حكم قول صلوا في بيوتكم في الأذان إذا علم بوجود العذر ، وإغلاق المساجد :
———-
ذهب النووي : أن لفظ ( صلوا في بيوتكم ) لا يتعبد بلفظها، فإذا علم ما يترتب عليها، فلا حاجة لذكرها في الأذان .
ولا يكون ذكرها في الأذان مستحب والحالة تلك .
وذلك : لان ذكر هذه اللفظة معقول المعنى ، فإذا علم أن المنادي للأذان لا يجاب في المكان الذي ينادي فيه للعذر ومعرفة إغلاق المساجد ، وعدم التمكن من إيجابته ، فلا تكون مشروع ذكرها والحالة تلك . وإنما شرع قولها في حال المطر ونحوه، لأن الإجابة ممكنة لمن أخذ بالعزيمة وترك الرخصة ، بخلاف من لا يمكن إجابته .
والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى : أن مشروعية واستحباب قول : صلوا في رحالكم ، أو ألا صلوا في رحالكم ، أو صلوا في بيوتكم ، في الأذان عند وجود السبب المقتضي لذلك ، باق على الاستحباب والمشروعية حتى ولو كانت لقوم يعلمون الحكم الشرعي، أو يعلمون عدم القدرة على إجابة المؤذن ، للأسباب التالية :
١ - أن هذه الصفة الشرعية للأذان ثبتت عند وجود السبب المقتضي لها في عصر النبوة، قيبقى الأمر عليه ، لأن الأصل بقاء ما كان على مكان .
٢ - أن هذا له نظائر في الشريعة الإسلامية ، كالتفات المؤذن في الحيعلتين مع عدم وجود أحد عن يمينه وشماله، وإنما في حال كون الناس أمامه فقط، فيشرع له الالتفات فيهما مع عدم وجود احد من البشر عن اليمين والشمال .
٣ - أن العبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر ، ولهذا قال العلماء: الشاذ لا حكم له .- وقد سبق توضيح ذلك في القواعد -
فإذا كان القليل من الحالات تقع فيمن يعلمون ما يترتب على هذه الجملة ، فإن الكثير يتحرج عند سماع الأذان ولا يجيب .
والشريعة صالحة لكل زمان ومكان، وفي ذكر الرخصة ( صلوا قي بيوتكم ) تذكير للعالم ، وتعليم للجاهل، وترخيص لمن رخص له الشرع ولو علم الحكم .
٤ - القاعدة الشرعية : المعلل بالمظان لا يتخلف بتخلف حكمته - وقد بينت ذلك في القواعد -.
فالأحكام الشرعية تثبت عن طريق المظنة القائمة مقام المينئة - التأكد من الشيء - ، والمظنة : ظن وجود الشيء .
كالمعتدة التي يعلم براءة رحمها ، كالصغيرة والآيسة ، تجب عليهن العدة .
وهنا لا يتخلف الحكم الشرعي بتخلف حكته وهو العلم بما يترتب على هذه اللفظة أو عدم التمكن من إجابة المؤذن للعذر الحسي.
٥ - - بقاء هذه الجملة فيها بيان أن الأمر لا زال على عدم وجوب إجابة المؤذن .
تنبيه : الظاهر أن لفظة ( صلوا في رحالكم ) أو في بيوتكم ليست مما يتعبد بلفظها فتجوز بغير العربية عند من لا يفهم لغة العرب ، وهي معقولة المعنى عند وجود السبب المقتضي لذلك .
أما من قال يتعبد بلفظها فلا يدخل معنا في الخلاف السابق بل تقال عنده مطلقاً عند وجود السبب المقتضي ذلك ، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق