إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 17 فبراير 2020

حكم تسلسل آثار الصفات الفعلية للرب تبارك وتعالى /لفضيلة الشيخ/محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم تسلسل آثار الصفات الفعلية للرب تبارك وتعالى :
————-
فمثلاً: الخلق من آثار اسم الله تعالى الخالق، فهل قبل الخلق خلق ، وقبله خلق ، فيكون الخلق من الله تعالى أزلاً. ؟

الذي عليه اكثر اهل السنة والجماعة : هو أن أنواع الحوادث دائمة على طرفي الزمان بحسب الماضي والمستقبل ، وأن جنس الحوادث أزلية ، وآثار صفات الخالق سبحانه من الخلق والكلام ونحوهما  أزلية لم تكتسب أزليتها بذاتها، وإنما بأزلية الله تعالى وصفاته . وهذا ما يسمى بالتسلسل في المخلوقات ، أزلية المبدأ  ، فجنس الخلق أزلي بأزلية الخالق ، وآثار  صفة الخلق كونه خالقاً .
فالتسلسل بالآثار : التي هي آثار الصفة التي اتصف الله بها، يقتضي أن الحوادث  لا أول لها من حيث النوع والجنس ، لكن الأفراد حادثة ، فكل مخلوق بذاته هو حادث لكن الجنس قديم، فالله تعالى هو الخالق أزلاً، وكونه خالقاًومريداً  ومتكلماً، لأنه قد خلق أشياء وأراد أشياء،وهذه الأشياء ليست أزلية ولكن لما كان  لا أول لصفة من صفاته فإن آثارها ولوازمها مما لا أول له كذلك، فآثار صفاته أزلية لا لذاتها وإنما لأزلية  الله تعالى وصفاته . وهذا ما نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، حيث قال: "أما جنس الحوادث شيئا بعد شيء فهذا ‏شيء تنازع فيه الناس، فقيل: إن ذلك ممتنع في الماضي والمستقبل، كقول الجهم وأبي الهذيل. وقيل: ‏بل هو جائز في المستقبل دون الماضي؛ لأن الماضي دخل في الوجود دون المستقبل. وهو قول ‏كثير من طوائف النظار (أي المتكلمين. وقيل: بل هو جائز في الماضي والمستقبل. وهذا قول ‏أئمة أهل الملل وأئمة السنة كعبدالله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما ممن يقول بأن الله لم يزل ‏متكلماً إذا شاء وأن كلمات الله لا نهاية لها، وهي قائمة بذاته، وهو متكلم بمشيئته وقدرته".
وقال : "وامتناع حوادث لا ‏أول لها طريقة مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة مخطرة مخوفة في العقل بل ‏مذمومة عند طوائف كثيرة، وإن لم يعلم بطلانها لكثرة مقدماتها وخفائها ... وهي طريقة باطلة ‏في الشرع والعقل عند محققي الأئمة العالمين بحقائق المعقول والمسموع" .أ.هـ

وذهب جمع من أهل السنة أن الله عز وجل آثار صفاته أزلية ، ولم يكتسب اسم الخالق بوجود الخلق ، بل هو خالق باعتبار القوة الفعلية ، قادر على الخلق قبل أن يخلق ، فهو الخالق والمتكلم ، بوصوف بهذه الصفات وإن لم تظهر آثارها، فليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بعد إحداث البرية استفاد اسم الباري.،  فالله سبحانه مسمى بالخالق قبل أن يبدأ بالخلق ، ومسمى بالرزاق قبل أن يوجد الخلق الذين رزقهم، 
- كما أشار إليه الطحاوي - واختاره الشيخ ابن جبرين - رحمه الله تعالى -.
- لأنه خالق بالقوة وإن لم يكن خالق بالفعل.

ونتوقف عن التسلسل في الحوادث ، ونقول الأمر غيبي لم يردنا فيها نص من كتاب أو سنة ، ويؤيد هذا القول حديث( كان الله ولم يكن شيء معه ).رواه البخاري .
مع أن الله عز وجل قادر على الخلق وإن لم يخلق قبل أن يخلق ، (( إنما امره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) (  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ).
وكون بعض الفرق الضالة وافقت أهل  السنة في قول، لا يعني أن من قال به من أهل السنة من الأشاعرة أو المعطلة أو غيرهما .

علماً : بأن قول شيخ الإسلام ابن تيمية في تسلسل الحوادث : أنه جائز  في الماضي والمستقبل ، ونسبه لأئمة أهل السنة 
وغير ممتنع على الله تعالى ، لا يخالف فيه أصحاب هذا القول من أهل السنة ، ويؤيد ذلك ( أول ما خلق الله القلم )، وزيادة ( وكان عرشه على الماء ) في صحتها نظر كما هو مشهور عند المحدثين . 
وقيل : أول مخلوق هو العرش. 
ففيه دليل أنه قبل القلم أو العرش  لم يكن خلق من الخالق جلا وعلا  قبله .

* وقول شيخ الإسلام : ( وامتناع حوادث لا أول لها...) كلامه يدل على أن الخلق حادث ، وخلاف الحادث الأزلي .

وقوله رحمه الله ( امتناع) لا يقول أحد من أهل السنة أن الله تعالى يمتنع عليه شيء .
يخلق ما شاء متى شاء  حيث شاء، ويفعل ما يريد . خلافاً لمن زعم أن ذلك ممتنع على الله تعالى من غير أهل السنة والجماعة .

فلا خلاف بين القولين السابقين لأهل السنة  :أنه غير ممتنع على الله تعالى الخلق قبل أن يخلق.

وإنما الخلاف في آثار صفات الله تعالى الفعلية كالخلق والكلام والرزق ونحو ذلك ، هل هي أزلية بأزلية صفات الله تعالى  ، فلم تكتسب أزليتها بذاتها ، وإنما بأزلية الله تعالى وصفاته، هذا قول أكثر أهل السنة، فتكون آثار أفعال الله تعالى المتعلقة بمشئيته  لا أول لها .
وقيل :  إن آثار صفة الله تعالى الفعلية لها أول ،  ولم تكن ممتنعة على الله تعالى من قبل ولا من بعد ، وهم أصحاب القول الثاني.
ودعوى الإجماع على القول الأول فيها نظر، ولم يحكيه شيخ الإسلام ، وكون شيخ الإسلام يرد على أهل الكلام والطوائف ويتبنى قول  لا يعني دعوى الإجماع ، ودعوى  (اتفاق أهل العلم بالسنة ) الذي قاله رحمه الله تعالى   ، هو في امتناع الحوادث على الله قبل وجودها ، 
فليتنبه . 

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل ص  : ٣١٦ ( وكلهم - أهل الإسلام وأهل الملل - متفقون على أن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق موجود بعد عدمه وليس معه غيره من المخلوقات لكان وجوده مساوياً لوجوده ...).

وقال في ص ٣١٤ بعد أن نصر القول الأول ( ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه ، فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته  تقدم من لا أول له ، فلكل مخلوق اول ، والخالق سبحانه لا أول له ، فهو وحده الخالق ، وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن ).

وقال الشيخ البراك في شرح العقيدة الطحاوية ص ٦٢ : ( المنكر هو القول بامتناع تسلسل الحوادث في الماضي، لكن هل هو واقع ـ أي: أن المخلوقات لم تزل فعلاً ـ أو يمكن دوامها وتسلسلها في الماضي لكنه لم يقع؟
الأمر في هذا واسع ).

والله تعالى أعلم .

محمد بن سعد العصيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت