إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 9 مايو 2021

تعيين ليلة القدر // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


تعيين ليلة القدر:

—————

١- في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قالَ: (اعْتَكَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ الأُوَلِ مِن رَمَضَانَ واعْتَكَفْنَا معهُ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَاعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا معهُ فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِن رَمَضَانَ فَقالَ: مَن كانَ اعْتَكَفَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلْيَرْجِعْ، فإنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُهَا، وإنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في وِتْرٍ، وإنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أسْجُدُ في طِينٍ ومَاءٍ وكانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وما نَرَى في السَّمَاءِ شيئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى رَأَيْتُ أثَرَ الطِّينِ والمَاءِ علَى جَبْهَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ).

ففيه: أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَلامةِ تلك اللَّيلةِ في هذه السَّنةِ مِن رُؤيةٍ رَآها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورُؤيا الأنبياءِ حَقٌّ، وهي أنَّه يَسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ، فكان ذلك في ليلة الحادي والعشرون.


٢- ورى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ). 

وهذا يدل على تحري ليلة القدر في جميع أيام العشر الأواخر من رمضان.


٣- فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: (إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ).


وهذا يدل على عدم تعيينها في ليلة محددة من رمضان.


٤- حديث: (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لِلَيْلَةِ القدر قال: عليك بالسابعة)،

رواه أحمد في المسند والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى 

وغيرهم.

وسنده ضعيفٌ. وهو من مناكير معاذ بن هشام الدّستوائي.

يرويه: معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن قتادة عن عكرمة عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، قال الإمام الدارقطني رحمه الله في أطراف الغرائب والأفراد:

ولا أعلم روى هذا الحديث بهذا الإسناد 

غير معاذ بن هشام، وهو ابن بشير أبو بكر الدستوائي، غريبٌ من حديث قتادة عن عكرمة عنه، تفرّد به هشام وعنه ابنه معاذ. 


وقال عنه أبوالقاسم البغوي: 

ولا أعلمُ روى هذا الحديث بهذا الإسناد غيرُ معاذ بن هشام، وهو ابن سنبر أبوبكر الدَّستوائي . 


فمعاذ بن هشام له أغلاط ومناكير، وخاصّة فيما يرويه عن أبيه عن قتادة 

وهذا الحديث من هذا الطريق، وهو من مناكيره.


٥- قال صلى الله عليه وسلم: " ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ" صححه الألباني. وفي رواية لأحمد: "مثل الطست".

وهذا إخبار عن علامة وإمارة من إماراتها، بعد وجودها، مما يدل على أنها غير معينة شرعاً.


٦- قال صلى الله عليه وسلم: (أنَّها صافيةٌ بلِجةٌ كأنَّ فيها قمَرًا ساطِعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحلُّ لكوكبٍ أن يرمى بهِ فيها حتَّى يصبِحَ، وإنَّ من أمارتَها أنَّ الشَّمسَ صبيحتَها تخرجُ مستويةً ليسَ لَها شعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ، ولا يحلُّ للشَّيطانِ أن يخرجَ معَها يومَئذٍ" قال العراقي: اسناده جيد.


٧- جاء في صحيح مسلم عن أبي بن كعب: "وأمارتُها أن تطلعَ الشمسُ في صبيحةِ يومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها" ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد: "صافية"


٨ - عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "وإنَّ الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى" رواه ابن خزيمة وحسنه الألباني.


وأما من قال إنها ثابتة في ليلة محددة من رمضان، للأسباب التالية:


١- لأنها إنما اكتسبت شرفها بنزول القرآن فيها، والقول بالتنقل ينافي هذا المعنى.


فالجواب عنه: نعم القران نزل في ليلة معينة إلى السماء الدنيا، ولكن موافقة هذه الليلة لا يستلزم عدم تغيرها بتغير الأيام والشهور والأعوام واستدارتها.


٢- ولأنها لو كانت تتنقل لكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يخبر أمته بها فأنسيها بعدما تلاحى رجلان أخبر بها في الأعوام التي بعد تلك السنة.


والجواب: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنها في ذلك العام الذي أراد أن يخبرهم بها لا يستلزم كونها في تلك الليلة في كل عام.

ولهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم مرة أنها في إحدى وعشرين وفي أخرى في ثلاث وعشرين، وهكذا  -كما سبق في الأدلة السابقة-. كحديث أبي سعيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر الماء والطين صبيحة (21)، وحديث عبدالله بن أنيس أنه رآه صبيحة(23)، وكلاهما في صحيح مسلم.


٣- القول بأنها ثابتة هو ظاهر المنقول عن الصحابة كعمر وابن مسعود وأبي وابن عباس بل لم يثبت عن أحد منهم القول بأنها تتنقل.


والجواب عنه: أن هذا اجتهاد جمع من الصحابة، وقد خالفهم غيرهم، وليست المسألة إجماعاً.

ثم هو محمول على تحديدها في ذلك العام لا في كل عام.

وقد سبق حكم الاحتجاج بقول الصحابي، في القواعد فليراجع.


٤-  ولورود ذلك عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعن التابعين أيضاً،

 أن ليلة القدر هي ليلة 27 لاتتغير ولاتتبدل:


* حديث أبي بن كعب في مسلم يحلف عليه ولايستثني أن ليلة القدر 27. ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.

*  وزر بن حبيش وعبدة بن أبي لبابة وروي عن حنان بن عبدالله السهمي قال: سألت زرا عن ليلة القدر فقال: كان عمر وحذيفة وأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لايشكون أنها ليلة 27. خرجه ابن أبي شيبه.


وهو قول أحمد وإسحاق. ولفظ اخر لأبي بن كعب رضي الله عنه قال والله أني لاعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة 27.


* ابن مسعود رضي الله عنه لقد علم ابن مسعود انها ليلة القدر 27 في مسلم.

* حديث معاويه رضي الله عنه قال ليلة القدر 27 في ابن حبان حديث مرفوع وموقوف.

* بوب المنذري أن ليلة القدر ليلة 27.

* بوب القرطبي كذلك أن ليلة القدر ليلة 27.

* جمهور أهل العلم على أن ليلة القدر 27.

* وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله أرجى ليلة ليلة 27.

* وقال الألباني رحمه الله تعالى أنها ليلة 27.

والجواب عنه: أن المسألة ليست إجماعية، بل الخلاف حتى بين الصحابة رضي الله عنهم، ولو كانت إجماعاً فلا يسع المسلم المخالفة، وقول هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على فرض صحتها، فهي اجتهاد منهم خالفهم غيرهم من أهل العلم.


ثم إن قول الصحابي إذا خالف النص لا يحتج به بالإجماع، والأدلة السابقة تدل على عدم التحديد، والتحديد من أيام العشر تحكم إلا بدليل، فإن ليلة القدر لو كانت معلومة لما احتجنا أن نتحراها في جميع أيام العشر الأواخر من رمضان. وخصوصاً في الوتر منها وفي الأحاديث الأمر بتحريها في تلك الأيام، لو كانت معلومة في ليلة محددة منها لما بين لنا علامة وجودها بعد مضي وقتها.

وتحمل تلك الإمارات والعلامات المبينة لليلة محددة على تحديدها في ذلك العام الذي حدد فيه.


والاحاديث السابقة التي ظاهرها  التعارض  لا سبيل إلى الجمع بها إلا القول بتنقلها 

قال العِراقيُّ: (وذهَبَ جَماعةٌ من العُلماءِ إلى أنَّها تَنتقِلُ؛ فتكُونُ سَنةً في ليلةٍ، وسَنةً في ليلةٍ أُخْرى، وهكذا. ورواهُ ابنُ أبي شَيبَةَ في مُصنَّفِه عن أبي قِلابةَ، وهوَ قَولُ مَالكٍ، وسُفيانَ الثَّوريِّ، وأحمدَ بنِ حَنْبلٍ، وإسحاقَ بنِ رَاهويْهِ، وأبي ثَورٍ، وغيرِهم، وعزَاهُ ابنُ عبدِ البَرِّ للشَّافعيِّ، ولا نَعرِفُه عنه، ولكنْ قال به مِن أصحابِه المُزَنيُّ وابنُ خُزيمةَ، وهو المُختارُ عندَ النَّوويِّ وغيرِه، واسْتحسَنَهُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ للجَمْع بين الأحاديثِ الواردةِ في ذلك؛ فإنَّها اختلَفَت اختِلافًا لا يُمكِن معه الجَمْعُ بينها إلَّا بذلك) انتهى.


وقال شيخ الاسلام:

(وبعضهم يعين لها ليلة من العشر الاواخر والصحيح أنها في العشر الأواخر تنتقل)

وكذلك قال النووي وابن حجر وغيرهم.

وروى عبد الرزاق  عن ابنِ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: «دعا عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه أصحابَ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسأَلَهم عن ليلةِ القَدْرِ؟ فأجْمَعوا أنَّها في العشْرِ الأواخرِ...»


فلا نترك ما أجمعوا عليه لأجل ما اختلفوا فيه 

وقول أبي بن كعب لم يرفعه الى النبي عليه السلام وعلى فرض صحته فلا يعارض غيره لأنها في ذلك العام وقعت كما اخبر هو  واخبر غيره انها ليلة احدى وعشرين وفيها علامة الماء والطين ولم يذكر علامة الشمس.


وصح عن جماعة من الصحابة انها في الاشفاع، عن ابن عباس وبلال و معاوية انها ليلة أربع وعشرون.

وغيرهم وهذا باعتبار الحساب بالباقي لا بالماضي اذا كان الشهر كاملا والحديث في الصحيحين وهكذا فسره ابو سعيد.


سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن ليلة القدر، -وهو معتقل بالقلعة-؟


فأجاب:

ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان) وتكون في الوتر منها، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتُطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.

ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى).


فعلى هذا؛ إذا كان الشهر ثلاثين؛ يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين والعشرين، تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين، سابعة تبقى.

وهكذا فسره أبو سعيد الخدري، في الحديث الصحيح.

وإن كان الشهر تسعاً وعشرين؛ كان التاريخ بالباقي، كالتاريخ الماضي.


وإذا كان الأمر هكذا؛ فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها.


علماً: بأن الأصل تمام الشهر، وكونه ثلاثين يوماً.



قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

قوله –أي: الإمام البخاري-‏:‏ "‏باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر": في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة منه بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها.‏


وبناء على ذلك: فلا يمكن لأحدٍ أن يجزم بليلة بعينها أنها ليلة القدر، وخاصة إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبر أمته بها ثم أخبرهم أن الله تعالى رفع العلم بها.

والله تعالى أعلم.


كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت