حكم كتابة: ما شاء الله، تبارك الله، على العمائر ونحوها:
-----
إذا كان المقصود من كتابتها أنها بذاتها سبب لدفع العين، فهذه تعتبر تميمة عند كثير من أهل العلم، كمن وضع على ثوبه أو سيارته ذلك من أجل أن تكون سبباً لدفع العين.
علماً أن من أهل العلم من ذهب إلى أن وضع اسم الله تعالى على العمائر ونحوها ليس من التميمة المحرمة، لأن المكتوب كالمقول، فلو ذكر الإنسان ربه، وحصنها بالمقول من الأذكار الواردة، كان ذلك جائزاً، والله عز وجل يقول: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله...).
وقال للرجل الذي أصاب أخاه بالعين: (هلا بَرَّكْتَ عليه).
والقاعدة: المكتوب له حكم المقول، كما في الطلاق والظهار واليمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعلم أو تتكلم) وقد عمل ههنا بالكتابة.
وكذا إذا خاف رجل من إعجاب رجل بشيء فيه، وخشيء من إصابته بالعين، فقال له: برك، أو قل: تبارك الله، كان ذلك جائزاً، ما لم يصل إلى حد الوسوسة والتعلق بالمخلوق، فإن النافع الضار، هو رب العالمين، وكل شيء بقضاء وقدر، مع أن قول ذلك من الأسباب المانعة بإذن الله تعالى من الإصابة بالعين.
* والصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته:
فقالت طائفة: يجوز ذلك وهو قول عبدالله بن عمرو بن العاص وغيره، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أحمد في رواية، وحملوا الحديث على التمائم الشركية، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك. وهو ظاهر اختيار ابن القيم.
* وهذا كله ما إذا كان المقصود من هذه الكتابة: كونها سبب لدفع البلاء أو العين.
وأما إذا كان المقصود بها تذكير الناظر إلى ذكر الله تعالى عند رؤيتها حتى لا يخرج من نفسه ما يضره، أو مجرد ذكر الله تعالى، أو القصد أن من يراها يعلم بأن هذه البناية ونحوها من فضل الله تعالى لا من جده واجتهاده وعمله، فلا بأس ولا تدخل في الخلاف السابق من التميمة بما فيه ذكر لله تعالى.
والخلاصة: أن من كتب على بنايته: ما شاء الله، تبارك الله، لا بأس، ومن لم يفعل واحتاط وتورع، فذاك أفضل، مع وجوب تعلق القلب بالله تعالى وأنه هو الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وقضاء الله لا مرد له، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
وتعليق التمائم بغير ذكر الله تعالى من الشرك الأصغر، ما لم يعتقد أنها تنفع وتضر بنفسها فتصل إلى درجة الشرك الأكبر، قال صلى الله عليه وسلم: "من علق تميمة فقد أشرك". رواه أحمد وصححه الألباني في السلسة الصحيحة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أحمد وصححه الألباني فيالسلسة الصحيحة.
والرقى غير الشرعية، وتعليق ما يعتقد أنه يجلب النفع أو يدفع الضر، يسمى تميمة، وأما التولة: فهو شيء يعلقونه يعتقدون أنه يحبب الزوج على زوجته، وكل هذا من الشرك الذي وقع فيه الجاهليون في جاهليتهم.
والله تعالى أعلم.
تنبيه: قال القاضي عياض في ترتيب المدارك: في ترجمة الامام مالك رحمه الله
((قال عتيق بن يعقوب: كان على باب مالك مكتوب: ما شاء الله فقيل له في ذلك فقال: قال الله: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله) ... الآية.
والجنة الدار.
وأخرج ابن يونس في تاريخه وغيره عن حفص بن ميسرة، قال: رأيت على باب وهب بن منبّه مكتوبا: «ما شاء الله، لا قوة إلا بالله»)).
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق