—————-
ماذا لو نسي قارئ القرآن الكريم يوم القيامة عندما يقال له اقرأ وارتق ...
هل لو نسي بعض الآيات القرآنية يفتح عليه عندها ويذكر بها ؟
——————————
الخلاصة : يشمل الملازم لتلاوته من غير حفظ، والحافظ له ، ويلهم ما كان حافظاً له في آخر عمره عند دخولهم الجنة ).
——————————-
روى النسائي والترمذي والنسائي وأحمد من حديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً:( يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)
هل المراد به الملازم لتلاوته ، وإن لم يكن حافظاً له ، لأن المصاحبة للقرآن لا تستلزم الحفظ له، فقد يكون الملازم لتلاوته مصاحباً له بدون حفظ ، لأن المصاحبة تعني طول الملازمة، ولم تحدد في الشرع فيرجع في تحديدها إلى العرف، فالمكثر من قراته آناء الليل وأطراف النهار يسمى مصاحباً للقرآن ، وبهذا قال جمع من أهل العلم ، وممن اختار ذلك شيخنا العثيمين ، حيث قال :( ظاهر الحديث أن المراد بذلك القراءة ، سواء عن ظهر قلب أو من المصحف).
وعلى هذا لا إشكال : لعدم حاجته للفتح عليه لكونه يقرأ من المصحف عند دخول الجنة حتى ينتهي لأعلى منزلة .
وذهب آخرون أن المراد هو : الحافظ لكتاب الله تعالى ، ومنهم ابن حجر الهيتمي - رحمه الله - حيث قال :
" الخبر المذكور خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب ، لا بمن يقرأ في المصحف ؛ لأن :
مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها ، ولا يتفاوتون قلة وكثرة ، وإنما الذي يتفاوتون فيه كذلك هو الحفظ عن ظهر قلب ، فلهذا تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت حفظهم .
ومما يؤيد ذلك أيضا أن حفظ القرآن عن ظهر قلب فرض كفاية على الأمة ، ومجرد القراءة في المصحف من غير حفظ لا يسقط بها الطلب ، فليس لها كبير فضل كفضل الحفظ ، فتعين أنه - أعني الحفظ عن ظهر قلب - هو المراد في الخبر ، وهذا ظاهر من لفظ الخبر بأدنى تأمل .
وقول الملائكة له : ( اقرأ وارق ) صريح في حفظه عن ظهر قلب كما لا يخفى " انتهى باختصار من " الفتاوى الحديثية " لابن حجر الهيتمي (ص/113)
ويقول العظيم أبادي رحمه الله :
" يؤخذ منه أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له " انتهى باختصار من " عون المعبود " (4/237)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" اعلم أن المراد بقوله : ( صاحب القرآن ) حافظه عن ظهر قلب ، على حد قوله صلى الله عليه وسلم : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.. )، أي : أحفظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن ، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى ، وليس للدنيا والدرهم والدينار ، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) " انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (5/284).
* إذا كان المراد : هو القراءة بدون حفظ ، وإنما الملازمة له والمداومة على قراءته ، والعبرة بالخواتيم من عمره ، فلا إشكال ، لأن قراءته من المصحف تنفي عنه الذهول والنسيان .
*
* وإذا كان المراد من الحديث( - يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)
*
* هو الحفظ، فإنه يلهم ما كان حافظاً له من القرآن في آخر عمره، وقبل نسانه بعذر شرعي ككبر سن ومرض ونحوهما ، لكون ذلك خارج عن إرادته .
*
* كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرانه فإذا قرأناه فاتباع قرانه).
* والذي يظهر لي أن الحديث يشمل : حافظ القرآن، وملازم تلاوته بشرط الإخلاص، لشمول الحديث لهما ، وما كان مترتب على ملازم القرآن من غير حفظ ، فهو لحافظ القرآن من باب أولى ، وذلك لكون حفظه يستلزم تعاهده ( تعاهدوا القرآن ، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ).
*
* ولا شك أن منزلة حافظ القرآن أعظم من مجرد الملازمة لتلاوته، ولهذا يقدم في القبر عند مشقة الحفر لكل ميت قبراً مستقلاً، ويقدم في الصلاة ( يؤم القوم اقرأوهم لكتاب الله ) أي أكثرهم حفظاً، كما في حديث عمرو بن أبي سلمة، وفيه ( فنظروا فإذا أنا أكثرهم حفظاً للقرآن ).
* ويقال لهم ذلك عند دخولهم الجنة .
* والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق