————
فمثلاً: إذا جنى عليه بقطع أصبعه ثم سرت الجناية (غرغرينا) لأنه مصاب بالسكر، حتى مات..
هل يقتص من الجاني بالقتل؟
————-
من جنى على إنسان مريض بالسكري أو غيره من الأمراض، وهو يعلم أو يغلب على ظنه موته بتلك الجناية التي تقضي عليه عادة ولا تقضي على غيره، يكون والحالة تلك من القتل العمد العدوان في أحكام الآخرة -الأحكام التكليفية-.
وأما في أحكام الدنيا: فنعمل بالظاهر، فإذا كان ظاهر حاله المرض الذي تقضي عليه تلك الجناية من الجاني فإن في ذلك القود -القصاص- إلا أن يعفو إلى غيره، أو يعفو مطلقاً.
وأما إذا كان ظاهر حاله السلامة والمرض غير ظاهر عليه، وجنى عليه بجناية تقتل من في مثل حالته، ولا تقتل من كان سالما معافى في الأعم الأغلب، فلا يقاد به؛ لأن العبرة بالظاهر من أمره، لا ما خفي.
وهذا يتعلق بالحكم الوضعي، والأول يتعلق بالحكم التكليفي.
وكذا يقال: في القصاص في الجروح والأطراف من الجاني في حال يخشى فيه من السراية، كأن يكون المقتص منه به مرض السكري، أو هناك شدة برد، أو شدة حر، فإذا كان الغالب أنه لا يبرأ عند القصاص منه في مثل هذه الحال، ويخشى فيه من السراية، فالسراية تكون مضمونة، لأنها مترتبة على شيء غير مأذون فيه، ولا يعني كونه مأذون به في الأصل، أنه مأذون به وهو في مثل هذه الحال، فهو في مثل هذه الحال غير مأذون فيه، فيكون عليه الضمان.
والقاعدة: فرق بين المأذون فيه بالأصل، والمأذون به في حال دون حال.
كما يجوز رجم المرأة الزانية المحصنة، من حيث الأصل، ولا يجوز رميها في حال كون ولدها في بطنها.
والقاعدة: ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون، وما ترتب على غير المأذون فهو مضمون.
والله تعالى أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق