حكم رفع الصوت بالذكر في أدبار الصلوات المكتوبة:
------
قال ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: (كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ) رواه البخاري ومسلم.
قال ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: (إنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ) رواه البخاري ومسلم.
* فيه دليل على أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة،
ورفع الصوت بالذكر، لا يقيد بالتكبير، لأن القاعدة: أحد أفراد العام لا يخصص به الحكم إذا كان موافقاً له في الحكم.
والتكبير أحد أفراد الذكر.
وفيه دليل على مشروعية ذكرالله تعالى بعد الفرائض، ولا يخصص ذلك بالذكر الوارد في الآحاديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الذكر، للقاعدة السابقة، ولكن ما ورد من ذكره صلى الله عليه وسلم في أدبار الصلوات هو الأفضل، فمن ذكر الله ذكراً مشروعاً غير ما ورد لم يفعل بدعة، وإنما أتى أو حافظ بما لم ينقل من الأذكار في أدبار الصلوات، ولكن مشروعية الذكر بعد أدبار الصلوات مشروع بما ورد، وبما لم يرد.
* ورفع الصوت بالذكر في أدبار الصلوات مسنون، لفعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس السابق.
وحمل جماعة من أهل العلم هذا الحديث على أنه جهر وقتاً يسيراً حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائماً فيه نظر، لأن ذلك لو كان هو المقصود لذكر، ولو كان مقيداً بوقت يسير لنقل أيضاً.
والقاعدة: ما لا يحتاج إلى إضمار أولى مما يحتاج إلى إضمار.
تنبيه: قوله تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنبوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) النساء: ١٠٣.
ليس فيها دليل على مشروعية ذكر الله عقب كل صلاة، لأن المراد بها صلاة الخوف، فهي كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فأثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون).
والقاعدة: لا يستدل بالأخص على الأعم إلا إذا تحقق معنى الأعم في الأخص.
ولأن ذلك معلل بعلة: وهي كثرة ذكر الله تعالى في المعركة سبب للنصر.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القررى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق