كيفية التخلص من الأسهم المحرمة:
هل يجوز التخلص من الأسهم المحرمة بالبيع:
------------
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه).
وفي حديث ابن عباس لما جاء رجل براوية خمر يهديها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أما علمت أن الله حرم الخمر، فقال : لا، فساره رجل، فقال: بما ساررته، قال: أمرته ببيعها، فقال: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه).
فهل في هذا دليل على تحريم الأسهم المحرمة أو المختلطة لمن تاب منها أو علم حرمتها.
فالجواب: أن الأسهم التي كلها حرام، أو غالبها حرام فيعها حرام -حتى من تاب وأراد أن يتخلص منها- فلا يجوز بيعها على من يعتقد حرمتها أو من لا يعتقد حرمتها كالذمي ونحوه.
فالواجب في البيع المحرم الرد كما في حديث أبي سعيد: لما جيء بتمر جنيب للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (أكل تمر خيبر هكذا قالوا: لا والله يارسول الله)، أنا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال: (أواه عين الربا، ردوه، ردوه، ولكن بع الجمع بالدراهم، واشتر بالدراهم جنيباً -تمراً جيداً-).
فهذا يدل على طريقة التخلص من الشيء إذا اشتري حراماً، وهو الرد، ولكن إذا تعذر الرد كما في كثير من الشركات المساهمة المحرمة.
ولا طريق له من التخلص إلا عن طريق البيع:
فينظر إذا كان المبيع كله حرام او غالبه حرام، لم يجز له بيعه، ولا أخذ عوض عليه، وذلك أن المتعين هو رد المبيع لكون البيع فاسداً، فأن لم يتأتى تركه وأعرض عنه، وإثم الربا يكون على من تعامل به.
وإذا كان المبيع غالبه حلال، ولا يمكن فصل حلاله عن حرامه، تخلص منه بالبيع إذا لم يكن له طريق من التخلص ألا بذلك، وأخذ النصيب المباح، وتخلص من الحرام بعد ذلك.
لأن الحكم للأعم الأغلب لا للقليل والنادر.
ويكون الإثم فيمن أخذ المحرم عليه إذا كان عنده علم بذلك، سواء أخذها وهو يعتقد حلها إذا كان المبيع مختلفاً فيه، أو يعتقد الحرمة فأخذها فسقاً أو نحو ذلك.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢- ٤٤٧): ما حرم الله الانتفاع به فإنه يحرم بيعه، وأكل ثمنه (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراماً، وهو قسمان:
أحدهما: ما كان الانتفاع به حاصلاً مع بقاء عينه، كالأصنام، فإن منفعتها المقصودة منها هو الشرك بالله، وهو أعظم المعاصي على الإطلاق، ويلتحق بذلك ما كانت منفعته محرمة، ككتب الشرك والسحر والبدع...
والقسم الثاني: ما ينتفع به مع إتلاف عينه، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرماً، فإنه يحرم بيعه، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة، مع أن في بعضها منافع غير محرمة، كأكل الميتة للمضطر، ودفع الغصة بالخمر، ووإطفاء الحريق به، ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة، لم يعبأ بها، وحرم البيع لكون المقصود الأعظم من الخنزير والميتة أكلهما، ومن الخمر شربها، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك، وقد أشار إلى هذا المعنى لما قيل له: (أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام). وأما بيعها فالأكثرون على أنه لا يجوز بيعها -وهو الراجح- وعن أحمد رواية: يجوز بيعها من كافر يعلم بنجاستها...).
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق