحكم على الفعل الاختياري لا مجرد الفعل.
ويعرف ذلك بالقرائن أو النية أو التصريح أو غير ذلك.
ولا يدخل ذلك فيما يتعلق بحقوق المخلوقين، فإنها لا تسقط بالخطأ والجهل والنسيان -كما سبق توضيحه-.
والله تعالى أعلم.
محمد بن سعد الهليل / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق