إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 22 مايو 2021

وقفات فقهية مع حديث: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


وقفات فقهية مع حديث: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة):

——————-

١- من أدرك تكبيرة الإحرام من صلاة العشاء وصلى معه التراويح حتى انتهى الإمام من صلاته، كتب له قيام ليلة، سواء أوتر بهم أو لم يوتر.

وانصرف هنا: بمعنى انتهى من صلاته، لا بمعنى خرج من المسجد.


٢- في الحديث: حدد النهاية لمن ينال هذا الفضل بقوله: (حتى ينصرف) أي الإمام من صلاته.

ولكن هل بداية هذا العمل محدد؟ 

(من قام مع الإمام): فلا شك أن من قام مع الإمام من أول قيامه، في تكبيرة الإحرام لصلاة العشاء تحقق فيه شرط هذا الثواب، إذا استمر حتى نهايته.

ولكن من فاته جزء من أول القيام هل يتحقق له هذا الفضل، الظاهر: لا، لأنه لم يقم مع الإمام بل قام بعده، ومع تقتضي المعية في وقت واحد، واللحظة واللحظتين من أجل المتابعة لا تقتضي فوات المعية.


٣- هذا الحديث، هل هو عام أريد به العموم، فيشمل كل من قام مع الإمام حتى ينصرف في الفرض، أم المراد به قام معه في نفل قيام الليل في رمضان وغيره، أم المراد من قام مع الإمام في نفل قيام الليل من رمضان فقط، أم يختص بمن قام مع الإمام في صلاة العشاء وقيام رمضان -صلاة التراويح- فيكون من العام الذي أريد به الخاص، الظاهر أن المراد هو قيام الليل، فيكون قام مع الإمام من أول قيامه من الليل حتى ينتهي من صلاته، وذلك أن الفرض ليس من قيام الليل، وتحديده برمضان وصف غير مناسب، ولأن الحكم معلل بقيام الليل فيتحدد به.


والقاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إذا كان السبب معنوياً، فإن العام يتقيد بما يشبه حال ذلك السبب -وقد تقدم بيانها في القواعد-.

ومما يبين أنه عام أريد به الخاص، أن من قام مع الإمام لصلاة العشاء أو غيرها من الصلوات المفروضة حتى ينصرف الإمام لم يكتب له قيام ليلة، فيحمل الحديث على السبب الذي ورد فيه على الصفة التي جاء بها النص.

فهو من العام الذي يراد به الخصوص، ويسمى بعموم الحال.

و ذلك لأن "من" شرطية و فعل الشرط "صلى" و جوابه " كتب" و هي من صيغ العموم، لكنه مخصوص بسياق ورود الحديث الذي رواه النسائي: (صُمْنَا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رمضانَ، فلم يَقُمْ بنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى بقيَ سبعٌ منَ الشَّهرِ فقامَ بنا، حتَّى ذَهبَ نحوٌ من ثُلُثِ اللَّيلِ، ثمَّ كانت سادسةٌ، فلم يَقُمْ بنا فلمَّا كانتِ الخامسةُ قامَ بنا حتَّى ذَهبَ نحوٌ من شطرِ اللَّيلِ قلنا يا رسولَ اللَّهِ لَو نفلتَنا قيامَ هذِه اللَّيلةِ قالَ إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ)

فدل أن العموم في الحديث مخصوص بسياقه.


٤- وهذا الحديث لم يتكلم فيه إلا ابن دحية بكلام غير مقبول،

وقد صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان واحتج به الإمام أحمد، 

وله شاهد لا بأس به عند الطبراني وفيه راو متكلم فيه لكن يصلح للشواهد والمتابعة 

و رواه النسائي و غيره من طريق آخر عن النعمان وليس فيه كلام النبي عليه السلام، لكن يدل على أن القصة صحيحة كلها، ورواية الطبراني فيها زيادة توضيح أن النبي عليه السلام كان معتكفا.


والمقصود من لفظ الحديث هو حصول أجر قيام الليل كاملاً ولو صلى جزءاً منه 

وهذا من فضل الله على الناس 

و مثله من قرأ سورة الإخلاص فله أجر من قرأ ثلث القرآن.

وكذلك من صلى الصبح والعشاء في جماعة كتب له قيام ليلة.

فهذا من حيث الأجر 

فإذا قام فعلاً ازداد الأجر وتعاظم الفضل وكثر الخير.


٥- عموم الحديث يدخل فيه صلاة القيام مع الإمام ولو كان في البر وفي الصحراء، وليس في لفظ الحديث ما ينص علي اشتراط المسجد، وأما طول القيام، فهو قطعا غير مشروط بدليل سبب ورود الحديث وأن الصحابة سألوه صلى الله عليه وسلم أن يطيل بهم فقالوا: لو نفلتنا بقية ليلتنا فذكره. 


وصلاة الفريضة جماعة فهي ليست مشروطة بالمسجد، ففي الحديث: (فأحرق على أناس لا يشهدون الجماعة بيوتهم) فعلل الحكم بالجماعة لا بالمسجد، وهو مذهب الجمهور، ومنها صلاة الناس في الصحراء والبرية، سواء للفريضة أو للتروايح، حيث لا مسجد، وأما النافلة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى القيام جماعة حين صلى معه ابن عباس عند خالته ميمونة، فلا يخرج هذا من العموم إلا بنص.


٦- من قام الليل مع غير الإمام كتب له قيام ليلة، فقيام الليل لا يختص بكونه مع الأمام، قال تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك)، وقال تعالى: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)، وقال تعالى: (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً)، والأدلة على مشروعية قيام الليل كثيرة جداً، وهذا الحديث: (من قام مع الإمام حتى ينصرف) لا يخصصها، 

والقاعدة: أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم -وقد سبق شرحها في القواعد-.

وإنما هذا الحديث يدل على فضل من قام مع الإمام حتى ينصرف، وأنه بعمله القليل يكتب له الأجر الكبير، فمن انصرف وقام الليل فله أجر قيامه. ويكتب له أجر قيام الليل سواء صلى منفرداً أو جماعة، 

وسواء قسم الصلاة أو سردها 

وسواء أول الليل أو وسطه او آخره، وآخره أفضل.

وسواء مثنى مثنى أو إحدى عشرة

 وسواء ركعتين على الأقل أو مثنى مثنى الى أن يخشى الصبح فيوتر بواحدة

 وسواء وصلها أو سلم بين كل ركعتين كما في رواية عائشة رضي الله عنها في الصحيح 

الكل واسع إلا أن هناك تفاضل في قضية طول القنوت فيها فهو أفضل ممن صلاها ركعتين مختصرة وأيضا وكونها آخر الليل أفضل وأيضا كونه إذا صلاها مع إمامه أفضل إذا لم يرجع إليها آخر الليل. 

فالتفاضل من هذه الجهات وشبهها لكن الكل يكتب له قيام الليل وأجره مع نوع تفاوت في الفضل.


٧-  الأفضل أن تصلى  التراويح جماعة في مسجد أو غيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم  لم يخرج عليهم بعد أن صلى بهم جماعة أياماً خشية أن تفرض عليهم، ولأن الصحابة فهموا ذلك فاجتمعوا بعد زوال هذه العلة وجمعهم عمر رضي الله عنه على إمام واحد، وكذا حديث (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) يدل على فضل صلاة التراويح جماعة، وكون الإنسان يصلي في بيته النافلة فضلها لا يعارض فضل صلاة التراويح جماعة، ومع ذلك قد تكون الجماعة في النافلة أفضل، مع أن الأصل أن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة، ومن ذلك صلاة التراويح، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما طلبوا منه الخروج لهم ليصلي بهم، وجههم لصلاة البيت عندما خشي أن تفرض عليهم، 

وأما لما صلى بهم واستزادوه قال: (من صلى مع إمامه حتى ينصرف كتب له أجر الليلة).


فيخصص هذا الحديث حديث (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)


٨- من صلى العشاء مع الإمام ثم انصرف الامام بعدها لأن التراويح تقام آخر الليل، 

فقد صلى مع الإمام العشاء وقام معه التراويح ولو تأخر وقتها، فينطبق عليه الفضل الوارد في الحديث، ولا تشترط الموالاة بين العشاء والتراويح.

أما إذا كان إمامه يصلي التراويح ثم انصرف عنه ثم صلى معه القيام لا ينطبق عليه الفضل الوارد في الحديث مع أنه يعتبر قائم من الليل بقدر ما قام به من الصلاة.


كتبه: محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت