——————
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ).
١ - في هذه الآية تحريم منع :ذكر الله تعالى في المسجد، وتحريم منع الاعتكاف في المساجد، وتحريم التضييق على من يتعبد الله تعالى في المسجد بمضايقته بإطفاء المصابيح والتكييف ونحوهما.
٢ - في الآية تحريم هدم المساجد إلا من أجل عمارة ما هو أفضل منها على نية صاحبها الأول، وما زاد فهو له إذا كانت منفعتها قائمة، وإذا تعطل الانتفاع بها جاز هدمها لعمارتها على نية من أعمرها له أو لغيره.
٣ - القاعدة : سبب النص قطعي الدخول في النص، ولا يعني عدم دخول غيره فيه.
وذلك لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وبناء على ذلك ،فإن الآية تشمل النصارى الذين أعانوا بختنصر على هدم بيت المقدس، فما كان لهم أن يدخلوا بيت المقدس إلا وهم على خوف ووجل.
وتشمل كفار قريش الذين منعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول مكة للعمرة، فكانوا بعد ذلك منعوا من دخول الحرم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
وفي الأثر ( ألا لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ).
وما كان لمشرك يدخل الحرم إلا وهو خائف وذليل .
وكذا كل من تسلط على عباد الله تعالى ومنعهم من الصلاة والذكر والطاعة في بيوت الله تعالى ، إلا سلط الله عليه في الدنيا خزي وفي الآخرة عذاب عظيم .
٤ - منع مسجد الله تعالى أن يذكر فيها اسمه يشمل المنع الحسي بهدمها، ويشمل المنع المعنوي بمنع التعبد لله تعالى فيها بأي نوع من أنواع العبادة .
٥ - هل الحكم في الآية بعلل بعلتين :
أ - المنع من ذكر الله تعالى .
ب - والسعي في خرابها.
أم معلل بالعلتين سوياً فيكونا وصفاً واحداً.
وقد سبق الفرق بين العلل المتعددة، والعلة المركبة في القواعد.
فمن منع مساجد الله تعالى أن يذكر فيها اسمه ، ولم يسع في خرابها داخل في الآية .
ومن فعل الوصفين كان إثمه أعظم وذلك لكونه منع ذكر الله تعالى فيها، وكذا سعى في خرابها، فكانت الآية من أمثلة العلل المتعددة لا المركبة .
ولهذا جاء في الحديث( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت أو صلى ساعة من ليل أو نهار).
وقال تعالى :( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود).
والله تعالى أعلم .
أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق