حكم الاحتفال بافتتاح المسجد:
————————
يتضح حكم ذلك بالنقاط التالية:
١- إذا كان ذلك الافتتاح مبني على الرياء أو الإعجاب بالعمل، أو الثناء على من بناه فيما إذا كانت مفسدته أعظم من مصلحته، كان ذلك محرماً، أو كان يؤدي إلى ذلك يقيناً أو غلبة للظن. وكذا إذا صاحب ذلك إسرافاً، أو أمراً محرماً.
٢- أن الأفضل والأتم عدم فعل ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لما بنى مسجده، ولم يرد فعله عن الصحابة رضي الله عنهم، ولما فيه من البعد عن الرياء والعجب، والثناء على القائم ببنائه، الذي قد يجرح نيته أو يفسد عمله.
٣- أن فعل الاستفتاح باحتفال ليس ببدعة. لأنه من باب شكر النعمة بمناسبة حادثة لا ماضية.
والقاعدة: ما توفر سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، مع وجود المقتضي وانتفاء المانع، فتركه هو السنة.
وأما فعله فإنه يرجع إلى الأدلة -كما سبق تقريره في القواعد-.
فما كان داخلاً تحت عموم النصوص الشرعية، فلا يعتبر بدعة، ومنه الاحتفال بافتتاح المسجد، لكونه مباحاً في الأصل، شكراً لله على نعمة الانتهاء من بناء المسجد.
ويمكن أن يستدل على ذلك بدعوة المنافقين أصحاب مسجد ضرار، النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، وكان امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لنهي الله تعالى نبيه من الصلاة فيه لكونه بني ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيم حكيم).
وهو نوع من تعظيم الافتتاح بدعوتهم له صلى الله عليه وسلم بمعنى: إحداث عمل بمناسبة الافتتاح.
والقاعدة: النهي عن الأخص دليل على جواز الأعم.
والله تعالى أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق