حكم إحداث قول جديد في المسائل الفقهية:
—————
وهذا مقيد بما إن رفع القول الثالث -من المسألة المختلف فيها على قولين- حكماً مجمعاً عليه، وإلا فلا.
فإذا ترتب على إحداث القول الثالث إجماعاً قطعياً، فلا يجوز مخالفة الإجماع، بإحداث قول آخر، وإن كانت المخالفة لإجماع سكوتي، فهو مبني على الاحتجاج بالإجماع السكوتي، وحدوث الخلاف فيه دليل على عدم كونه إجماعاً، وبناء عليه: فمخالفة الإجماع السكوتي لا تعتبر مخالفة للإجماع.
ولأن وجود من نص على حكم مسألة من عالم أو أكثر، لا يعني موافقة من سكت من العلماء، لكونه لم يسأل عنها، أو لم يترجح عنده فيها شيء أو لغير ذلك من الأسباب.
وهذا ما ذهب إليه جمع من العلماء.
وذهب جمع آخر إلى: عدم جواز إحداث قول ثالث إذا اختلف العلماء السابقون فيه على قولين فقط، لأنه يعني أن الأمة أضاعت الحق في تلك الفترة، ولم يهتد إليه إلا بعد وجود القول الثالث.
والجواب عنه: أنه يلزم من ذلك أن أول من يتكلم في مسألة مستجدة لا يجوز مخالفته إلا مع قوله مباشرة حتى لا يكن مخالفاً للإجماع، وهذا باطل.
والقاعدة: لازم المذهب ليس بمذهب، ولكن يدل على بطلان المذهب.
وأيضاً: مخالفة المجتهد لا تجوز إذا خالف إجماعاً، أما مجرد اجتهاد عالم أو اكثر في مسألة اجتهادية لا يعني انعقاد الإجماع بقولهم، فكم من مجتهد في مسألة ولم يعرف له مخالف لقوله في عصره.
وقيل: إن إحداث القول الثالث فيما اختلف فيه على قولين إذا كان لا يخرج عن القولين السابقين فلا بأس به وإلا لم يجز، لأن معنى ذلك أن الأمة لم يضع منها الحق في تلك الفترة لمن يفصل تفصيلاً لا يخرج بمضمونه عن أحد القولين السابقين له.
وهو في حقيقته ضمن ما سبق من الأقوال على تفصيل الصواب متى يكون مع أصحاب القول الأول أو الثاني، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وعند التأمل نجد أن الراجح هو القول الأول ما لم يكن فيه مخالفة للإجماع الذي تجب موافته، وتحرم مخالفته.
والعلم عند الله تعالى.
والعلم عند الله تعالى.
كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق