حكم عسل النحل الحرامي:
حكم كسب الحمام الحرامي:
حكم ما أكله البعير من علف غير مالكه:
————
النحل الحرامي: الذي يسرق عسل نحل أناس معصومين ويأتي به إلى خلية صاحب النحل الحرامي أو السارق.
ويتضح هذا الحكم في النقاط التالية:
١- إذا كان مالك هذا النحل اتخذه من أجل أن يجلب له عسل الناس المعصومة أموالهم، أو دربه على ذلك، فهذا اتخذ النحل أداة لأخذ أموال الناس بغير حق، وفي الحديث: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)، وقال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
فمن اتخذ العسل الحرامي لأخذ أموال الناس بالباطل فإنه يكسب حراما.
٢- إذا اتخذ هذا النحل ليجمع له عسلاً في خليته كسائر النحل، ولم يعلم باعتدائه على عسل غيره، ولم يغلب على ظنه ذلك، ولم يتيقن فعله لذلك، لكونه بعيداً عن عسل غيره، أو نحو ذلك مما يعرفه أهل الخبرة، فهو كسائر عسل النحل، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن الأحكام الشرعية كما تعرف باليقين، تعرف بغلبة الظن.
٣- أن يعرف بأن هذا العسل عسل معصوم أتى به النحل الحرامي، ولكن لا يعرف عين مالكه، وذلك كأن يأتيه بعسل السدر في غير وقت حصاده، فهذا يشبه اللقطة التي لا يعرف مالكها، فإن كانت يسيرة مما لا تتبعه همة أوساط الناس، فلا تحتاج إلى تعريف، ويكون له تملكه، وإذا كان مما تتبعه همة أوساط الناس عرفه سنة ثم تملكها حتى يأتي ربها فيدفعه إليه إن وجدت عينه، وإن لم توجد دفع قيمته إليه، وإذا رفع صاحبها رد عسله إليه.
* وإذا تيقن أو غلب على ظنه أنه يأتي باليسير من كل ذي نحل قريب منه، بحيث لا يكون مجموع ما أخذه من مالك العسل لا تتبعه همة أوساط الناس، مع أن مجموع ما أخذه من ملاك متعددين تتبعه همة أوساط الناس، فله تملكه إن لم يعرف عين وقدر ما أخذه من مالك بعينه.
٤- في الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العجماء جبار)؛ أي جناية البهيمة هدر ما لم يتعد صاحبها أو يفرط، فكل من فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجب فعليه الضمان، ولهذا حديث البراء بن عازب: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل). وذلك لأن العرف يقتضي أن على أهل المواشي حفظها بالليل، فإن لم يحفظوها فعلوا ما لا يجوز فكان عليهم الضمان.
* والعرف كذلك يقتضي أن أهل المزارع يحفظوا مزارعهم بالنهار، فإن لم يفعلوا كان عليهم ضمان ما جنت المواشي.
* وبناء على ذلك: إذا كان العرف يقتضي أن صاحب النحل الحرامي يجب عليه أن يحفظ نحله من السرقة كابعاده عن أصحاب خلايا النحل، فلم يفعل فعليه الضمان، وإذا لم يفعل ما لا يجوز ولم يترك ما وجب فلا ضمان عليه، ومعرفة عرف النحاليين في ما يجب عليه -صاحب النحل الحرامي- وعليهم، وما يجوز له وما لا يجوز له في عرفهم، يترتب عليه الضمان من عدمه، خصوصاً أن هناك تجمع عسل من النحل غير مملوك لأحد، فيكون لمن أخذه، وكذا فيما أكلته البهيمة كالبعير من علف غير مالكه، إذا لم يتعدى صاحب البعير ولم يفرط، فلا ضمان عليه، وإلا وجب عليه الضمان وكذا يقال في كسب الحمام الحرامي.
والله تعالى أعلم.
كتبه /د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق