متى لا يجوز ستر الزوجة من الزنا:
—————-
إن حملت من الزاني الفاجر وجب على الزوج أن يلاعن .
وإن لم تحمل فلا يجب عليه اللعان وله أن يستر عليها، ثم إن كان قادراً على حفظها وحمايتها فليبقها عنده، وإلا فليطلقها لئلا يكون ديوثاً - يقر أهله بالفاحشة - ، والأفضل : الستر خصوصاً إذا ظهرت توبتها.
وينتفي الولد بمجرد اللعان ، وإن لم ينفه ، بحيث يكون انتفاء الولد تبعاً للعان، إلا إذا وجد الدليل أو القرينة على عدم نفي الولد،
كقوله : إن الزوجة وطئت بشبهة أو مكرهة أو نائمة ، وفي هذه الحال يكون الولد للفراش وهو الزوج إلا أن ينفيه.
وللعاهر الحجر، فلا يلحق الولد به ولو استلحقه حتى ولو لم تكن فراشاً أي زوجة، ومن أفسد القياس : قياس الفاسد على الصحيح، وقياس الزنا على النكاح.
فإذا وطئت بشبهة أو مكرهة أو نائمة ، فمن أهل العلم من يلزم الزوج أن يجتنبها حتى تعتد بثلاثة حيض ، ومنهم من يلزمه أن يجتنبها حتى تحيض حيضة، ومنهم من لا يلزمه باجتنابها، فله أن يطأها ويبادر بذلك حتى لا تلحقه الوسوسة ولأن الأصل أن الولد للفراش.
* ولهذا فإن اللعان قد يكون من أجل إثبات الزنا من الزوجة، ويدرأ عنها إقامة الحد عليها أن تلاعن هي بعد لعان الزوج.
* وقد يكون اللعان من أجل نفي الولد، لا من الزنا ، لكونها وطئت بشبهة أو نائمة أو مكرهة ، أو نحو ذلك ، وعندئذ نفي الولد لا يخلو من ثلاثة أقسام :
*
* ١ - أن يكون الولد من الزوج ولا يحتمل أن يكون من الزاني، فلا يجوز أن ينفيه.
* مثل : أن تأتي به في أقل من ستة أشهر من الزنا، لأن أقل الحمل ستة أشهر ، فتعين كون الولد من الزوج لا من الزاني.
٢ - أن يحتمل أن يكون من الزوج ، ويحتمل أن يكون الولد من الزاني.
ففي هذه الحال إن غلب على ظنه أنه من الزاني فله أن يلاعن ، لأن غلبة الظن تنزل منزلة اليقين أحياناً عند تعذر اليقين - وفي هذا الباب غلبة الطن لا تنزل منزلة اليقين( فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون )- ولا يجب عليه اللعان في هذه الحال ، لأن قوة الفراش تغلب على غلبة الظن الذي عنده.
فإن قيل : هذا الأصل وهو كون الولد للفراش، عارضه الظاهر ، وهو غلبة الظن، وإذا تعارض الأصل والظاهر قدم الظاهر - كما سبق-.
فالجواب : أن غلبة الظن في هذا الباب ضعيفة لا تقوى على طمس الأصل، لعدم أثر غلبة الظن في هذا الباب بدليل الحاجة إلى أربعة شهداء، ولا يكفى الثلاثة. فأقل، وفي الحديث لما رمى هلال بن أمية زوجته بشريك بن سحماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم له ( البينة أو حد في ظهرك ).
٣ - إذا لم يمكن كون الولد من الزوج ، لكونه غائباً لم يتصل بها ، وكان قد استبرأها ثم تبين حملها في غيبة زوجها، ففي هذه الحال يجب على الزوج اللعان بنفي الولد ، ليس ولداً له، ولا يجوز الستر عليها والحالة تلك ، لما يترتب من الستر عليها من تغير أحكام تتعلق به، من الصلة، والنسب، والميراث، والمحرمية، ونحو ذلك ، وبعد النفي لا ينسب للزوج ولا للزاني بل ينسب لأمه، ويصل ويوصل من قرابة أمه، والميراث، لا علاقة لهذا الولد بالزوج ، والله أعلم .
تنبيه :
اللعان : مشتق من اللعن ، لأن الزوج ، يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذباً، وهو : شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين- الزوج والزوجة - مقرونة بلعن أو غضب.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق