——————-
فمثلاً: خروج بعض الناس إلى البر أو البحر يوم الجمعة ، بدعوى أنهم لا يتوافر لهم وقت للرحلة إلا يوم الجمعة ، هل تسقط عنهم الجمعة أو لا تسقط لما يترتب على ذلك من تضييع فريضة الجمعة؟
————
الخلاصة : يجوز لهم السفر للتنزه وغيره قبل سماع النداء الثاني للجمعة، فإن كانوا وقت وجوب صلاة الجمعة بالنداء الثاني في القرية أو قريباً منها لا مشقة غير معتادة في حضورها وهم غير مسافرين لزمهم حضور الجمعة، أو إقامتها عند توفر شروطها.
وإذا كانوا مسافرين، أو عليهم مشقة غير معتادة في حضورها، ولم يستطيعوا إقامتها ، سقطت عنهم للعذر، ووجب علهم صلاة الطهر .
———————-
يتضح حكم ذلك في النقاط التالية :
١ - العبرة بوجوب حضور الجماعة لمن تجب عليهم سماع الأذان ، أو من في حكمهم ممن لا يترتب على إدراكها منهم مشقة فادحة - مشقة زائدة عن المشقة المعتادة - لقوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) حيث علق الله عز وجل وجوب الجمعة على سمع النداء
٢ - أن تحريم السفر في يوم الجمعة بعد نداء الجمعة الثاني ، لغير عذر يبيح له ترك الجمعة، لا قبله، فمن سافر ليلة الجمعة أو يوم الخميس ، أو يوم الجمعة قبل النداء الثاني ، فهو في زمن يجوز فيه السفر ولو من غير عذر.
٣ - القاعدة : العبرة بالمنظور لا بالمنتظر ، فإذا كانت الجمعة فمن كان من أهلها وجب عليه حضورها إلا من عذر، ومن كان معذوراً في ذلك الوقت فلا حرج عليه، لأن المعتبر : هو المنظور ، وهو وقت وجوب حضور الجمعة .
٤ - من كان من أهل البادية ، ومن كان متنزهاً عندهم وهو بعيد عن مكان إقامة الجمعة مما فيه مشقة فادحة في حضورهم إياه، فهو معذور في الحضور ، لوجود العذر عند وجوب الحضور، ومن كان قريباً من المدينة أو القرية التي تقام فيها الجمعة مما لا مشقة خارجة عن المعتاد في حضور الجمعة، وجب عليهم حضورها، لأنهم في حكم حاضري القرية أو المدينة لعدم وجود الحرج والمشقة غير المعتادة في حضورها.
٥ - ولأن القاعدة : المشقة تجلب التيسير، يكون مجال عملها في حالتين :
أ - وجود الدليل من الكتاب أو السنة في الترخص بعذر من الأعذار، فالشريعة : أجازت للمسافر الجمع بين الظهر والعصر في وقت أحدهما، وبين المغرب والعشاء في وقت أحدهما، ولم تجز ذلك في الجمع بين الفجر والعشاء، ولو كان أكثر مشقة .
ب - والحالة الثانية : كل ما فيه مشقة غير معتادة فإن الشريعة تخففها حتى تصل إلى المشقة المعتادة .
وبناء على ما سبق فمن خرج في البرية للنزهة وكان إقامة الجمعة له ممكنة في حضورها بلا مشقة فادحة تعين عليه الحضور، كمن يخرج في البرية قريباً من القرى التي تقام فيها الجمعة، إن لم يقيموا الجمعة لعدم توفر عدد ما يشترط حضور الجمعة لها أو نحو ذلك .
وإن كانوا بعيدين عن القرى التي تقام فيها الجمعة لكون حضورهم لها فيه مشقة غير معتادة، ولم يستطيعوا إقامتها بأنفسهم لكونهم غير مسافرين سقطت عنهم الجمعة.
وأما من كان مسافراً فلا تجب عليه الجمعة .
٦ - فريضة الجمعة تسقط عن أهل الأعذار ، ويلزمهم حينئذ صلاة الظهر .
تنبيه : في سفر التنزه والتفرج روايتان عن أحمد : إحداهما: تبيح الترخص، لأنه سفر مباح فدخل في عموم النصوص المذكورة وقياسا على سفر التجارة،.
والثانية: لا يترخص فيه، قال أحمد: إذا خرج الرجل إلى بعض البلدان تنزها وتلذذا وليس في طلب حديث ولا حج ولا عمرة ولا تجارة، فإنه لا يقصر الصلاة، لأنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة، ولا مصلحة في هذا، والأول أولى ، لأن الرخصة في السفر لم تحدد بسفر دون سفر، وعموم النصوص على الرخصة في السفر بدون تحديد .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق