حكم السحب على ليلة مجانية في شاليه أو شقة مفروشة إذا أعلن عنها المتابع في قنوات التواصل الاجتماعي :
حكم اشتراط المتابعة وإعادة التغريد والتعليق في اليوتيوب لدخول السحب:
———-
فمثلاً: واحد من ألفين متابع في السناب له جائزة إذا نشر الإعلان، عن طريق السحب بالأرقام لكل من أعلن يدخل في عملية السحب التي قد يقع اسمه فيها أولا ،هل هذا جائز شرعاً؟
——-
( الخلاصة : لا يجوز ذلك لأنه من القمار ).
وذلك للأسباب التالية :
١ - لقوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ).
والأصل أن كل مغالبة ومخاطرة تكون سبباً لأكل أموال الناس بالباطل فهي من الميسر : فهو كل ما فيه مخاطرة محرمة ، أو هو : ما تردد في حصول الشيء من عدمه . وهو القمار إلا أنه يختص بما فيه مال - عند من فرق بينهما.
وهذا العمل الذي قام به الناشر للإعلان عمل ومنفعة في مقابل عوض قد يحصل عليه وقد لا يحصل عليه، فكان ذلك من القمار والميسر .
٢ - حديث : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر .
والغرر: كل معاملة تدور بين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه.
أما في الربح فهو التجارة ، كما سبق تقريره في الفرق بين الغرر والتجارة .
فكل غرم متحقق في أصل المال من أجل ربح محتمل ، فهو غرر .
وههنا المعاملة من الغرر، لأنه غرم متحقق وهو السعي الذي يقوم به المتابع لدلالته على هذه الشقق أو الشاليهات في. مقابل ربح محتمل وهو حصول ليلة مجانية قد يحصل عليها وقد لا يحصل .
- وذلك أن تسويق المتابع ودلالته وإعلانه وتكلفة الإعلان إذا كان له تكلفه وجهده في نشر الإعلان ، كل هذا عمل متحقق من أجل ربح محتمل، فيكون من القمار والميسر الذي نهى عنه الشرع - .
٣ - فإن قيل : إن هذه التكلفة للإعلان ليس لها كلفة لكون المعلن مشترك برسوم معينة مقابل خدمة شهرية .
فالجواب : أن السعي في حد ذاته منفعة ، ومتقومة بمال وإن لم يكن لها تكلفة مالية، وذلك أن المال : هو كل ما يتمول وينتفع به.
وهذه الخدمة التسويقية متقومة بمال ، والمنفعة من المال .
٤ - فإن قيل : إن هذا الجهد أو التكلفة المالية يسيرة ، واليسير في الغرر مغفور ومعفو عنه . ومالية الوقت والعمل
بالغة القلة والاضمحلال إلى درجة تشبه العدم ، وما قارب الشيء أخذ حكمه .
فالجواب : عدم التسليم بكونه يسيراً، فإن هذا العمل منفعة له قيمة معتبرة عرفاً .
وعلى فرض كونه يسيراً : فهو عقد معاوضة لم يكن تابعاً لغيره ، ولا مشقة فادحة في عدم التحرز منه حتى يعفى عن يسيره، وليس من عقود التبرعات، بل هو من عقود المعاوضات ، وقد انفرد هذا العمل اليسير بمعاوضة قد تحصل وقد لا تحصل، وقد يكون العمل يسيراً ويترتب عليه ربحاً وعوضاً كثيراً، وكم من عمل يسير وعوضه كبير .
وعلى فرض كونه يسيراً، فقد انفرد بالعوض، وبذل عليه جائزة محتملة لما فيه من عمل له أهمية ولو كان يسيراً، ولكنه مقصود لذاته في معاوضة لا تبرع ، ولو كان حقيراً لا عبرة به لعفي عنه، ولكنه يسير ذو أهمية، وفرق بين الحقير الذي لا تتبعه همة أوساط الناس ، وبين المقصود لذاته وله أهمية عظيمة مع كونه يسيرا، فالأول هو المستثنى من الغرر، والثاني غير مستثنى ، فالمقصود باليسير المستثنى في الغرر هو الحقير الذي لا أثر له ويشق التحرز عنه، بخلاف المنفرد المقصود نفعه ولو كان يسيراً.
ولهذا نجد أخذ العوض الكثير في المهارات التقنية مع أن العوض فيها عمل يسير جداً أحياناً قد لا يستغرق ثوان أو دقائق.
وقاعدة : ما قارب الشيء يأخذ حكمه أحياناً.
سبقت في القواعد ،وهي بمعنى : قاعدة : مواضع التقريب ، لا يتأتى فيها الحد الضابط .
فقاعدة : ما قارب الشيء ، يأخذ حكمه، مما يشق معرفة حده - مشقة غير معتادة - أو يكون حده غير مراد يقيناً أو غلبة ظن . كما سبق بيانه بالتفصيل .
٥ - فإن قيل : فالمتابع لم يدفع مالا حقيقًا لصاحب المسابقة، ولكنه عمل عملاً يستفيد منه صاحب المسابقة في التسويق.
فالجواب : أن العمل له قيمة شرعاً، فهو إما غانم ، وإما غارم بعمله، أو عمله وماله إذا كان لهذا العمل ما يحتاج إليه من كلفة مالية ، وإما غارم بماله فقط .
وبأي نوع كان الغرم المتحقق - في أصل المال لا في ربحه - من مال ، أو عمل ومال ، أو عمل فقط ، في عوض محتمل فهو من الغرر.
٦ - فإن قيل : هو إما سالم وإما غانم
وفرق بينه وبين الذي هو إما غارم وإما غانم الذي يكون فيه القمار .
فالجواب : الغرم قد يكون في المال وقد يكون في العمل، وقد يكون في المال والعمل، فكل غرم منها متحقق من أجل ربح محتمل فهو غرر منهي عنه .
فالعمل والمنفعة لها مالية .، لأن المال : هو كل ما يتمول وينتفع به .
وبهذا يتبين حكم ما انتشر من أصحاب مواقع الإنترنت التي يتاجرون عن طريقها بأشياء مختلفة كالملابس والجوالات وغيرها ، ينظمون مسابقة ، حقيقتها : أن تشترك في مجموعتهم ثم تنقل إعلان المسابقة إلى صفحات الإنترنت الأخرى ويعطونك رقما ولما تنتهي المسابقة يقوم منظمها بتعيين الفائز عن طريق أرقام السحب .
ولما كانت العادة جارية بأن نشر الاعلانات عمل متقوم ، فإنه يكون من الغرم المتحقق من أجل غنم محتمل ، فيكون من القمار والميسر - لما تقدم -. والله تعالى أعلم .
تنبيه : وكذا يقال في اشتراط المتابعة وإعادة التغريد والتعليق في اليوتيوب لدخول السحب . والله تعالى أعلم .
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق