- —————
يكره عدم تعريف الإنسان بنفسه ، أو تعريفه لنفسه بما لا يعرف به إلا لحاجة أو ضرورة .
وذلك للأسباب التالية :
١ - في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققت الباب ، فقال :( من ذا)؟ فقلت : أنا ، فقال :( أنا أنا )؟ كأنه كرهها ).
والقاعدة : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إذا كان السبب معنوياً، فإن العام يتقيد بما يشبه حال ذلك السبب.
- وقد تقدمت في القواعد -.
وقوله ( كأنه كرهها) هذه صفة كاشفة لبيان معنى ( أنا أنا ) وليست شكاً من الراوي في كونها للكراهة كما يدل عليه السياق.
٢ - وفي الصحيحين من حديث أنس في الإسراء ، وفيه( ويقال في باب كل سماء : من هذا ؟ فيقول : جبريل ).
وهذا فيه استحباب التعريف بالنفس ما لم يترتب على ذلك وجود ضرر أو زوال حاجة له بعدم التعريف.
ولكن القاعدة : ترك المستحب لا يعني الوقوع في المكروه إلا لدليل ، وقد دل الحديث الأول عليه.
٣ -وفي الصحيحين أيضاً: عن أم هانيء رضي الله عنها قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره ) فقال ( من هذه )؟ فقلت : أنا أم هانيء).
وأما إذا كان السائل للتعريف ، يقصد شيئاً معيناً يعرف بقرينة الحال ونحوها ، فيعرف بناء على مقصوده، ولهذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم قوماً في الروحاء، فقال : من القوم : فقال المسلمون ، قالوا : ومن أنت ؟ قال : رسول الله)
وذلك ليعرف القوم هل من المسلمين أم لا .
ولأن التعارف بين المسلمين من المقاصد الشرعية ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ).
ولما يترتب عليه من المحبة والمودة والتناصر وغير ذلك من المقاصد الكثيرة .
وهذه الكراهة تزول عند وجود الحاجة أو الضرورة في عدم التعريف.
والقاعدة : الكراهة تزول عند الحاجة أو الضرورة.
وذلك لأن المصلحة الأعظم تقدم على ما دونها ، أو عند وجود مفسدة مساوية لها أو أعظم يقيناً أو غلبة للظن - كما سبق في القواعد -.
والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق