إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 5 ديسمبر 2019

حكم التغريم بالمال// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم التغريم بالمال:

المال: هو كل ما يتمول وينتفع به.

لا يجوز عند الجمهور التعزير بالمال:
وذلك لقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
لقول النبي صلى الله عليه: (لا يحل مال  امريء مسلم بغير طيب نفس منه).
وحديث: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) ونحو تلك الأدلة الدالة على حرمة مال المرء المسلم وعصمة ماله.

والجواب عن ذلك: أنه لا تعارض بين عام وخاص، ومطلق ومقيد، ولا يقال: إن هذه الأدلة ناسخة لما خالفها، لأن النسخ لا يتم إلا بأمرين:
أ- أن نعلم المتقدم من المتأخر.
ب- أن لا يمكن الجمع بينهما.
وعليه فالقول بالنسخ غير متجه.

ولأن في فتح المجال للتعزير بالمال: ترك المجال لمن كان ظالماً أن يستخدم ظلم الناس في أموالهم بالتعزير بالمال.
والجواب: من قال بجواز التعزير بالمال يضبط ذلك بما يمنع من حصول تلك المفاسد.

وذهب بعض جمع من المالكية والحنفية والحنابلة، والشافعي في القديم إلى جواز التعزير بالمال، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم.
وذلك:
١- حديث: (من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن اتخذ خبنة فعليه غرامة مثليه والعقوبة...).
٢- وحديث فيمن منع الزكاة: (إنا لآخذوها وشطر ماله) وفيه ضعف، وأصله في الصحيحين: (إن في  كل إبل سائمه...). من غير هذه الزيادة.
٣- وفي الصحيح في قصة سعد بن أبي وقاص لما سلب من صاد في حرم المدينة: (والله لا أعطيكم مالاً نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا من التعزير بالمال.
٤- وفي الصحيح: (فأحرق على أناس لا يشهدون الجماعة بيوتهم).
فإن قيل: هذا إتلاف وليس تعزير بالمال.
فالجواب: أن الإتلاف بالمال نوع من انواع التعزير بالمال، يكون إتلاف المال المستخدم في حرام زيادة في زجر فاعله.
وكون المال المتلف لا مزيد على أخذ ماله، لا يعني عدم مشروعية التعزير بالمال، لأن المراد هو تحصيل أقل ما يحصل به الردع والزجر.
٥- ولقوله تعالى: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها).
٦-  ولقوله صلى الله عليه وسلم فيمن وقع على زوجته في نهار رمضان: (أعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين، قال: وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا من الصيام، قال: أطعم ستين مسيكناً). وكذا آيات الظهار في عقوبة المظاهر، ونحو ذلك.

فإن قيل: إن هذا محدد في الشرع فلا مجال  للزيادة فيه، وذلك لأنها عقوبة شرعية منصوص عليها، لا مجال للزيادة فيها.
والجواب: أن العقوبة نوع من التعزير، وكون الشرع حددها لا يعني عدم جواز التعزير بالمال، وإنما التحديد هو الذي يدل على عدم الزيادة أو النقص.

والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى: جواز التعزير بالمال لأدلة القول الثاني، وذلك بالضوابط التالية:

١- أن لا يكن هناك ظلم باجحاف أو تعزير بالمال لمن لم يستحق التعزير أصلا، وفي الحديث القدسي: (إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).

٢- التعزير لا يجوز أن يكون بأكثر بما يحصل به الزجر والردع  لمن يستحقه.
والقاعدة: لا يجوز الدفع بالأعلى مع امكان الدفع بالأسهل -وقد بينتها في القواعد-.
فمن ينزجر بالتعزير بمائة لا يجوز تعزيره بخمسمائة.

٣- المنع الذي يستحق به العقوبة: أن يفعل ما لا يجوز، أو يترك ما وجب، أو أن يستحق العقوبة لما فعله من مخالفة الأدب عرفاً.
وليست عقوبة مخالفة الآداب عرفاً كعقوبة من فعل ما لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله) وحدود الله ههنا: ترك واجب أو فعل محرم).

٤- أن تكن تلك العقوبة لمصلحة ردع من صدر منه الخطأ للزجر ولتأديب  بحيث لا يكون هناك ما هو أولى منه في ذلك الردع والتأديب يقيناً أو غلبة للظن،  فإذا شككنا في استحقاقه لأي العقوبتين أخذنا بالأخف، لأن الأصل: حرمة مال المسلم، وحرمة بدنه.
وذلك لأن هذا هو السبب في حصول تلك العقوبة، فكل تنظيم من البشر مما لا يخالف فيه الشرع لا بد أن يكون مستمداً من الشرع غير مخالف له، ويحقق مصلحة غير ملغاة شرعاً.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت