إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 11 يونيو 2020

حكم منع الزوجة من الحج أو العمرة بعد شروعها فيهما //لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله

حكم منع الزوجة من الحج أو العمرة بعد  شروعها فيهما :

- المرأة إذا أهلت بغير إذن زوجها، هل له منعها؟-
- —————
ليس للزوج أن يمنع زوجته من الحج أو العمرة بعد شروعها ودخولها في النسك .
لقوله تعالى :( وأتموا الحج والعمرة لله تعالى ) حيث نزلت هذه الآية عندما كان الحج والعمرة غير واجبتين .
ولأن من شرع فيهما كأنما نذرهما، لقوله تعالى :( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق).

ولأن المرأة إذا شرعت فيهما بالنذر ليس له أن يمنعها عند من يرى أن الأمر يقتضي الفورية وهو الأصح، أو عندما يكون النذر معينا  في ذلك العام أو ذلك الوقت أيضاً عند غيرهم .
فإذا كان ذلك في النذر فكذا غيره بجامع الوجوب في كل .
ولأن القاعدة : لا طاعة للمخلوق في معصية  الخالق . لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( إنما الطاعة في المعروف ).
وأمر الزوج زوجته بالتحلل بعد الشروع في الإحرام  معصية .

هذا وقد ذهب جمع من العلماء إلى أن للزوج منعها من الحج أو العمرة بعد شروعها فيهما إذا لم يكن واجباً عليها، وتتحلل كما يتحلل المحصر ، تذبح الهدي ثم تقصر ، لقوله تعالى ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) ولقوله تعالى :( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ).
وذلك لأن حق الزوج مقدم على ما لم يجب عليها بأصل الشرع، فأشبه المملوك إذا أحرم بهما من غير إذن سيده.
ولأن إحرامها بما لم يجب عليها تعد على حق زوجها ، وما بني على حق غيره، لا ينفذ إلا برضى صاحب الحق، فأشبه ذلك من شرع فيهما وهو مدين بغير إذن دائنه ، إذا أدى ذلك إلى فوات حقه أو جزء منه .

والجواب عن ذلك : أن هناك فرق بين الخطاب الوضعي، والخطاب التكليفي.

فكون ذلك لا يجوز فعله من المرأة أو الرقيق أو المدين ، لا يعني عدم صحته .

وعند تعارض حق الله تعالى بالإتمام ، مع حق المخلوق بالمنع، لتعلق حقه به .
ينظر إلى الترجيح  :
ويتضح ذلك في الأسباب التالية :-

١ -  من اهل العلم من يرى أن حق الله تعالى مقدم مطلقاً على حق المخلوق كالشافعية، لحديث:( اقضوا الله تعالى فدين الله احق بالوفاء).
ولأنه إذا تعارض أمر الشارع وأمر المخلوق فأمر المخلوق لا عبرة به.

٢ - ولأن الحق المشغول به الذمة من الدخول في النسك لضيق الوقت به، فأشبه ذلك من ضاقت عليه صلاة الوقت مع وجود صلاة فاتت خارج الوقت ، فتقدم صلاة الوقت، لأن مفسدة خروج الوقتين أعظم من مفسدة خروج وقت واحد .
ووقت ما شرع فيه مضيق، ووقت ما انشغلت به الذمة من دين المخلوق  لم يمنع صحة ما انعقد ، فلا يفسد من أجل مصلحة قد لا تتحقق للمدين .

٣ - ولأن الرقيق لا يملك وقته  بخلاف المدين  والزوجة .
كما أن الرقيق حجه لا يجزئه عن حجة الإسلام إذا عتق ، بخلاف المدين والزوجة.
فقياس الرقيق على الحر البالغ قياس مع الفارق.

٤ - فإن قيل : إن واجب الزوج سابق فيقدم على الحق المتأخر إذا دخلت في النسك من غير إذنه .
والقاعدة : المشغول لا يشغل، إذا كان الشاغل أجنبياً- سبقت في القواعد -.

فالجواب : أن الحق السابق لا يمنع صحة الحق المتأخر ، فتكون القاعدة : فيما يتعلق بالخطاب الوضعي، فإذا كان الأول يمنع صحة الثاني فلا ينعقد الثاني، كعقد الزوجة على زوج آخر وهي في العدة ، لا يصح العقد الثاني .
وأما من حيث التكليف، فلا يجوز ، ولكن لا يمنع الانعقاد والصحة ، ويستحق الإثم .

٥ -  ولأننا لا نسلم بالتعارض بين حق الزوج بعد الشروع في النسك الغير واجب إلا بإذنه ، وبين حق الله تعالى بالتمام لمن شرع في النسك.
فنقول يحرم على الزوجة ذلك ، ويجب عليها الإتمام بعد الشروع ، وتستحق الإثم لتفويت حق الزوج . وبهذا لا يحصل التعارض.

٦ - ولأن حق الله تعالى ههنا أعظم ، لأن  الشرط الشرعي إذا فقد في أصل الشرع يؤدي إلى فساد العقد، بخلاف فوات الشرط المتعلق بالمخلوق ، يصح العقد ويستحق الظالم الإثم  إن لم يأذن له المظلوم .
وما تعلق بأصل العقد أولى مما تعلق بأمر خارج عنه .
وحج المرأة والحالة تلك لا يؤدي إلى فساد الحج ، بخلاف تحللها  يؤدي إلى عدم صحة حجها.
والقاعدة : شرط الصحة مقدم على شرط الوجوب عند التعارض.

٧ - فإن قيل : إن عدم إذن الزوج عجز شرعي ، فينزل منزلة العجز الحسي.
والقاعدة : المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً، والعكس صحيح .

فالجواب : أن العجز الشرعي الذي ينزل منزلة العجز الحسي ، هو الذي لا تصح بدونه العبادة ، أما إذا أمكن تصحيحها  مع استحقاق الإثم فهذا محل اجتهاد ونظر وتأمل ، وذلك كعدم وجود المحرم بعد شروعها في الحج أو العمرة .
ومع ذلك فإننا نقول : إنها شرعت فيما يلزم بالشروع فيه ، مع علمها بعدم إذن زوجها ، فيلزمها الإتمام ، لأن إذنه شرط لزوم لا شرط صحة ، وقد بنت الشروع على مخالفة للزوج فوجدت المخالفة وبقي حق التوفية والإتمام فلا يجوز فسخه لأنه لم يبن على مخالفة تمنع صحته حتى يقال : ما بني على باطل فهو باطل. 

ثم إن رفض الزوج كان بعد الشروع في العبادة ، فلا عبرة برفضه لوجوب اتمام ما شرعت فيه .
فإن قيل : لم تستأذنه قبل ذلك ، فلا يسقط حق المخلوق إلا بإسقاطه.

فالجواب :  أنه يجوز تصرف الفضولي قبل الاستئذان ، ثم صاحب الحق له الحق في الإذن أو عدمه، ولما شرعت فيما لا يجوز إبطاله سقط حقه شرعاً في الرفض ، ولزمها الإتمام .
فأن رفض قبل الشروع فشرعت ، وجب عليها الإتمام ، واستحقت إثم مخالفة الزوج .
وبهذا يتبين : وجوب إتمام ما شرعت فيه من الحج أو العمرة ، وليس لزوجها حق المنع والحالة تلك .

تنبيه : الحج الواجب على الزوجة لا يجب استئذان الزوج فيه .
والقاعدة : استئذان من لا يجب استئذانه لا أثر له في إفساد العقد أو العبادة .
والله تعالى أعلم 

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت