حكم أكل جميع الأضحية :
————
١ - قال تعالى : ( فَكُلُوا مِنْهَا ، وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .
القانع : هو الفقير الذي لا يسأل تقنعاً وتعففاً .
والمعتر : هو الفقير الذي يسأل .
وهذه الآية واردة في الهدي ، وتقاس عليها الأضحية، لأن الهدي للحاج، والأضحية لغير الحاج .
فإن قيل : إن الأضحية تختلف عن الهدي في بعض الأحكام، فيشرع للمضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يمسك عن شعره وأظفاره، ولا يشعر ذلك للمهدي.
فالجواب : الأصل أنهما مستويان في الأحكام ، لأن بابهما واحد، إلا ما دل الدليل على تخصيصه.
٢ - قال صلى الله عليه وسلم في الأضاحي : ( فَكُلُوا ، وَادَّخِرُوا ، وَتَصَدَّقُوا ) رواه مسلم .
والأمر بالصدقة في الحديث على سبيل الاستحباب لا الوجوب ، وذلك للقرائن الصارفة من الوجوب إلى الاستحباب ، وهي :
أ - أن الادخار من الأضحية ليس بواجب، فكذا التصدق منها ، وكذا الأكل من الأضحية ليس بواجب عند الأئمة الأربعة ، وحكي الإجماع على ذلك إلا ما روي عن بعض السلف، فكذا التصدق منها .
والقاعدة الأصولية : أن دلالة الاقتران ليست بضعيفة مطلقاً، بل قد تقوى وتضعف بحسب السياق - وقد سبق تقرير ذلك في القواعد -.
ب - أن الأضحية ليست بواجبة عند جمهور العلماء وهو الأرجح، فما بني عليها - من التصدق بجزء منها - يكون على الاستحباب، فإذا كان الأصل ليس بواجب، فالفرع من باب أولى .
ج - إن الصدقة تكون من الإنسان على نفسه ، وعلى ذريته ، ومن يعول، والصدقة عليهم أولى من غيرهم ، إلا في الواجبات فقد تجب لغير من يعول ، كما في كفارة الوطء في نهار رمضان ، ففي الحديث، قال : يارسول الله ، والله ما بين لابتيها بيت أفقر منا ، فقال : ( خذه فأطعمه أهلك ).
٣ - ولأن المقصود الأعظم من الأضحية هو إراقة الدم تعبداً وتقرباً إلى الله تعالى في يوم النحر وأيام التشريق، واللحم تابع لا مقصود لذاته، قال تعالى : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ..).
وبناء على ذلك ، فمن ذبح أضحيته ولم يتصدق بشيء منها ، بل طبخها وأكلها ، فلا شيء عليه، خلافاًلمذهب الشافعية والحنابلة ، من وجوب التصدق بشيء منها ، لظاهر الآية السابقة ، وذلك أن القاعدة : المطلق يصح بأقل ما يتناوله اللفظ .
وقد سبق الجواب عليه، وأن الأمر في الآية للأستحباب لا للوجوب، والله تعالى أعلم .
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق