حكم لفظة : خادم الله، أو خادم الرحمن :
حكم لفظ : خادم رسو الله صلى الله عليه وسلم .
————-
يتضح حكم هذه المسألة في النقاط التالية :
١ - ( خادمة الرحمن ) : من مُصطلحات النصارى .
فهم يُسمّون ( خادم الربّ ) و ( خادم الله ) .
فهم يطلقون الخدمة بمعنى العبادة ،
فخادم الرحمن يعني عابد الرحمن .
٢ - الخادم هو الذي يطوف على سيده ، ويدور حوله ، ليخدمه برفق وعناية .
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (2/162، 163) :
" خدم : الخاء والدال والميم أصل واحد منقاس ، وهو إطافة الشيء بالشيء ..
ومن هذا الباب : الخدمة ، ومنه اشتقاق "الخادم" ؛ لأن الخام يُطيف بمخدومه" انتهى .
وفي "لسان العرب" (9/225) في قول الله عز وجل : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) النور/58 : "الطائف : هو الخادم الذي يخدمك برفق وعناية ..
والخادم الذي يطوف على مولاه ويدور حوله " .
٣ - لم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية – فيما نعلم – أنه ورد إطلاق "الخدمة" على عبادة الله تعالى ، أو طاعته ، وطاعة رسوله ، ولا إطلاق "الخادم" على من أطاع الله ورسوله .
لكن أطلق جمع من العلماء التعبير بـ "الخدمة" عن طاعة الله وتعالى وعبادته .
فقد ورد ذلك في كلام ابن القيم رحمه الله وحكاه عن بعض السلف ، كما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن غير واحد . انظر : "درء التعارض" (4/196) ، (4/352) ، (4/358) .
ولم يستنكره شيخ الإسلام ، أو يعقب عليه بشيء .
وقال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/72) :
" وقال يحيى بن معاذ : من سر بخدمة الله ، سرت الأشياء كلها بخدمته .
ومن علامات صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ، ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ، ويذكره به ، ويذاكره بهذا الأمر ...
ومن علامات صحته : أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب" انتهى .
٤ - وجه إطلاق الخادم على العابد :أن لفظ "الخدمة" يشعر بنوع من الاعتناء بالطاعة ، والحرص على عدم المخالفة ، كما يشعر بنوع من التذلل والخضوع .
فكان في ذلك نوع من المجاز، أو أسلوباً من أساليب لغة العرب، في حكاية الشيء عن الشيء لوجود شبه فيه ولو من بعيد .
وبناء على ما سبق فإن إطلاق هذا اللفظ خلاف الأولى، لما يوهم من حاجة الله تعالى إلى الخدمة، والله تعالى غني عن كل أحد، وكل احد محتاج إلى الله تعالى ، قال تعالى : ( قل الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد ).
ولأن الخادم في لغة العرب هو الذي يطوف على سيده، ويدور عليه ليخدمه، وهذا لم يثبت في الشرع حصوله من الآدميين لله تعالى ، ولما كان المراد من إطلاق هذا اللفظ المعنى المجازي من الاعتناء بالطاعة، والحرص على عدم المخالفة، ولما يشعر من التذلل والخضوع ، لم يكن محرماً ، لوجود هذا المعنى المجازي المراد في العرف، مع أن الأولى تجنب هذا اللفظ، والاكتفاء بكون الإنسان لله عبدا( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا).
تنبيه : وأما إطلاق هذا اللفظ على النبي صلى الله عليه وسلم فنقول : نحن خدام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فله وجه صحيح من حيث المعنى ، إذ يكون معناه : أننا مطيعون للرسول صلى الله عليه وسلم ، متبعون لأمره ، مجتنبون لنهيه ، بعيدون عما يغضبه ، كما يفعل الخادم مع سيده .
ومع ذلك فإنه يوهم بأنه باشر خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو لم يباشرها، قال أنس : ( خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ).
والأولى أن يقال : نحن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومطيعون لأمره ، ومتمسكون بهديه ، ونحو ذلك .
( والخلاصة : أن لفظ : خادم الله، أو لفظ : خادم رسول الله ، لا بأس به مع انه خلاف الأولى ).
والله تعالى أعلم .
كتبه /د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق