حكم الحكم على الولي بقيمة علاج ابنه إذا طلب إخرجه من المشفى ثم رفض طلبه.
------
تتقدم بعض الجهات كالمستشفيات الحكومية للقضاء للحكم على من رفض قيمة دفع العلاج لابنه لكونه طلب إخراجه بعد فترة يسيرة، حتى لا يلتزم لهم بالتكاليف، فيرفضون ذلك، لكون حالة الطفل تستدعي بقاءه في المشفى.
والجواب عن ذلك يكمن في النقاط التالية:
١- القاعدة: كل من دفع عن غيره واجباً يقتضي الفورية لا بنية التبرع، فله ذلك -وقد سبق تقرير ذلك في القواعد في مدونتي في النت-.
٢- إذا كان هذا الرجل الذي طولب بالسداد فقيراً، وفي بيت المال قدرة على السداد، كان صرف هذا المال من بيت مال المسلمين، ولا يطالب بالسداد، لحديث: (فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ). متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وإن كان غنياً يطالب بالسداد مالم يكن القدر المستحق له من بيت مال المسلمين يفي بهذا المقدار -يقيناً أو غلبة للظن-.
ففرق بين الحق الخاص، والحق في بيت المال في الحكم، كما سبق. وذلك أن الحق في بيت المال يثبت للحاجة لمن كان فقيراً وفي بيت المال سعة، كما يثبت لمن غنياً إذا كان له فيه استحقاقاً -منع منه- يقيناً أو غلبة ظن، بخلاف الحق الخاص: يثبت في الذمة مالم يمت ولم يترك وفاء، فيدفع من بيت المال إذا كان فيه سعة ولم يشاحه ما هو أولى منه عند المشاحة.
٣- لا عبرة بتقدير الكلفة الزائدة عن غيره في المستشفيات الأخرى، فإن الزيادة الفاحشة عرفاً من الغبن وفي الحديث: (إذا بعت فقل لا خلابة) أي لا خديعة، من باب التأكيد، وذلك أن الخديعة منفية شرعاً.
٤- الحق إذا كان خاصاً دفع عن الغير لم يسقط، فإذا كان غنياً وجب السداد فوراً ما لم يكن هناك شرط في تأخير الدفع، وإذا كان المطالب بالسداد فقيراً فإنه يمهل لقوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة).
٥- أن رفض المشفى إخراج ابنه لغير ضرورة تستدعي بقاءه، فعل لا يجوز، فإذا فعلوا ذلك كان عليهم ضمان الكلفة في تلك المدة التي منعوا وليه من إخراجه.
والقاعدة: كل من فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجب فعليه الضمان -وقد تقدم تقريرها في القواعد-.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق