———————
نحن أمة أمية لا نعتمد على الحساب ، قال صلى الله عليه وسلم :( نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا- أشار بيده ثلاث ، وأشار في الثانية ثلاثاً وقبض واحداً) أي الشهر ثلاثون أو تسعة وعشرون يوماً).
وعمر الأضحية لا يحدد لا باليوم ولا بالساعة ولا بالدقيقة.
لأن هذا يعتمد على الحساب ، وفي معرفته بهذه الطريقة حرج ومشقة فادحة في الأعم الأغلب .
والقاعدة : العبرة بالجنس لا بالمفرد - كما سبق تقريره في القواعد -.
وهناك طرق أسهل وأيسر يعرف بها أسنان الماشية وعمرها في العصور المتقدمة والمتأخرة ، وهي ثلاث علامات تعلق على وصف معين :
الأول : عن طريق الكشف عن أسنانها، فهناك الجذع والثني والرباع والسداس ونحو ذلك مما يعرفه أهل هذا التخصص، فإذا خرجت الثنايا سمي ثني، وإذا خرجت السنين المجاورين للثنايا وكانت أسنانه أربعة سمي رباعاً، وهكذا .
وبهذه الطريقة يتميز الجذع من الثني .
الثاني: عن طريق نوم الصوف على ظهر الشاة ونحوها ، فقبل نوم الصوف يكون الشعر واقفاً ، فإذا نام الصوف عرف به الجذع.
الثالث : عن طريق الشكل والحجم، كما يعرف من البشر من تجاوز العشرين أو الثلاثين أو الخمسين ونحو ذلك، وهذا يعرفه أهل هذا الفن.
فعمر كل حيوان يتميز بحجمه وشكله عند أهل التخصص في المواشي.
والمراد بالعمر هو التقريب لا التحديد .
قاعدة : مواضع التقريب ، لا يتأتى فيها الحد الضابط .
قاعدة : ما قارب الشيء ، يأخذ حكمه، مما يشق معرفة حده - مشقة غير معتادة - أو يكون حده غير مراد يقيناً أو غلبة ظن .
وهكذا في طلوع الفجر الصادق يصعب كثيراً بدقة أول خروجه، ويختلف ذلك بصفاء للجوء من عدمه، ومن مكان مرتفع عن منخفض ، ومن دقة النظر من عدمه، فالفارق اليسير لا يضر، ويرتفع به الحرج ، فمجرد غلبة الظن بدخوله عند تعذر أو مشقة معرفته ، تكون الصلاة في الوقت .
وهكذا في تحديد معرفة الأوقات المتداخلة .
@ وهكذا في الفصل في لحظة الطهر من عدمه للمرأة التي يشق عليها معرفة ذلك بدقة، ولهذا ما قارب الشيء أخذ حكمه مما يشق التمييز فيه .
@ قال الجويني: "ومن طلب في مواضع التقريب الحد الضابط؛ فقد طلب الشيء على خلاف ما هو عليه".
@ وقال الشاطبي / المراد بالتعريف : التقريب.
لا أن يكون جامعاً مانعاً.
@ قاعدة : فكل ما يشق تحديده ،مشقة غير معتادة ، فالمراد بالتحديد هو التقريب.
@ وفِي حديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع ، إلى خمسة أمداد.
ليس المراد به الحد الضابط، وإنما المراد به التقريب. فمواضع التقريب، لا يتأتى فيها الحد الضابط.
@ وفِي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً ...)
المراد : التقريب لا الحد الضابط بنقصان الحبة والحبتين أو زيادتهما ، ونحو ذلك في الشرع كثير .
@ وكذا في كفارة إطعام المساكين في جماع الزوجة في رمضان ، لما جاء الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان فقال له صلى الله عليه وسلم ( أعتق رقبة، قال : لا أجد، قال ( صُم شهرين متتابعين) قال : وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا من الصيام، قال ( أطعم ستين مسيكناً) قال : لا أجد، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل بعرق- زنبيل - فيه طعام ، فقال صلى الله عليه وسلم ( خذ هذا فأطعمه أهلك، فقال : والله ما بين لابتيها بيت أفقر منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( خذ هذا فأطعمه أهلك)
الشاهد / العرق الذي فيه الطعام يغلب عليه أنه يكفي المساكين الذين أمر بإطعامهم تقريباً لا حداً فاصلاً
وبناء على ما سبق : فإن أعمار المواشي قد تزيد يوماً وقد تنقص أسبوعاً أو أكثر، كما هو معلوم عند أهل هذا الشأن من أرباب البهائم ، والقول بالتحديد فيه مشقة على العباد وتشديد لم يأت به الشارع، ولم يكن على ذلك عمل السلف الصالح التحديد بالأيام، وإنما بالأوصاف .
تنبيه : المجزيء في الأضاحي ونحوها من الإبل : ما أتم خمس سنوات .
ومن البقر : ما أتم سنتان .
ومن الماعز : ما تم له سنة .
ومن الضأن : ما تم له ستة أشهر ، وقيل : ما تم له ثمانية أشهر ، وقيل : ما تم له سنة .
والله أعلم .
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق