إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الجمعة، 5 مارس 2021

المحاضرة السادسة: فقه المعاملات المالية // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 المحاضرة السادسة: فقه المعاملات المالية.


———-


الحمد لله رب العالمين حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...في هذه المحاضرة وهي المحاضرة السادسة في فقه المعاملات المالية.


*مسائل متفرقه في البيع:


1- الاحتكار:

هو حبس التجار للسلع إرادة الغلاء.

وهذا يسمى احتكاراً،  وهو شراء الطعام أو السلعة وقت الغلاء وحبسه حتي يبيعه بسعر  مرتفع؛ وهو حرام لقوله صلي الله عليه وسلم:{لا يحتكر إلا خاطىء}.

وهذا الحكم يجري عند بعض الفقهاء في ما يحتاجه الناس ويتضررون من حبسه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم:{لا يحتكر إلا خاطئ}.

والخاطئ: هو الذي يفعل الذنب عن عمد. والمخطئ: هو الذي يفعل الذنب عن غير عمد.

 الخاطئ هو الذي يحبس السلعة حتى يرتفع سعرها، حبس السلع أو حبس التجار للسلع إرادة الغلاء، هذا يعتبر احتكاراً، و هل المراد ما يحتاجه الناس ويتضررون من حبسه أو يكون في كل شئ؟ 

من نظر إلى اللفظ قال بأنه يكون في كل شئ؛ فحبس السلع إرادة الغلا يعتبر احتكاراً.

 ومن نظر الي المعنى قال:  إنما ذلك في السلع التي يحتاجها الناس ويتضررون من حبسها.

 والقاعدة عند أهل العلم هي: "إذا تعارض اللفظ والمعنى أيهما يقدم؟ يقدم المعنى إذا ظهر وإن لم يظهر فاتباع اللفظ أولى".

وبما أن المعنى: هو الإضرار بالناس ومن أنواع الإضرار حبس السلع إرادة الغلاء فيكون هذا في ما يحتاجه الناس ويتضرر الناس بحبسه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: {لا ضرر ولا ضرار}، أما ما لا يحتاجه الناس ويتضررون بحبسه فإن هذا لا يسمى احتكاراً.

والأقرب: أن الاحتكار يكون في كل شيء، والضرر من سلعة إلى سلعة أمر نسبي، وحاجات الناس متفاوته، والضرر حاصل في كل أنواع الضرر سواء كان طعاماً أو غيره، والحديث عام، والقاعدة: حذف المتعلق مشعر بالعموم.

وهي قاعدة: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال.


2- التسعير:

هو تقدير السلطان لسعر السلع ثمناً وإجبار الناس علي التبايع بذلك الثمن.

أو هو تقدير السلطه لسعر البيع والإجبار عليه.

والأصل فيه الحرمة لأن التسعير له أسباب ثلاثة:  

- السبب الأول: كثرة النمو.

- السبب الثاني: قلة المحصول.

- السبب الثالث: الاحتكار.

فإذا كان السبب كثرة النمو؛ مثلاً: عندما يأتي الناس في الحج إلى مكه فإن الخبز يباع الان في غير وقت الحج أربع خبزات بريال وفي الحج تكون خبزتين أو ثلاثة خبزات بريال السبب في ذلك هو كثرة النمو أيضا.

وأحيانا يكون السبب هو قلة المحصول مثل: إجار الشقق في الأحوال العادية يكون ب20 الف ريال للسنة اذا كثر الناس وقلت الشقق عند ذلك يكون هذا سبب لارتفاع الأسعار لأن الاقبال عليها وارتفاع السعر وانخفاضه يرجع إلى العرض والطلب؛ فإذا  كان المعروض كثيراً خفت الأسعار وإذا كان المعروض قليلا فإن الأسعار ترتفع ولهذا نقول هنا هذا السبب الثاني قلة المحصول، هذا لا يجوز التسعير بسببه.

إذن متي يجوز التسعير بسببه؟ هو عند ما يكون هناك احتكار بما أن التجار يحبسون السلع حتى ترتفع أسعارها حتى يبحث الناس عنها فلا يجدوا منها الا القليل فترتفع الأسعار مثل: لو اتفق أصحاب شركات الألبان أن لا يصدروا للناس إلا قليلا حتى ترتفع الأسعار أو يمنعون تصدير اللبن فتره حتى يرتفع السعر ثم يبيعونه بثمن أعلى؛ هذا لا  يجوز، وهنا يجب على الحاكم أن يتدخل إذا كان السبب في الارتفاع هو الاحتكار لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحتكر الا خاطئ}؛ والخاطئ هو الذي يفعل الذنب عن عمد وهذا منكر فيجب على السلطان أن ينكر هذا المنكر وأن يغيره، وكل من كان يستطيع تغير المنكر بيده وجب عليه تغيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، ويجب التسعير والحالة تلك.


ولغير سبب الاحتكار لا يجوز التسعير، فإذا وجدنا أنساناً يبيع العصير بخمس ريالات هنا نقول ما يجوز أنك تأخذه بريالين وإنما تأخذه منه بخمس ريالات فإن لم ترده بخمس، تتركه وتذهب للمحل الأوفر لك. لكن ما تتصل على وزارة التجارة وتقول له  لابد أن تخفض السعر وأن تفعل كذا وكذا ما يجوز لأنه ليس احتكاراً،  فالعصير متوفر في كل محل فهذا يبيع بهذا المبلغ والآخر يبيع بمبلغ آخر، فلا يجوز أن تجبره على أن يبيع بسعر معين.


 إذن أسباب التسعير ثلاثة:

الأول: كثرة النمو ولا يجوز التسعير به.

الثاني: قلة المحصول ولا يجوز  التسعير بسببه.

الثالث: الاحتكار، وهذا هو الذي يجب على السلطان أن يتدخل فيه من أجل أن يغير هذا المنكر حتى لا يحبس التجار السلع لإرادة الغلاء.

ولهذا قلنا الأصل في التسعير هو الحرمة؛ لأن  التراضي شرط في صحة البيع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه} فإذا اجبرته لم يبع بطيب نفس منه.

ويدل علي ذلك حديث أنس رضى الله عنه: {قال النَّاسُ يا رسولَ اللَّهِ، غلا السِّعرُ فسعِّر لَنا، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ القابضُ الباسطُ الرَّازقُ، وإنِّي لأرجو أن ألقَى اللَّهَ وليسَ أحدٌ منكُم يطالبُني بمَظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ} فقوله: {وليسَ أحدٌ منكُم يطالبُني بمَظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ} دل على أن التسعير مظلمه هذا أصل فيه، ويستثنى من ذلك فقط الاحتكار كما سبق أن بينا، لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: {لا يحتكر الا خاطئ}، يتدخل الامام في حال الاحتكار ويجبر التجار أن يبيعوا بسعر المثل، ويرفع الضرر عن الناس.


3- الإقالة في البيع:

وهي فسخ العقد بتراضي الطرفين.

وهي غير ملزمة لكنها تستحب لقول الرسول صلي الله علي وسلم: {مَن أقال مُسلمًا بيعتَه أقاله الله عثرتَه يوم القيامة}.


وقد اختلف الفقهاء في الإقالة هل هي فسخ أم بيع جديد، والفرق بينهما أن الفسخ مجرد إزالة عقد، لا عقد معاوضة.

وأحكامه أسهل مثل أن يمكن أن تحصل الإقالة قبل قبض المبيع وإما بعد البيع وإما المبيع قبل قبض  وبعده، وأما لو كان بيعاً، لم تنعقد الإقالة إلا بعد قبض المبيع.


وأما إذا قلنا: الإقالة فسخ، فإنه في الحالة تلك لا يشترط فيها أن يكون الفسخ بعد قبض المبيع بل تجوز حتى قبل قبض المبيع.


والإقالة: هي طلب المشتري فسخ البيع من البائع فيقول: أنا أشتريت منك هذا الكتاب بـ 10 ثم تم الافتراق لأن الذي من نفس المجلس يستطيع أن يقول تركت البيع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {البَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر).

لكن إذا اشتريت الكتاب بـ 10 ثم تم الافتراق من مجلس العقد ثم بعد ذلك قلت له اطلب الإقالة وهو لم يسلمني الكتاب نقول لابأس لأنه فسخ وليس بيعاً وهذا هو القول الراجح  في هذه المسألة.


4- معاملة من ماله حرام:

المحرم ينقسم إلى قسمين: محرم لعينه، ومحرم لكسبه.

المحرم لعينه: مثل الميتة؛ هذه محرمة بعينها فلا يجوز يشتري الإنسان ميتة وإذا قدم إليك ميتة لا يجوز أن تأكل منها.

 والقسم الثاني: هو المحرم لكسبه كأن يكون هذا الرجل ليس له دخل من المال إلا من محر ، عند ذلك نقول أن تعامل من كان ماله محرم لكسبه وحرام عليه هو ومعاملاتك معه بالحلال حلال.

كأن يكون  إنسان ليس له دخل الا مال ربوي، موظف في مكان يبيع ويشتري فيه بالربا يكسب حراما فهل إذا استضفت هذا الرجل أو دعاه لأكل طعام عنده هل يجوز أن نأكل من ذبيحته أو من طعامه؟ نقول يجوز لأن هذا محرم لكسبه وليس محرم لعينه وقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم عند اليهود مع أنهم يأكلون الربا و يأكلون السحت، ودعته امرأة يهودية وسمت الكتف وأكل النبي صلي الله عليه وسلم منها، ووجد طعم السم عند موته صلوات ربي وسلامه عليه، فإذا علم المتعامل أن مال هذا الرجل كله حرام أو علم أن مالا معينا جاء من كسب حرام كالأعيان المسروقه وجب الاجتناب، لأن المال الحرام يجب يرده لمالكه أو التصدق به إن تعذر رده هذا عند بعض أهل العلم فمن تعامل معه في هذه الحاله حرام وقد أعانه على عدم رده وتعامله معه فلا يحق له التعامل فيه، هذا إذا علم المتعامل أن مال هذا الرجل كله حرام طبعا نحن نقول المحرم لكسبه، أما أن يعلم أن هذا المال مالا لغيره بعينه فإنه والحالة تلك حرام أن تأكله.

فاذا كان يعلم الانسان أن المتعامل في هذه المال المحرم هو عين مال المعين حرم.

فهو لا يأخذ منه شيئا ولا يتعامل معه في هذا المال الحرام لأن الحرام هذا يجب رده لمالكه والتصدق به إن تعذر رده.

وقالوا من تعامل معه في هذه الحالة  قد أعانه على عدم رده وتعامل معه فيما لا يحق له التعامل معه فيه.


واذا اختلط الحلال بالحرام ولم يتميز الحرام فهنا اختلفوا في ذلك علي قولين:

 القول الأول: التحريم إذا غلب الحرام والجواز إذا غلب الحلال.


لأن الحكم للأعمّ الأغلب لا للقليل والنادر.


والقول الثاني: الكراهة سوى غلب الحرام أم لا، وذلك لاشتباه وقوع التعامل فيما يحرم.

وذلك للأدلة التالية:

 1- حديث النعمان بن بشر رضى الله عنه: {فمَن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومَن وقع في الشُّبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يُوشك أن يقع فيه} ووجه استدلالهم أن وجود المال الحرام مختلطاً بالمال الحلال يورث شبهة أن يكون التعامل قد وقع في المال الحرام فالأولى للمسلم ان يستبرئ لدينه وعرضه لئلا  يقع في المال الحرام دون أن يدري، لكن لا يقال التحريم؛ لأن الأصل في ذلك الحل ولا يمكن الجزم بالتعامل في عين المال الحرام مع اختلاطه بالحلال.


2- قالوا ولأن الحرمة تتعلق بذمة من في ماله حرام، لا بعين المال الذي يتعامل معه مع  غيره؛ فالحرمة لا تتعلق بجزء منه دون جزء.


وأما أن يعامله ويقبض شيئاً بحق يكون حلالاً له إلا إذا كان المقبوض حراماً بعينه كأن يكون خمراً أو مالاً انحصر فيه الحرام وهذا الأخير لا يكون مع الاختلاط، وقد قال بعض العلماء بجواز التعامل في هذه الحالة بلا كراهة وذكرنا قول بعض أهل العلم أنهم يفرقون بما إذا علم المتعامل أن الرجل ماله كله حرام أو علم أن مالا معيناً جاء من كسب حرام وأما إذا اختلط بحرام ولم يتميز الحرام فإن من أهل العلم من يرى أنه محرم ومنهم من يرى أنه مكروه على الخلاف الذي سبق ومنهم من يرى الجواز.


والذي يظهر رجحانه في نظري والعلم عند الله عز وجل: أن معاملة من ماله حرام لا تخلو من حالتين اثنتين: 


الحاله الأولى: أن يكون المال محرم لكسبه فإذا كان المال محرم لكسبه لا لعينه فإنه في الحالة تلك لا يكون التعامل معه محرما، ويكون حراما على من أخذه من الحرام،  وحلالاً لمن تعامل مع من أخذه من حلال.

 وأما اذا كان عين المال هذا حرام ففي التعامل معه إعانة له على الإثم والعدوان ولأنه يعلم بأن عين هذا المال ليس ملك له فيكون في تعامله معه إعانة على الاثم والعدوان كمن علم  أو غلب على ظنه أن هذا الرجل سرق هذه العين وأتى بها، فيشتريها منه بثمن بخس فيكون هذا من الرضا بفعله ومن التعاون معه على الإثم والعدوان.

  والقاعدة: المعين كالفاعل.

والراضي  كالفاعل لقوله تعالي: [وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ] [النساء :140].


الحالة الثانية: أن يكون محرماً لعينه، كالميتة ولحم الخنزير.


إذاً: المحرم لكسبه جائز لكن بشرط أن لا يعلم أن هذا المال حق للغير بعينه لأن التعامل معه في هذه العين التي يعلم أنها ليست ملكاً له يكون من الرضى بفعله ومن الإعانة له على الاثم والعدوان؛ كصاحب البنشر الذي يأتي إليه الشباب بكفرات مسروقة أو بالاشياء من زينة السيارات يبيعون إليه بثمن بخس ويغلب على ظنه أنهم سرقوها ثم يأتون بها إليه فنقول أن هذا من الإعانة لهم على الاثم والعدوان والرضى بفعله ولا يجوز ذلك وحرام. وأما إذا كان الإنسان يعلم أن كسبه حرام ليس مالا لعينه لفلان وإنما أخذ مهر بغي كأن يكون هذا المال مهر بغى أو كان هذا حلوان كاهن أو كان هذا من أموال الربا التي اكتسبها من الربا؛ فهذا محرم لكسبه يجوز التعامل معه والحالة تلك، وأما إذا كانت العين محرمة في ذاتها كالخمر والخنزير والميتة والأصنام فلا يجوز التعامل معه والحالة تلك.


- نقول من معاملة المال الحرام لا يخلو ذلك من أحوال:

الحالة الأولى: أن يكون محرم لعينه بذاته كالميتة فهذا لا يجوز أن يتعامل معه والحالة تلك من بيع أو شراء.


الحالة الثانية: أن يكون المال محرمًا لا لذاته وإنما محرم لكسبه ولكونه عينا مستحقه لغيره مثل أن يكون مالا مسروقا يعلم بأن قد سرقه فلا نقول يجوز التعامل معه بالبيع والشراء ونحوها لأنه من الرضى بفعله ومن الإعانة على الاثم والعدوان.


والحالة الثالثة: أن يكون المال محرما لكسبه فعند ذلك نقول يجوز التعامل مع من كسبه حرام كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود وهم يكسبون الحرام والله تعالى أعلم.


5- التفريق في الصفقة:

إذا باع ما يجوز وما لا يجوز في بيعه واحدة بثمن واحد، فبعض الفقهاء يرى "تفريق الصفقة" فيبطل فيما لا يجوز ويمضى فيما يجوز، ويقسم الثمن بينهما حسب قيمة كل منهما. ولكن أحياناً يتعذر تفريق الصفقة مثلاً: ما لو باع معلوماً ومجهولاً وتعذَر تقويم المجهول، في هذه الحالة تبطل كل الصفقة ولا تفرق، لفوات المقصود من العقد بتفريق الصفقة، فلا يصح التفريق ويبطل الكل.

فمثلا لو باعه عشر حبات من الحبوب المخدرة مع سيارة بـ 100الف ريال هل يمكن تفريق الصفقة؛ ننظر كم قيمة السيارة عند تمام العقد،  فنخصمها بنسبتها من الثمن؛ لأننا لابد أن نفرَق بين القيمة وبين الثمن:

الثمن: هو الذي وقع علية العقد.

والقيمة هي: قيمة السلعة في السوق.

فإذا كان العقد باطل من أصله نقول العبرة بالقيمة وإذا كان الشرط فاسد والعقد صحيح فنقول العبرة بالثمن الذي وقع علية العقد فنقول 100 الف ننظر إن لو كانت هذه السيارة بكم تساوي قالوا هذه السيارة تساوي 50 الف ريال والعشر حبات هذه تساوي 50 نقول يصح فيما تصح به في السيارة وتبطل في قيمة الحبوب المخدرة فيما يمكن فيه تفريق الصفقة؛ يصح فيما يصح فيه ويبطل فيما يبطل بشرط عدم فوات المقصود لغرض العاقد من إتمام الصفقة، فإذا فات مقصود العقد بتفريق الصفقة لم تتفرق بل يبطل الكل.

وهذا أولى من قولنا بأنه يبطل الجميع: 

لأن القاعدة: إعمال الكلام أولى من إهماله.

فمثلا لو أن رجلاً قال لزوجته: "إصبعك طالق" هل تطلق المرأة طلقة واحدة أو نلغي هذه الطلقة؟

نقول: تطلق طلقة واحدة؛ نقول الاصبع هذا اما نلغيه ولا نعتبره شيئاً أو نعمله ونجبره بطلقة كاملة.

والقاعدة: اعمال الكلام أولى من إهماله.

فإذا قال مثلا: "نصفك طالق" تطلق أو لا؟ تطلق، واذا قال: "ربعك طالق": تطلق، لماذا؟ لأن القاعدة تقول: إعمال الكلام أولى من إهماله؛ فتجبر هذه إلى طلقه كامله؛ وعلى هذا فإذا أمكن تفريق الصفقة فإن الصفقة تفرَق فتصح فيما تصح فيه شرعاً و تبطل فيما تبطل فيه شرعاً مع أنها صفقة واحدة وأما إذا تعذر أن نعرف نسبة الثمن الصحيح من نسبة ما لا يصح إذا تعذر ذلك فنقول بأن الصفقة تبطل كاملة تفسد؛ لأنه تعذر تصحيحه لا يمكن تصحيحه.


إذاً: لا نفرق الصفقة في حالتين:

١- إذا فات مقصود صحيح للمتعاقدين بسبب تفريق الصفقة.

٢- إذا تعذر تفريق الصفقة، كعدم معرفة نسبة الثمن الصحيح من غيره في الصفقة الواحدة.


6- الخيارات:

هل المراد بالخيار قسيم الجزر؟ لا؛ فبعض الناس يفهم بعض العبارات فهماً خاطئاً فمثلا في رجل من قبيلة عنيزة سمع حديثا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة،  فظن ان العنزة هي قبيلته فقال نحن قبيلة عنيزة  لنا شرف صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا. 

 فهذا خطأ في الفهم لأن المراد بالعنزة هي: العصاء التي طرفها حاد تغرس في الأرض غرساً ويجعلها الإنسان ستره صلى إلى عنزة أي إلى عصا محدده الطرف تغرس في الأرض حتى يصلي النبي صلى الله عليه وسلم وتكون سترة له ففهم هذا الرجل فهماً خاطئاً.

ولهذا يذكر أن الإمام أحمد بن حنبل كان في مسجد وكان  في عصرهم قصاصون يأتون في المساجد ويقصون على الناس قصص خيالية فجاء قصاص أمام الناس وقال حدثني أحمد بن حنبل ويحي بن معين وذكر قصة طويلة فلما انتهت القصة وذهب الناس أخذ أحمد بن حنبل ويحي بن معين الرجل، وقالوا له: أنا أحمد بن حنبل وهذا يحي بن معين تقول حدثني أحمد بن حنبل ويحي بن معين ونحن ما حدثناك.

فقال هذا القصاص كنت أظن أن لكما عقولاً ألا يوجد أحمد بن حنبل ويحي بن معين في الدنيا إلا أنتما.

هذا فيه دهاء من هذا الرجل وكيف أجاب على هذه الكذبة التي كذبها علي أحمد بن حنبل ويحي بن معين وتخلص منهما بهذه الكذبة؛ وهذا خارج النص.


- المراد بالخيار:

الخيار في اللغة: اسم مصدر من الاختيار، وهو الاصطفاء والانتقاء.


وفي الاصطلاح: هو حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه، سواء كان ذلك باتفاق بين الطرفين كالشرط أو كان ذلك بشرط شرعي أو  بشرط شرعي مثل خيار المجلس.


أقسام الخيارات: ينقسم الخيار بحسب أسبابه إلي ثمانية أقسام:


النوع الأول: خيار المجلس:

*المراد بالمجلس: هو المكان الذي تبايع فيه المتعاقدان فإذا كانا في مكان واحد وتبايعا في هذا المكان وبقيا فيه، فإن كل واحد منهما بالخيار حتى يتم الافتراق بينهم بأبدانهما، وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الاخر، فإن خير أحدهما الأخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع}.

 وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع.


فمثلا؛ إذا باع زيد عمراً السيارة بـ١٠٠الف ريال أو باعه ساعة بـ ١٠٠ريال فإن كل واحد منهما له أن يفسخ البيع ما دام في مجلس واحد -في مجلس العقد الذي تبايع فيه- فبعته السيارة بـ ١٠٠ أو بعته الساعة بـ ١٠٠ ريال وجلسنا أنا وهو ثلاث ساعات في المجلس ثم في آخر ساعة قلت أنا فسخت البيع هل ينفسخ البيع أو لا ينفسخ؟

ينفسخ البيع.

ويدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {البائع والمبتاع بالخيار ما لم  يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولايحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله}.

بمعنى لا يبيع ويترك المجلس حتى لا يطلب الإقالة يعني يفترقان، لا حرج لكن بشرط ما يكون له نية أو لأحدهما نية في أن يفترق عن أخيه عن الطرف الاخر حتى يثبت البيع ففي هذا الحديث إثبات الخيار من الشرع للمتبايعين، وهما متبايعان بعد تمام البيع بالإيجاب والقبول، أما قبل ذلك فهما متساومان. والحديث وإن جاء بلفظ "المتبايعين" يشمل ما في معنى البيع من عقود المعاوضة؛ كالإجارة، والسلم، والصرف. لأن القاعدة: (ما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له) وعلى فرض أن المراد بالمتبايعين فقط فإن ما كان في معنى البيع  له حكمه كالإجارة فهي بيع منافع والسلم فيه نوع  من أنواع البيع والصرف فهي بيع نقود بنقود. 

 —————

*مدة خيار المجلس: يبقى خيار المجلس إلى أن يتفرقا بأبدانهما بما يعده الناس تفرقا عرفاً، لإطلاق الشارع التفرق وعدم بيانه فدل أنه أراد ما يعرفه الناس ويريدونه بخيار المجلس والمكان الذي تبايعاً فيه فإذا انتقل من مكان إلى مكان وافترق بأبدانهما فإنه والحالة تلك يعتبر هذا خيار افترق بالمجلس بأبدانهما وليس ذلك بأقوالهما.

 ———

*مسقطات خيار المجلس:


يسقط خيار المجلس بأحد أمرين:


الأول: التفرق؛ والمتعين في التفرق هو التفرق بأبدانهما..


الثاني: التخاير؛ وذلك بأن يتبايعا على أن لا خيار بينهما فيلزم البيع بمجرد العقد، أو يسقطا الخيار بعد البيع أو يقول بشرط أن لا خيار لك أو يقول بالخيار لمدة محددة لكل واحد منهما بحسب ما شرط من مدة الخيار.


 وتحرم الفرقة خشية الاستقالة؛ أي خشية أن يفسخ صاحبه البيع في المجلس، لحديث عمرو بن شعيب رضى الله عنه المتقدم: {ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله}.

 ————

النوع الثاني: خيار الشرط:

 

هو أن يشترط العاقدان الخيار في صلب العقد، أو بعده في زمن الخيارين إلى أمد معلوم؛  أو يكون العقد قائم على أساس الشرط المتفق عليه بينهما.


فمثلا أقول اشتري منك السيارة بشرط أن لي الخيار ثلاثة أيام أو عشرة أيام أو يقول الأخر لي الخيار يوماً،  وإذا انتهت مدة كل خيار منهما فإنه يكون في مدة خياره ويبقى الآخر على خياره حتى ينتهي.

———

- الأدلة على مشروعية خيار الشرط:

كثيرة، منها الأدلة العامة على أن الأصل في العقود والشروط الصحة واللزوم، مثل قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ] المائدة:1، وقوله صلى الله عليه وسلم:{المسلمون علي شروطهم}، ووجه الدلالة من هذه النصوص: أن من الوفاء بالعقد الوفاء بالشروط التي  يلزم الإنسان بها نفسه عند العقد.


ومما يدل على ذلك حديث: {الببيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر}.

وقول أو "يخير أحدهما الآخر" مشروعية خيار الشرط.

 

ويشترط لصحة خيار الشرط عدة شروط منها:

1. التوقيت أو معلومية المدة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا بد من تقييد الخيار بمدة معلومة مضبوطة من الزيادة والنقصان؛ فلا يصح اشتراط خيار غير مؤقت أصلاً وإلا كان من بيع الغرر مثل أن يقول ابيعك هذه السيارة بشرط أن لي الخيار ولم يذكر المدة هذا لا يجوز لماذا؛ لأن فيه غرر.


2. تعيين مستحق الخيار: هو ذلك الشخص الذي يكون إليه استعمال الخيار وممارسته من خيار هل هو للبائع أو للمشتري أو لهما أو لكل واحد منهما في مدة محددة متفق عليها بينهما، المهم أنه لابد أن يكون هناك الشخص المشترط معلوماً وأن يكون مدة الخيار معلومة.

 

- اشتراط الخيار للمتعاقدين:

من المقرر أن خيار الشرط يصح اشتراطه لأي واحد من المتعاقدين أو لكليهما.

 ———-

مسائل في الآثار المترتبة على خيار المجلس وخيار الشرط:


1- انتقال الملكية:

ينتقل الملك إلى المشتري في بيع الخيار بنفس العقد، يعني قلت بعتك هذه السيارة ب100 الف ريال على أن لي الخيار لمدة شهر في خلال هذا الشهر نقول هنا انتقلت الملكية في هذه المدة بمجرد العقد وإن كان فيه خياراً، ولا فرق بين كون الخيار لهما، أو لأحدهما، أيهما كان، وبالتالي غلة المبيع زمن الخيار تكون للمشتري مثل أجرة الدار، كما أن الضمان زمن الخيار يكون على المشتري؛ لكونه تحت ملكه، ولحديث: {الخراج بالضمان} إذن الضمان يكون على المشتري والملك ينتقل للمشري بمجرد العقد لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: {الخراج بالضمان}، فإذا كانت الغلة له أو الثمرة له فكذلك أيضا يكون الضمان عليه.

والأصح: أن الضمان يكون على البائع إلا إذا تمكن المشتري من القبض.

والقاعدة: الخراج بالضمان تكون فيما اتفق ملكاً ويداً، وإذا لم يتفق ملكاً ويداً، فقد يكون الخراج للمالك والضمان على صاحب اليد، كالمغصوب، الخراج لمالكه، والضمان على السارق صاحب اليد.

ويدل على ذلك حديث: {أرأيت إن حبس الله الثمرة عن أخيك، بأي حق تستحل ماله}.

وحديث ابن عمر: {مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حباً مجموعاً فهو من ضمان المشتري} والجمع بينهما: أن الضمان على المشتري إذا تمكن من القبض حتى وإن لم يقبض، والضمان على البائع قبل تمكن المشتري من القبض.

وأما الخراج فهو لمن له الملك وهو للمشتري بعد تمام الإيجاب والقبول، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

 

2- التصرف في المبيع:

أ- إذا كان الخيار لهما جميعا،  فيحرم تصرف كل منهما -أي البائع والمشتري- زمن الخيار في الثمن إذا كان معينا، أو في السلعة؛ لعدم تمام ملكهما قبل زمن الخيار لمن كان الحق لغيره، والقاعدة: المشغول لا يشغل إذا كان الشاغل أجنبياً.


 ويستثنى من ذلك إذا تصرف مشترٍ مع البائع كأن أجره أو باعه له، أو إذا تصرف مشتر بإذن البائع فينفذ؛ لأن الحق لا يعدوهما لأن هذا الحق حق من حقوق المخلوقين وبهذا التصرف يكون الحق لهما ولا دلالة على أنه قد رضى بذلك أي من له الحق فيه قد رضى بذلك. 


ب- واذا كان الخيار للمشتري وحده فتصرف المبيع ببيع او هبه او وقف او تأجير يعد هذا إمضاء للبيع وإسقاطاً للخيار لأنه دليل الرضا بالبيع والقاعدة: (العلم برضا المستحق يقوم مقام إظهاره للرضا) ولا يسقط خيار مشتر بتصرف في مبيع لتجربة، كركوب دابة لينظر سيرها، وحلب شاة لمعرفة قدر لبنها؛ لأنه المقصود من الخيار فلم يبطل به، كما لا يسقط خياره باستخدام ولو لغير تجربة.


* الأثار المترتبة على خيار المجلس:

* أولا: انتقال الملكية تنتقل بمجرد العقد وكذلك الضمان يكون على المشتري بمجرد التمكن من القبض -كما سبق-.


* الأمر الثاني: التصرف في المبيع.


* الأصل إذا كان لهم الخيار فإنه لا يحل لاحدهما أن يتصرف في الثمن إذا كان معيناً ولا في  المبيع إذا كان لغير مصلحتهما جميعا لا يحق لهما أن يتصرفا  في ذلك إلا بإذن أحدهما للاخر أو ما يدل على رضاه أو ما يستلزم رضاه لأن القاعدة: الاستدلال بعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل.

* فمثلا إذا اشترى إنسان سيارة اشترى على أنه له الخيار ثلاثة أيام، والآخر لم يشترط شيئا فقام هذا المشتري وباع السيارة على رجل آخر هذا يدل علي انه أسقط الخيار لأن (الاستدلال بعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل) هذه قاعده وأيضا القاعدة الثانية العلم برضا المستحق يقوم مقام إظهاره للرضا.

ويدل على ذلك حديث عروة البارقيُّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعطاه دينارًا يَشتري له به شاةً، فاشترى له به شاتينِ، فباع إحداهما بدينارٍ، وجاءه بدينارٍ وشاةٍ، يعني: فكسَب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم دينارًا، فدعا له بالبركةِ في بيعِه.


عروة البارقي تصرف واشتري شاتين مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوكله إلا بشراء شاة واحدة وباع شاة وهو لم يوكل في بيعها لأنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيرضى بذلك فقالوا: العلم برضا المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى.

————

النوع الثالث/ خيار الغبن:

الغبن في اللغة: النقص، وفي القاموس: غبنه في البيع: خدعه.

وفي الاصطلاح: كما يقول ابن نجيم من الحنفية: "النقص في الثمن في البيع والشراء"

مثلا: أبيع هذه السلعة أوهذا البيت بثلاثة مليون مع أنه في عرف الناس يساوي مليون هذا يعتبر غبن.

الغبن الذي يرد به شرعاً هو الغبن الفاحش، والمراد بالغبن الفاحش: أي على عادة التجار، لأنه لما لم يرد الشرع بتحديده فيرجع فيه إلى العرف،  كالقبض، والحرز، فإن لم يخرج عن العادة فلا فسخ؛ لأنه يتسامح فيه عادة.

فمثلا لو اشترى أرضاً ب 300 الف ريال مع أن قيمتها في السوق ب 290 نقول هذا فارق لا يعتبر فاحش بالنسبة لهذه الأرض بالنسبة لهذه القيمة عرفاً.


الغبن في الشرع لم يحدد فيما يتسامح فيه فيقول المرجع في ذلك إلى العرف وقد جاء حديث أن رجلاً كان يخدع في البيوع فقال النبي: {إذا بعت فقل لا خلابة} أي لا خديعة؛ وهذا أيضا مؤكد شرعا حتى إذا لم يشترط هذا يسمى خيار الغبن.

 

- شرط خيار الغبن:

 

يشترط لقيام خيار الغبن أن يكون المغبون جاهلا  بوقوعه في الغبن عند التعاقد؛ يعني اذا كان يعلم فإنه لا عبرة بعد ذلك في طلب غبنه لأنه لم يكن جاهلا الغبن يكون لمن كان جاهلا بالثمن.

 

-صور خيار الغبن:

الصورة الأولى: تلقي الركبان أو الجلب، وقد سبق بيان ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: {لا تَلَقَّوْا الجَلَبَ، فمَن تَلَقَّاهُ فاشْتَرَى منه، فإذا أتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهو بالخِيارِ}.


الصورة الثانية: خيار غبن المسترسل.

والمسترسل هو: الجاهل بقيمة السلعة، ولا يحسن المبايعة، أو لا يحسن المماكسة، فلا يتحقق الغبن في المسترسل إلا بتوفر هذين الشرطين المسترسل اذا كان استرسل حتي غبن فإن له  خيار الغبن فمثلا إنسان أراد أن يشتري سلعة فذهب إلى المزاد فجاء إنسان يناجش قال بعشره، قال بعشرين قال بعشرين قال بثلاثين قال بثلاثين قال بأربعين يسترسل معهم حتى يقع في الغبن.


والمرجع في ذلك هو العُرف.


الصورة الثالثة: النجش وهي الزيادة في السلعة لمن لا يريد شراءها يزيد في السلعة حتى يشتريها ظنا منه أن هذا سعرها بعد ذلك يتبين أنه قد غبن لأجل النجش هذا كله لا يجوز.

 إذن الضابط في ذلك الغبن هو إذا اشتري إنسان أو باع بثمن يكون مغبون في عرف الناس فإنه بهذه الحالة له الخيار إذا علم أنه مغبون، وأما اذا كان على علم  بأن هذه ليست قيمتها ومع ذلك اشترى فنقول أنت لست جاهل حتى يكون لك الخيار.

 —————

النوع الرابع/ خيار التدليس:

 

لغة: مأخوذ من الدَلَس بالتحريك بمعنى الظلمة.

وفي الاصطلاح: إظهار المعقود عليه بصورة ليس هو عليها في الواقع، كتصرية اللبن -أي جمعه في الضرع-؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعاً: {لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها، فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر}، وقد سبق أن بينا أن خيار التدليس أن يظهر السلعة على أنها بمظهر مرغوب فيه وهي ليست كذلك.

———

 حكم التدليس:

يحرم التدليس كما يحرم كتم العيب؛ لحديث عقبة بن عامر رضى الله عنه مرفوعا: {المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه له} رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وحديث: {من غشنا فليس منا} رواه مسلم، وبيع التدليس صحيح مع الإثم على البائع، ويثبت للمشتري خيار الرد فيخير المشتري بين الإمساك بلا أرش وبين الرد. وليس للمشتري الأرش إلا إذا تعذر الرد، أو تم الاتفاق بين المتعاقدين على ذلك.

———

 

النوع الخامس/ خيار العيب:

 

العيب: نقص مبيع أو نقص قيمته عادة فما عده التجار منقصاً أنيط الحكم به أي علق الحكم به؛ لأنه لم يرد في الشرع نص في حل فرد منه فرجع فيه إلى أهل الشأن يعني العبرة بما يعرفه الناس لأن القاعدة (مالم يحدد في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العُرف) فإذا اعتبر هذا عيباً ينقص المبيع أي ينقص ثمنه أو ينقص قيمته فإنه في الحالة تلك يكون له خيار العيب.


الأدلة على مشروعية خيار العيب: 


لا خلاف بين الفقهاء في الرد بالعيب في الجملة، واستدلوا بأدلة منها:

 عموم قوله تعالى: { إِلَّاأَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ} النساء: 29، ووجه الاستدلال: أن عدم العلم بالعيب في المبيع مناف للرضا المشروط في العقود، فالعقد الملتبس بالعيب تجارة عن غير تراض واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها: {أن رجلاً ابتاع غلاماً، فاستغله، ثم وجد به عيباً فرده بالعيب} أخرجه أحمد.  

——————

وجوب الإعلام بالعيب: 


ذهب الفقهاء إلى أن على البائع إعلام المشتري بالعيب الذي في مبيعه، وذلك فيما يثبت فيه خيار، أما إن لم يكن مسبباً للخيار فتَرك التعرض له ليس من التدليس يعني العيب المؤثر الذي يكون مؤثراً في القيمة أو في رغبة المتعاقدين في الشي فهذا هو الذي يكون فيه تدليس يجب اظهارة واعلام المشتري بذلك فقد يكون رغبة المشتري بأن تكون السياره مثلا فل كامل وهي نص فل ويعلم بأن هذا الرجل يرغب في فل كامل نقول هذا يجب اظهارة واعلامه بذلك فكل شي يختلف باختلاف الرغبة وباختلاف الثمن يجب اظهاره وإيضاحه للعاقدين. 

——-

 حكم البيع مع الكتمان: 

البيع دون بيان العيب المسبب للخيار صحيح مع المعصية، لأن هذا حق من حقوق الأدميين وهي ترجع الي هذه القاعدة النهي يقتضي الفساد او لا يقتضي الفساد؟

النهي إما ان يكون في العبادات أو يكون في  المعاملات.

واذا كان في العبادات إما أن يختص النهي بالعبادة،  فإن النهى يقتضي الفساد.

مثل الكلام في الصلاة يفسدها لأن الكلام في الصلاة يختص بذات العبادة.

وأما إذا كان النهي لا يختص بذات العبادة كالغيبة والنميمة في الصيام، فإنها لا تفسد العبادة.

وعليه إثم المعصية وإثم الغيبة ولكن صيامه صحيح.


وأما النهي في المعاملات فإنه لا يخلو من حالتين اثنتين:

الحالة الاولى: إما أن يكن النهي يعود لحق الله تعالى فإن النهي يقتضي الفساد مثل؛ الربا أقول أعطيك ١٠٠ ريال تردها لي ب ٢٠٠ هذا ربا لا يجوز، فإذا  قال أنت راضي وأنا راضي، قلنا حتى ولو تراضياً على ذلك،  فإن العقد لا يصح لأن الحق يعود لحق الله تعالى ووجود الرضى من أحدهما او كليهما كعدمه، لكون الحق في النهي للخالق لا للمخلوق.

 ——

شروط خيار العيب:  

يثبت خيار العيب للمشتري بشروط منها: 

١- ظهور عيب معتبر؛ والمراد بكونه معتبراً أن يكون العيب مؤثراً في رغبة أحد المتعاقدين أو مؤثراً في الثمن فإنه يكون لمن فاته الغرض صحيح الخيار. 


٢-أن يكون العيب قديماً؛ والمراد بالقديم ما قارن العقد أو حدث قبل القبض، فالمقارن مجمع عليه، ودليل ما وجد قبل القبض، أن المبيع من ضمان البائع فكذا جزؤه وصفته، أما إذا لم يكن العيب قديماً بل حدث بعد التسليم فلا يثبت الخيار.

لفوات صفة السلامة المشروطة دلالةً في العقد، وقد حصل المعقود عليه سليماً في يد المشتري، إذ العيب لم يحدث إلا بعد التسليم،  وإن كان العيب موجودا  أصلا  في المبيع ولكنه لم يبتدأ ظهوره إلا عند المشتري فيثبت به الخيار. 


٣- ألا يكون العيب بفعل المشتري قبل القبض. 

والقاعدة: كل من فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجب فعليه الضمان.


 ٤- ألا يمكن إزالة العيب بلا مشقة؛ أما لو أمكن ذلك فلا يقوم حق الخيار، وذلك كما لو كان على القماش طابع المصنع مثلا، وكان مما لا يضره الغسل. 


٥- الجهل بالعيب؛ فلا بد أن يكون المشتري غير عالم بالعيب، فلو اشترى شيئاً وهو عالم بعيبه عند العقد، أو اشتراه جاهلا بعيبه ثم علم به عند القبض فقبضه عالما بعيبه لم يكن له حق الخيار، لأن إقدامه على الشراء مع علمه بالعيب رضا به دلالة، وكذلك علمه عند القبض، لأن تمام الصفقة متعلق بالقبض، فكان العلم عنده كالعلم عند العقد، فكان عليه لبقاء حقه في الخيار أن يمتنع من القبض عند علمه بالعيب، فلما لم يفعل كان راضيا به. 

ومن المقرر أن خيار العيب إنما هو للعيوب الخفية التي لا تدرك بالنظر، أما لو كان العيب بارزاً لا يخفى عند الرؤية غالباً فيعتبر المتعاقد عالماً به لأن العبرة بالظاهر.


٦- عدم البراءة؛ فيشترط لقيام الخيار أن لا يكون البائع قد اشترط البراءة من العيب أو العيوب التي في المبيع، ويسمى هذا النوع من البيع ببيع البراءة، وهذا الشرط محل خلاف، والراجح: أنه معتبر إذا كانت البراءة من عيب لا يعلمه، أما إذا كان عالما بالعيب فلا يبرأ منه لأنه غش.

وهذا محل خلاف بين أهل العلم وهي اشتراط البراءة: فمن أهل العلم من يرى أن اشتراط البراءة تبرأ به الذمة إلا إذا كان عالماً بالعيب وكتم لأن هذا غش.


القول الثاني: أنه لا يبرأ لماذا؛ لأن هذا راجع إلى أصل العقد وهذا حق.

—————

 أثر خيار العيب على حكم العقد: 


إن وجود خيار العيب في العقد لا أثر له على حكم العقد الذي هو انتقال الملك فملك المبيع يثبت للمشتري حالا، وملك الثمن ينتقل إلى البائع في الحال. 

فإذا كان البائع عالما بالعيب فيخيّر المشترى بين الرد أو الإمساك وأخذ الأرش، وليس له الامساك مع أخذ الأرش إلا إذا تعذر الرد،  أو إذا تراضيا عن ذلك، والأرش فرق ما بين ثمن السلعه معيبة وغير معيبة.

 وإن تعذر الرد بتلف المبيع فيتعين الأرش للمشتري. 

وطريقة معرفة الأرش: هي أن يقوم المبيع بلا عيب، ثم  يقومه مع العيب، وينظر إلى التفاوت، وتؤخذ نسبته إلى القيمة هل هو عشر أو ثمن أو ربع...إلخ، فإن كان التفاوت عشر القيمة رجع المشتري بعشر الثمن...وهكذا، والمعتبر بالقيمة التي  ينسب إليها النقصان هي يوم العقد. 


مثاله: رجل اشترى سيارة بخمسين ألف ريال، ثم وجدها معيبة.

الثمن خمسون ألفا، قيمتها صحيحة بلا عيب تساوي أربعين ألفا، قيمتها معيبة تساوي ثلاثين ألفا، والفرق بينهما عشرة آلاف. 

فالعشرة إلى قيمة الصحة يساوي الربع. 

فالأرش ربع الخمسين ألفا =١٢٥٠٠ريال.  

——————


 سقوط الخيار وانتها ؤه: 

ينتهي الخيار بأحد الأسباب الأربعة الآتية: 

١- زوال العيب قبل الرد، ويستوي في ذلك أن يزول بنفسه أو بإزالة البائع. 

٢- إسقاط الخيار بصريح الإسقاط والإبراء عنه، أو التنازل بمقابل.

٣-الرضا بالعيب صراحة. 

٤- التصرفات الدالة على الرضا، وذلك بأن يوجد من المشتري -بعد العلم بالعيب- تصرف في المبيع يدل على الرضا بالعيب.

———


*النوع السابع/ خيار في البيع بتخيير الثمن إذا أخبر بائع بخلاف الواقع: 


ويثبت في صور أربع من صور البيع: 


١- في التولية: يخبر البائع المشتري بقيمة المبيع، ويبيعه السلعة  برأس ماله، أو يقول بعتكه بما اشتريته به. 

فإذا تبين للمشتري كذب البائع في إخباره بقيمة السلعة، فله الفسخ.

والقاعدة: كل ما نهي عنه لظلم أحد المتعاقدين، فالمظلوم بالخيار بين الإمضاء والفسخ.


٢- وفي الشركة: وهي بيع بعض المبيع بقسطه من الثمن.

٣- وفي المرابحة: وهي بيع المبيع بثمنه أي رأس ماله وربح معلوم، بأن يقول مثلا: ثمنه مائة بعتك بها وبربح خمسة.

٤- وفي المواضعة: وهي بيع بخسران،  بعتك برأس ماله مائة ووضيعة عشرة.


وهذه البيوع الأربعة تسمى بيوع الأمانة لماذا؟

لأن المشتري يأتمن فيها البائع على الثمن إذا اشتراه به فقد يقول أبيعك هذه ب ١٠٠ وخسارة خمسة.

 وابيعك بخسارة عشر ريالات يعني ابيعه ب ٩٠ هذه تسمى بيوع الأمانه فإذا ثبت كذبه فإنه يكون للمشتري خياره بين إمضائه وبين فسخه.

———-

*النوع الثامن/ خيار يثبت للخلف في الصفة: 

 فمتى اشترى شيئا  بالوصف، أو برؤية سابقة، ثم وجد ما وصف له أو تقدمت رؤيته العقد -بزمن لا يتغير فيه المبيع تغيراً ظاهراً- متغيراً  فلمشتري الفسخ؛ لأن ذلك بمنزلة عيبه،  وهذا الخيار على التراخي، فلا يسقط إلا بما يدل على الرضا كخيار العيب ومعنى ذلك تخلف الصفة: يشتري شيئا يوصف له ثم يتبين أن الصفة غير صحيحة أو شرى شيئا ثم لما تم العقد جاء على خلاف الرؤية التي راءها مما يؤثر في الثمن فنقول هنا يكون لك الخيار والله تعالى أعلم.

 

محاضرة الدكتور/ محمد سعد العصيمي.

 

كتابة الطالبة/ بدرية حسين الزهراني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت