—————
في ظل جائحة كورونا -مرض وبائي- قد يحتاج الناس إلى الصلاة على الجنازة، وهي في السيارة، قبل دخول السيارة في المقبرة، لمنع دخول أكثر من عدد معين من المشيعين في أرض المقبرة، فهل تجوز الصلاة على الميت وهو في السيارة واقفة قبل دخولها للمقبرة، ومنعهم من الدخول معها:
———
١- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فَقَدَ النبي صلى الله عليه وسلم امرأةً سوداء كانت تلتقط الخِرَق والعيدان من المسجد، فقال: ((أين فلانة؟))، قالوا: ماتت، قال: ((أفلا آذنتموني؟!))، قالوا: ماتت مِن الليل ودُفنتْ؛ فكرِهنا أن نوقظك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبرها، فصلى عليها).
ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبرها، وبينهما حجاب، وهو تراب القبر.
٢- روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ".
وفي لفظ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ" رواه البخاري ومسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه –أيضا-.
وهذا يدل على أن الصلاة على الميت في قبره مشروعة ولو كان بينهما حجاب.
فإن قيل: إذا كان بين المصلي وبين الميت حائل، ألا تشبه هذه الصلاة على الغائب التي لا تشرع على الأصح إلا لمن لم يصلى عليه.
فالجواب من وجهين:
١- أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلف الذهاب للصلاة على المرأة التي كانت تقم المسجد عند قبرها، وكذا في شهداء أحد ولم يصل عليهم صلاة الغائب، ولم يعتبره الصحابة صلاة غائب، بل هو من صلاة الحاضر، ووجود الحائل من ستار أو حجاب أو ثوب أو أي حاجز، لا يمنع كون الصلاة على حاضر لا غائب.
٢- وجود الحائل أو الحاجز بين المصلي والجنازة، مع وجودهما في مكان واحد، يكون ذلك من صلاة الحاضر لا الغائب، بدلالة اللغة والعرف والشرع.
وبناء على ذلك: إذا كان باب السيارة مفتوح، أو نوافذها فلا إشكال في الجواز إذا كانت السيارة واقفة غير متحركة، وإذا كانت السيارة مغلقة ولا ترى الجنازة، فلا بأس أيضاً، لكون الجنازة المصلى عليها في مكان واحد، ولا تشترط الرؤية لها، كما لا تشترط رؤية الإمام لمن يتابعه في صلاة الفريضة.
وأما الصلاة عليها والسيارة تسير فلا يشرع إلا في وقت الاضطرار، كما قال تعالى: (فإن خفتم فرجالاً أو ركبانا).
وكل ما يسمى صلاة يشترط فيه ما يشترط في الصلاة، كالطهارة ونحوها.
والله تعالى أعلم.
كتبه: د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق