حكم الإتمام للمتصدق الذي دخل مع المنفرد للفريضة في الركعتين الأخريين :
—————-
صورة المسألة : رجل جاء يصلي بعد ما فرغ الناس من الجماعة لصلاة الظهر ورآه آخر ونوى أن يتصدق عليه وذلك بأن يصلي معه فدخل معه في الركعتين الأخيرتين ثم سلم معه ، هل فعل المتصدق صحيح أم يلزمه أن يتم أربعًا ؟
————-
الذي يترجح في نظري والعلم عندالله تعالى أنه لا يجب عليه الإتمام ، وإنما يستحب ، وذلك للأسباب التالية :
١ - لحديث ( فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ).وصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ، لكون المتصدق يصلي نافلة لا فريضة ، والنافلة يجوز قطعها بلا سبب سوى الحج والعمرة، لأن من دخلهما فكأنما شرع في النذر ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق).
٢ - فإن قيل : من صلى النافلة ، وجب عليه أن يصليها حسب ما شرعت.
فالجواب : أن أقل النفل في الصلاة ركعتين سوى الوتر .، وفي الحديث( صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت أحدكم الفجر فليوتر بركعة ).
٣ - فإن قيل : حديث ابن عباس ، لما سئل : ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى خلف المقيم صلى أربعاً، فقال : يا ابن أخي : هذه هي السنة).
فإذا وجب على المسافر المفترض الذي صلى خلف المقيم الإتمام ، وجب على المتصدق الذي أدرك جزء من صلاة الإمام الإتمام ، لأن القاعدة : ما ثبت في الفرض ثبت في النفل، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا ما دل الدليل على تخصيصه .
كما سبق تقريره في القواعد .
فالجواب من أوجه :
أ - أن الدليل دل على التفريق بينهما، فلا يجوز قطع صلاة الفرض، ( ولا تبطلوا أعمالكم ) ويجوز قطع نافلة الصلاة ، قياساً على الصائم المتطوع الذي هو أمير نفسه .
ب - أن النص ورد في المسافر مع القيم ، فلا يتعدى الحكم المنصوص عليه، لأن العلة تعبدية محضة .
ج - ولأن أقل الصدقة في صلاة الفرض في غير الوتر ركعتين، وقد تحققت في شأن المتصدق، وإن كان إدراك ركعة كافية في إدراك الجماعة للمنفرد .
٤ - ولأن النص مطلق في تحقق الصدقة الواردة في حديث ( من يتصدق على هذا) لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد فاتته الجماعة .
والقاعدة : المطلق يصح على أقل ما يتناوله اللفظ، وبناء عليه، فإن المتصدق بركعتين حصل به المقصود، ولم يخالف المتابعة حتى سلم أمامه، والله تعالى أعلم .
كتبه / د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق