إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

حكم لبس الكمام للمحرم من الرجال والنساء//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله

 


حكم لبس الكمام للمحرم من الرجال والنساء

———-

( الخلاصة : لبس الكمام للرجل المحرم من قبيل المفصل على العضو  من اللباس ونحوه ، والمفصل من اللباس يحرم على المحرم ، فإذا لبسه لدفع الضرر عنه  أو دفع الإكراه عنه فعليه الفدية. وأما المرأة المحرمة فإنه  يحرم عليها لبس الكمام من غير عذر  ، لأنه في حكم النقاب، واللثام ، فإن النص ورد في النقاب ، واللثام والكمام بمعناه، لأنه من قبيل المفصل على العضو، إذ يغطي الفم والأنف وما جاوره، فأشبه النقاب واللثام ، وقد نصت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على تحريم اللثام للمحرمة ).

——-

ولبيان حكم هذه المسألة بالتفصيل ، يتضح في النقاط التالية :


١ -  الكمام : هو القناع الجراحي أو القناع الطبي لتغطية الفم، والأنف: وهو قطعة من قماش أو نحوه معدة أصلا لأن يرتديها الممارسون الصحيون في العمليات الجراحية أو خلال العناية بالمرضي، لمنع انتقال العدوى والبكتيريا من المرضى بواسطة الرذاذ المنطلق من فم وأنف المريض. 

أو هي: ما يوضع على الفم، والأنف؛ اتقاء الغازات السامة، والغبار، والأمراض والجراثيم ونحوها.

فالكمام : لباس مفصل لبعض الوجه، على الفم والأنف وشيء من الوجه .

وإنما ورد فيه النهي للمرأة ، لأن الأعم الأغلب في تغطية بعض الوجه بلباس مفصل على الوجه إنما يكون للنساء.

والقاعدة : ما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.


٢ - العلة في تحريم الكمام على الرجل المحرم حال الإحرام : هو لبس المخيط . 


والمخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها ما هو مفصل على هيئة البدن أو العضو، على صفة لباسها في العادة ؛ كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد؛ ويستر بدنه بما سوى ذلك، فيلبس رداء يلفه على نصفه العلوي، و زارا يلفه على باقي جسمه. ودليل ذلك ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البرانس ولا السراويلات ولا الخفين ....).

والقاعدة : المنصوص عليه، وما في معناه ، حكمهما واحد.


أما لو وضع المحرم اللباس المفصل أو المخيط على صدره أو بطنه أو قدميه خشية أن يصاب بالبرد مثلا دون أن يلبسها، فلا بأس به، لأن هذا ليس لبساً له على الوجه المعتاد .


٣ - لبس الخف والشراب الذي يستر أصابع القدمين والعقب.، من أنواع اللباس المحظور على المحرم ،  لأنه من المخيط المفصل على قدر العضو. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لم يجد النعلين  يلبس الخفين وليقطعهما حتى يكون أسفل من الكعبين ). وقد اتفق الأئمة على أن للمحرم أن يستر يديه ورجليه مع أنه منهي عن لبس القميص والخف بالنسبة للرجل لا المرأة .


وقد أجمع العلماء على أن لبس المخيط من محظورات الإحرام التي تخص الرجال، وعلى أن المحرم ممنوع من لبس ما فصل على قدر العضو كالقميص، والعمامة، والسراويل، والخفاف،والبرانس.

وأن التحريم مختص بالرجال دون النساء. 


وألحق أهل العلم ما كان من الثياب مما عمل على قدر البدن، وكل ما كان ساترا العضو على قدره، كالقميص للبدن، والسراويل لجزء من البدن، والقفازين لليدين، والخفين للرجلين، وما كان في معنى ذلك.

وضابطه: لبس كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يحیط به بخياط أو تلزيق بعضه ببعض أو غيرهما؛ ويستمسك عليه بنفس لبس مثله .


قال النووي: ولو اتخذ الرجل لساعده  أو لعضو آخر شيئا مخيطا أو للحيته خريطة يعلقها بها إذا خضبها فقد وقع في المحظور وعليه الفدية. 

 إلا أن النووي ذکر تردد الشيخ أبو محمد الجويني في تحريم المخيط غير المعتاد

كالقفازين ونحوه، لأن المقصود تحريم الملابس المعتادة، وهذا ليس معتادا. 


فالكمام ملبوس مقصود محيط بالعضو من الوجه، فلا  يجوز لبسه حال الإحرام للرجال؛ لأنها بذلك داخلة في مسمي المخيط الذي هو من المحظورات.


خلافاً لمن يرى  أن الكمام ليس ملبوس في العادة، وأن المحظور هو لبس المخيط المعتاد، 


والجواب عنه : أن الكمام مفصل على قدر عضو من الوجه ، فكان محظوراً على الرجل من جهة كونه مفصلاً، وهذا لبسه المعتاد لمن لبسه، بخلاف القميص لمن تلحف به لم يلبسه على وجه المعتاد، والفرق بينهما واضح .


٤ - فرق بين تغطية الوجه 

بغير ما صنع له، وبين تغطيته بما صنع له وفصل على قدره أو قدر جزء منه .


٥ - لبس الكمام للمرأة المحرمة لا إشكال في أنه لا يجوز من غير عذر ، لأنها منهية أن تضع على وجهها ما صنع له، من برقع أو نقاب أو لثام، ومثله الكمام. فالمرأة منهية عن أن تنتقب بالنص الصحيح الصريح .

فإن قيل المرأة المحرمة يجوز لها لبس المفصل .

فالجواب : نعم يجوز لها لبس المفصل في سائر بدنها حتى الخفين من غير حاجة إلا المفصل في الوجه  والكفين خاصة ، لنهيها عن لبس النقاب والقفازين ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين)  ، فيقاس عليهما كل مفصل للوجه والكفين. .


٦ - تغطية الرجل وجهه بما لم يصنع لوجهه، ويفصل على قدره أو قدر جزء منه، ليس بمحظور عليه  في حال الإحرام ، لأن زيادة ( لا تخمروا وجهه) شاذة ، والشاذ من أقسام الحديث الضعيف، والصحيح ( لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً).


٧ - من احتاج للبس الكمام في حال الإحرام ، فإنه إذا لم يكره عليه، وإنما كان لدفع الإكراه به،  بحيث لا يُمكًًًًن من حجه أو عمرته إلا بلبسه، أو لخوفه من العدوى ، فإنه يجب عليه  الفدية في لبسه ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )  ولحديث كعب بن عجرة لما جيء به والقمل يتحات من رأسه، فقال له صلى الله عليه وسلم ( ما كنت أظن أن الأذى بلغ بك هذا المبلغ ، احلق رأسك وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع )

وقد سبق في القواعد  التفريق بين الإكراه على الشيء ، ودفع الإكراه بالشيء .


٨ -  تغطية المحرمة لوجهها من غير  عذر :

ذهب جمهور العلماء إلى ان المحرمة يلزمها كشف وجهها وهي محرمة إلا من عذر.

وذلك لحديث عائشة ، وفيه إذا مر بنا الركبان سدلنا ، وإذا جاوزوا كشفنا.


وهذا يحتمل : أن الكشف لكون إحرام المرأة في وجهها فلا تغطيه إلا للعذر، ويحتمل أن الكشف كان لعدم وجود ما يقتضي الستر للوجه، لا من أجل الإحرام .

وقاعدة الراسخين في العلم : رد المتشابه الذي يحتمل أكثر من معنى إلى الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً، وفي الحديث الآخر :( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين )

والقاعدة : النهي عن الأخص دليل على جواز الأعم.

فنهي المحرمة عن النقاب وما كان في معناه كالبرقع واللثام ، دليل على جواز الأعم ، وهو التغطية الكاملة لا التغطية المفصلة على الشيء ، كما يفرق بين من يلتحف بالثوب من المحرمين، ومن يلبسه على وجه التفصيل على قدر العضو، وفي الحديث: ما يلبس المحرم، قال : لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل  ...).

فالنهي ليس من أجل كون تغطية الوجه للمرأة  من محظورات الإحرام، وإنما النهي للبس المفصل على قدر العضو ، كسائر الجسد ، يفرق بين تغطيته باللحاف مما ليس مفصلاً على العضو، وبين ما كان مفصلاً على العضو بالنسبة للمحرم .

وهذا القول الثاني : بجواز عدم كشف المحرمة لوجهها من غير عذر - إذا لم يكن نقاباً وما في معناه - ، هو الأقرب،  وهو قول عند الحنابلة في مذهبهم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وأما حديث( إحرام المرأة في وجهها ) فضعيف . والله تعالى أعلم .


كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت