حكم قول: واجب وطني:
حكم قول: واجب ديني ووطني:
———-
١- معنى: واجب وطني: أي حق وطني، وفي الحديث: (غسل الجمعة واجب على كل مسلم) أي حق لازم.
٢- إذا كان هذا الحق من الحقوق الشرعية، كالدفاع عنه لكونه بلداً مسلماً، فكل بلد مسلم له حق على كل مسلم بالدفاع عنه لكونه بلد إسلام.
ولا حق لازم إلا ما جعله الشرع لازماً، ولا حق مشروع إلا بدليل شرعي.
٣- إذا كان المراد بالحق الوطني، أي من لازم محبته الطبيعية، إذ الفطرة الطبيعية تقتضي محبة الإنسان للبلد الذي عاش فيه، ونشأ وترعرع فيه، فإن هذا الحق يكون مشروعاً وجائزاً ما لم يخالف الشرع، (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
فالشرع والدين أحب إلى المسلم من كل شيء، ولا يقدم على حب ذلك شيئاً، عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِاللهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً؛ أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»؛ متفق عليه.
(يقاتل حَمِيَّة): حمية على قوميته، حمية على قبيلته، حمية على وطنه، حمية لأي عصبية كانت.
وأما مجرد حب الأوطان الذي لا تقديم فيه على محبة الدين، فلا بأس به، فقد حب النبي صلى الله عليه وسلم مكة.
وكل محبة لشيء محبة طبيعية لا تقديم بسببها على الدين وأحكامه، لا حرج فيها.
ففي صحيح البخاري - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهمَا، فَقُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويَا بلَالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فيَقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ... وهلْ تَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ).
وفي الحديث (والله إنك لأحب البقاع إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)
والخلاصة: ما كان بمعنى من مقتضيات الشرع والمحبة الطبيعية للوطن، وكان هذا المقتضى صحيحاً فلا بأس به.
وما كان معارضاً للشرع والدين فلا عبرة به.
وما كان مخالفاً للشرع فهو باطل.
والله أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق