حكم استخدام العرائس والدمى واقتنائها وبيعها وشرائها:
------
العرائس والدمى لا تجوز،عند جَمْعٍ من العلماء، لأنها مجسمة، وكل مجسم من ذوات الأرواح لا يجوز تصويره، لعموم النصوص في تحريم تصوير ذوات الأرواح.
والمراد بالعرائس آنذاك والتي ورد فيها الترخيص: أعواد معترضة يربط عليها، وليست مجسمة على أشكال ذوات الأرواح.
والقاعدة: العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام.
فيكون المراد من حديث عائشة في صحيح البخاري: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي...).
المقصود بالبنات اللعب والعرائس، كانت عائشة تلعب بها لصغر سنها، فكانت لها أتراب في مثل سنها يأتين يلعبن معها وربما أرسلهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها.
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه، فَيُسَرِّبُهُنَّ إلي فيلعبن معي.
وعنها رضي الله عنها، قالت: كنت ألعب بالبنات فربما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي الجواري، فإذا دخل خرجن، وإذا خرج دخلن.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة قالت بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال ما هذا الذي أرى وسطهن قالت فرس قال وما هذا الذي عليه قالت جناحان قال فرس له جناحان قالت أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه).
وعن عائشة قالت: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة وقد نصبت على باب حجرتي عباءة وعلى عرض بيتها ستر إِرْمِينِيٌّ فدخل البيت فلما رآه قال لي يا عائشة مالي وللدنيا فهتك العرض حتى وقع الأرض وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي ورأى بين ظهرانيهن فرس له جناحان قال فرس له جناحان قالت أوما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة فضحك حتى رأيت نواجذه).
وروى ابن سعد عن عائشة قالت: (تزوج بي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنة سبع سنين ودخل بي وأنا ابنة تسع سنين، وكنت ألعب بالبنات مع صواحبي فإذا جاء وهن بين أيدينا يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: مكانكن).
والمعروف من تلك اللعب والدمى في ذلك العصر، وليس فيها تجسيم وصور ذوات الأرواح، كما هو الحاصل في زماننا هذا، فليست تلك اللعب المجسمة على شكل ذوات الأرواح، كاللعب في عصر النبوة، ولا تقاس على ما في عصر النبوة، لأنها ليست بمعناها، كما أن العمائم التي في عصرنا لا يمسح عليها في الطهارة من الحدث الأصغر، لأنها ليست بمعنى العمائم التي في عصر النبوة، وإن اتحد المسمى، فالعبرة بالمعاني لا بالمسميات والمباني.
والقاعدة: الشريعة لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين مختلفين.
والقاعدة: المنصوص عليه، وما في معناه، حكمهما واحد.
ولكن يشكل على ذلك ما رواه أبوداود والنسائي من حديث عائشة السابق، وفيه: فرس له جناحان: وهذا مجسم على شكل ذوات الأرواح.
والجواب عنه: أنه ضعيف منكر.
وفيه: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة قالت بناتي ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه).
اخرجه ابو داود4/234/4932 واللفظ له والنسائي في الكبرى5/306/ 8950والبيهقي من طريق يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم بن الحارث حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:…فذكرته.
وفي إسناده يحيى بن أيوب الغافقي وهو كما قال النسائي: ليس ممن يعتمد عليه وعنده غير حديث منكر2/251 السنن الكبرى
وهو مما لا يحتمل تفرده إن لم يصحح حديثه حافظ معتبر.
ومع ذلك لم يسلم إسناد حديثه هذا من الاختلاف فقد اختلف عليه فيه:
١- فرواه عبد الله بن وهب عنه عن عمارة بن غزية عن أبى النضر عن عروة عن عائشة نحوه.
أخرجه ابن حبان في صحيحه 13/137 / 5864
و هذا الاختلاف منشأهُ سوء حفظ يحيى بن أيوب فاضطرب في اسناده كما ترى.
٢- ورواه يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم مرسلا كما في العلل ومعرفة الرجال -2242 - حدثني أبي فقال حدثنا هشيم قال أخبرنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وهي تلعب بالبنات ومعها جوار فقال لها ما هذا يا عائشة فقالت هذه خيل سليمان قال فجعل يضحك من قولها سمعت أبي يقول غريب لم نسمعه من غير هشيم عن يحيى بن سعيد.
أما متته فهو مشكل:
قال الحافظ في الفتح وترجم له النسائي إباحة الرجل لزوجته اللعبه بالبنات فلم يقيد بالصغر وفيه نظر.
ولكن إن صح الحديث فليس في هذا التبويب نظر وهو مشكل على الاحاديث التي فيها النهي عن الصور والتماثيل.
ثم قال الحافظ في الفتح قال الخطابي في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ.
وفي الجزم به نظر لكنه محتمل لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعاً فيترجح رواية من قال في خيبر ويجمع بما قال الخطابي لأن ذلك أولى من التعارض. انتهى.
فإن صح الحديث فيستدل به على جواز اللعب للكبار.
وأنه يرخص في لعب البنات في استخدامها لا في تصويرها، فتلحق بالممتهن من صور ذوات الأرواح، سواء كانت العلة في الترخيص لصغرهن أو لكونها ممتهنة.
* وعلى هذا فالممتهن ولعب البنات يكون الترخيص في وجودها في البيت، ولا تمنع الملائكة من الدخول -على فرض صحة الحديث الوارد في تصوير الفراس-.
كما يدل حديث عائشة على جواز تصويرها إذا كانت لذلك الغرض من كونها للعب البنات أو للامتهان إذا كان الصانع لها صغيراً، لكونه مرفوعاً عنه القلم.
والذي يظهر والعلم عند الله تعالى: ضعف الحديث في تجسيم الفرس، وأن لعب البنات من الدمى ونحوها: جائزة على ما ورد به النص أو كان في معناه، وهل في معناه كل دمية للبنات على أي شكل كان، أو الدمية المعهودة في عصر النبوة، يحتمل هذا وهذا، والذي يترجح لي أن الاستثناء عام في كل دمية من لعب البنات وإن تطورت الصنعة، وحبكت الصورة، وهو قول الجمهور للأسباب التالية:
١- الاستثناء في لعب البنات ثابت في صحيح البخاري، فلا يفرق بين دمية ودمية وإن اختلفت الأشكال.
٢- أن تطوير الصناعة، ليس بعلة مناسبة في التفريق بين دمية ودمية، وذلك من خلال الاستقراء والتتبع.
٣- أن جواز الاستخدام لا يعني جواز تصويرها وتجسيمها من المكلف، بخلاف غير المكلف، فهو مرفوع عنه القلم.
٤- أن حديث عائشة في الفرس الذي له جناحان صححه ابن حبان والألباني، وهو نص في المسألة لو صح.
٥- أن مراعاة البنات في الدمى من تعويدهن على التربية، ومراعاة للفطرة التي في نفوسهن من الأمومة والرعاية، معتبر شرعاً في عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم في لعب البنات.
وهذا يشمل المصور مما فيه معالم التصوير واضحة، وما لم يكن كذلك.
ومع ذلك الأحوط والأبرأ للذمة أن لا يترخص المسلم في اللعب التي على شكل صور ذوات الأرواح، وإنما فيما لم تكن معالمه واضحة. فإن لم يأخذ بالورع، فأرجو أن لا بأس بذلك، وتكون الرخصة تشمل الممتهن من صور ذوات الأرواح، ولعب البنات في الاستخدام لا في تصويرها وتجسيمها من المكلفين، وإذا جاز استخدامها جاز بيعها، والله تعالى أعلم.
* تنبيه: الجمع بين: حديث في: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)، وحديث (إلا رقماً في ثوب).
والاستثناء ههنا منفصل، بمعنى (لكن) فيكون المعنى: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، ولكن النقش أو النقوش على الثوب مما لا روح فيه من التصاوير لا بأس به.
وأما ذوات الأرواح مما فيها روح لا يجوز تصويرها حتى ولو كانت مسطحة على الثوب وغير مجسمة، بدليل حديث عائشة لما كان في السترة تصاوير ذوات أرواح فغضب وهتكه...الحديث.
فهو نص على أن المنقوش على الثوب من ذوات الأرواح لا يجوز، وبهذا تجتمع الأدلة.
ولا يقال: يسثنى تصاوير ذوات الأرواح مما يهان ويداس، لحديث عائشة السابق، وفيه: فهتكتها فجعلتها وسادتين.
والجواب: أن الاستثناء: (إلا رقماً في ثوب) من حديث: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) فهذا يدل على استعمال واستخدام التصاوير على الشيء الذي يمتهن، ولا يمنع ذلك دخول الملائكة، وليس فيه دليل على جواز تصوير ذوات الأرواح التي تمتهن، ففرق بين التصوير لما يمتهن، وبين الاستخدام لما يمتهن.
فالأول: لا يجوز. والثاني: يجوز.
والعلم عند الله تعالى.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
------
العرائس والدمى لا تجوز،عند جَمْعٍ من العلماء، لأنها مجسمة، وكل مجسم من ذوات الأرواح لا يجوز تصويره، لعموم النصوص في تحريم تصوير ذوات الأرواح.
والمراد بالعرائس آنذاك والتي ورد فيها الترخيص: أعواد معترضة يربط عليها، وليست مجسمة على أشكال ذوات الأرواح.
والقاعدة: العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام.
فيكون المراد من حديث عائشة في صحيح البخاري: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي...).
المقصود بالبنات اللعب والعرائس، كانت عائشة تلعب بها لصغر سنها، فكانت لها أتراب في مثل سنها يأتين يلعبن معها وربما أرسلهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها.
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه، فَيُسَرِّبُهُنَّ إلي فيلعبن معي.
وعنها رضي الله عنها، قالت: كنت ألعب بالبنات فربما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي الجواري، فإذا دخل خرجن، وإذا خرج دخلن.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة قالت بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال ما هذا الذي أرى وسطهن قالت فرس قال وما هذا الذي عليه قالت جناحان قال فرس له جناحان قالت أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه).
وعن عائشة قالت: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة وقد نصبت على باب حجرتي عباءة وعلى عرض بيتها ستر إِرْمِينِيٌّ فدخل البيت فلما رآه قال لي يا عائشة مالي وللدنيا فهتك العرض حتى وقع الأرض وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي ورأى بين ظهرانيهن فرس له جناحان قال فرس له جناحان قالت أوما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة فضحك حتى رأيت نواجذه).
وروى ابن سعد عن عائشة قالت: (تزوج بي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنة سبع سنين ودخل بي وأنا ابنة تسع سنين، وكنت ألعب بالبنات مع صواحبي فإذا جاء وهن بين أيدينا يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: مكانكن).
والمعروف من تلك اللعب والدمى في ذلك العصر، وليس فيها تجسيم وصور ذوات الأرواح، كما هو الحاصل في زماننا هذا، فليست تلك اللعب المجسمة على شكل ذوات الأرواح، كاللعب في عصر النبوة، ولا تقاس على ما في عصر النبوة، لأنها ليست بمعناها، كما أن العمائم التي في عصرنا لا يمسح عليها في الطهارة من الحدث الأصغر، لأنها ليست بمعنى العمائم التي في عصر النبوة، وإن اتحد المسمى، فالعبرة بالمعاني لا بالمسميات والمباني.
والقاعدة: الشريعة لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين مختلفين.
والقاعدة: المنصوص عليه، وما في معناه، حكمهما واحد.
ولكن يشكل على ذلك ما رواه أبوداود والنسائي من حديث عائشة السابق، وفيه: فرس له جناحان: وهذا مجسم على شكل ذوات الأرواح.
والجواب عنه: أنه ضعيف منكر.
وفيه: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة قالت بناتي ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه).
اخرجه ابو داود4/234/4932 واللفظ له والنسائي في الكبرى5/306/ 8950والبيهقي من طريق يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم بن الحارث حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:…فذكرته.
وفي إسناده يحيى بن أيوب الغافقي وهو كما قال النسائي: ليس ممن يعتمد عليه وعنده غير حديث منكر2/251 السنن الكبرى
وهو مما لا يحتمل تفرده إن لم يصحح حديثه حافظ معتبر.
ومع ذلك لم يسلم إسناد حديثه هذا من الاختلاف فقد اختلف عليه فيه:
١- فرواه عبد الله بن وهب عنه عن عمارة بن غزية عن أبى النضر عن عروة عن عائشة نحوه.
أخرجه ابن حبان في صحيحه 13/137 / 5864
و هذا الاختلاف منشأهُ سوء حفظ يحيى بن أيوب فاضطرب في اسناده كما ترى.
٢- ورواه يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم مرسلا كما في العلل ومعرفة الرجال -2242 - حدثني أبي فقال حدثنا هشيم قال أخبرنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وهي تلعب بالبنات ومعها جوار فقال لها ما هذا يا عائشة فقالت هذه خيل سليمان قال فجعل يضحك من قولها سمعت أبي يقول غريب لم نسمعه من غير هشيم عن يحيى بن سعيد.
أما متته فهو مشكل:
قال الحافظ في الفتح وترجم له النسائي إباحة الرجل لزوجته اللعبه بالبنات فلم يقيد بالصغر وفيه نظر.
ولكن إن صح الحديث فليس في هذا التبويب نظر وهو مشكل على الاحاديث التي فيها النهي عن الصور والتماثيل.
ثم قال الحافظ في الفتح قال الخطابي في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ.
وفي الجزم به نظر لكنه محتمل لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعاً فيترجح رواية من قال في خيبر ويجمع بما قال الخطابي لأن ذلك أولى من التعارض. انتهى.
فإن صح الحديث فيستدل به على جواز اللعب للكبار.
وأنه يرخص في لعب البنات في استخدامها لا في تصويرها، فتلحق بالممتهن من صور ذوات الأرواح، سواء كانت العلة في الترخيص لصغرهن أو لكونها ممتهنة.
* وعلى هذا فالممتهن ولعب البنات يكون الترخيص في وجودها في البيت، ولا تمنع الملائكة من الدخول -على فرض صحة الحديث الوارد في تصوير الفراس-.
كما يدل حديث عائشة على جواز تصويرها إذا كانت لذلك الغرض من كونها للعب البنات أو للامتهان إذا كان الصانع لها صغيراً، لكونه مرفوعاً عنه القلم.
والذي يظهر والعلم عند الله تعالى: ضعف الحديث في تجسيم الفرس، وأن لعب البنات من الدمى ونحوها: جائزة على ما ورد به النص أو كان في معناه، وهل في معناه كل دمية للبنات على أي شكل كان، أو الدمية المعهودة في عصر النبوة، يحتمل هذا وهذا، والذي يترجح لي أن الاستثناء عام في كل دمية من لعب البنات وإن تطورت الصنعة، وحبكت الصورة، وهو قول الجمهور للأسباب التالية:
١- الاستثناء في لعب البنات ثابت في صحيح البخاري، فلا يفرق بين دمية ودمية وإن اختلفت الأشكال.
٢- أن تطوير الصناعة، ليس بعلة مناسبة في التفريق بين دمية ودمية، وذلك من خلال الاستقراء والتتبع.
٣- أن جواز الاستخدام لا يعني جواز تصويرها وتجسيمها من المكلف، بخلاف غير المكلف، فهو مرفوع عنه القلم.
٤- أن حديث عائشة في الفرس الذي له جناحان صححه ابن حبان والألباني، وهو نص في المسألة لو صح.
٥- أن مراعاة البنات في الدمى من تعويدهن على التربية، ومراعاة للفطرة التي في نفوسهن من الأمومة والرعاية، معتبر شرعاً في عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم في لعب البنات.
وهذا يشمل المصور مما فيه معالم التصوير واضحة، وما لم يكن كذلك.
ومع ذلك الأحوط والأبرأ للذمة أن لا يترخص المسلم في اللعب التي على شكل صور ذوات الأرواح، وإنما فيما لم تكن معالمه واضحة. فإن لم يأخذ بالورع، فأرجو أن لا بأس بذلك، وتكون الرخصة تشمل الممتهن من صور ذوات الأرواح، ولعب البنات في الاستخدام لا في تصويرها وتجسيمها من المكلفين، وإذا جاز استخدامها جاز بيعها، والله تعالى أعلم.
* تنبيه: الجمع بين: حديث في: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)، وحديث (إلا رقماً في ثوب).
والاستثناء ههنا منفصل، بمعنى (لكن) فيكون المعنى: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، ولكن النقش أو النقوش على الثوب مما لا روح فيه من التصاوير لا بأس به.
وأما ذوات الأرواح مما فيها روح لا يجوز تصويرها حتى ولو كانت مسطحة على الثوب وغير مجسمة، بدليل حديث عائشة لما كان في السترة تصاوير ذوات أرواح فغضب وهتكه...الحديث.
فهو نص على أن المنقوش على الثوب من ذوات الأرواح لا يجوز، وبهذا تجتمع الأدلة.
ولا يقال: يسثنى تصاوير ذوات الأرواح مما يهان ويداس، لحديث عائشة السابق، وفيه: فهتكتها فجعلتها وسادتين.
والجواب: أن الاستثناء: (إلا رقماً في ثوب) من حديث: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) فهذا يدل على استعمال واستخدام التصاوير على الشيء الذي يمتهن، ولا يمنع ذلك دخول الملائكة، وليس فيه دليل على جواز تصوير ذوات الأرواح التي تمتهن، ففرق بين التصوير لما يمتهن، وبين الاستخدام لما يمتهن.
فالأول: لا يجوز. والثاني: يجوز.
والعلم عند الله تعالى.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق