إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 2 مايو 2021

حكم صيام النصف من شعبان وقيام ليلتها // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم صيام النصف من شعبان وقيام ليلتها:

——————

المراد بهذه المسألة: هو تخصيص النصف من شعبان بالصيام، وأن له مزيد فضيلة على غيره من أيام شعبان، أما صيامه بنية التطوع المطلق، أو بنية أحد أيام البيض، فهو أمر ظاهر الجواز ولا إشكال فيه.

—-

هذا وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة على قولين: 


القول الأول: استحباب صيامه، وبه قال المالكية، وبعض الحنابلة.

لما رواه ابن ماجة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له؟، ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر).

والحديث ضعيف، وقد ضعفه ابن رجب في لطائف المعارف.

———

والقول الثاني: أن صيامه لا أصل له، وإفراده مكروه، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية.

أما الحنيفة والشافعية فقد أغفلوا الكلام عليه، وإن كان مقتضى كلامهم جواز صيامه على أنه أحد أفراد أيام شعبان، أو على أنه أحد أيام البيض، لا على أن له مزيد فضيلة على غيره من أيامه، حيث نصوا على مندوبية صيام شعبان جملة كما تقدم مع نص الحنفية على أنه لا يكره الصيام قبل رمضان بيومين.

ونص الشافعية على تحريم الصيام بعد النصف من شعبان.

وذلك استدلالاً بعدم الدليل الدال على فضيلة تخصيصه بالصيام، والأصل في العبادات التوقيف.


والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى: أن تخصيص صيام النصف من شعبان على أن له مزيد فضيلة عن غيره من أيام شعبان لا أصل له، والحديث الوارد فيه ضعيف، ولا يحتج بالضعيف في الأحكام الشرعية، وأما صيامه على أنه أحد أفراد أيام شعبان أو صيام أياً من الأيام التي يتعبد لله تعالى بصيامها فهو داخل في الاستحباب.

والقاعدة: أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم.

——-


قالَ الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح":

"(و) يندبُ إحياءُ (ليلةِ النصف من شعبانَ) لأنها تكفِّرُ ذنوبَ السَّنة…ومعنى القيامُ أن يكونَ مشتغلاً مُعظمَ الليلِ بطاعةٍ..."  [1/ 151] 

وقال في موضعٍ آخرَ:

"و (نُدبَ) الاغتسال (في ليلةِ براءة) وهي ليلةُ النصفِ من شعبانَ لإحيائِها وعِظم شأنها إذ فيها تقسَّمُ الأرزاقُ والآجالُ". [1/ 48]  

المذهب المالكي:

قال الدسوقي المالكي  في حاشيته [1/399]:

"(قوله وندب إحياء ليلته) أي لقوله عليه الصلاة والسلام: {من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه}".


قالَ الإمامُ النوويُّ  الشافعي رحمه الله تعالى:

"وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْإِحْيَاءَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لِمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا وَيُعْمَلُ عَلَى وَفْقِ ضَعِيفِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ فَضِيلَةَ هَذَا الْإِحْيَاءِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ".

المجموع شرح المهذب [5/ 43] 


قال العلامة البهوتي  الحنبلي رحمه الله تعالى:

"ولا يقومُهُ كلَّه -يعني الليلَ- إلا ليلةَ عيدٍ، ويتوجَّهُ ليلةُ النصفِ من شعبان". 

الروض المربع للبهوتي [118] 

وانظر شرح منتهى الإرادات [1/251] 

وقال : "( وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان) في (السلف من يصلي فيها…".

كشاف القناع[1/ 444] 

وممن ذهب إلى استحباب قيامها الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله حيث قال:

- مسألة: في صلاة قيام النصف شعبان؟ الجواب:

"إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده، أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف، فهو أحسن. والله أعلم " الفتاوى الكبرى لابن تيمية [2/ 262] 

ومجموع الفتاوى [23/ 131] 

 وفي مجموع الفتاوي [23/ 132]:

" وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا.

——

قال زيد بن أسلم: ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولم ندرك أحداً منهم يذكر حديث مكحول، ولا يرون لها فضلاً على ما سواها من الليالي. 


قال الحافظ ابن دحية: قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح. (الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة ص 33). 



قال ابن رجب: وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة، وقد اختُلف فيها، فضعفها الأكثرون. (لطائف المعارف ص136) 


قال النجم الغيطي في صفة إحياء ليلة النصف من شعبان بجماعة: إنه قد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز، منهم عطاء وابن أبي مليكة، وفقهاء المدينة وأصحاب مالك، وقالوا: ذلك كله بدعة، ولم يثبت في قيامها جماعة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه. (السنن والمبتدعات للشقيري ص 144).


وبعد هذا العرض يتقرر: أن صيام ليلة النصف من شعبان وقيام ليلتها كسائر أيام وليالي  السنة، أو أيام وليالي شعبان مستحب، واعتقاد مزيد فضيلة ليومها وليلتها لا أصل له لعدم ثبوت السنة بذلك، والأصل في العبادات التوقيف.

والله تعالى أعلم.


كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت