في يوم الأحد، الموافق ١٤٤٣/٨/١٧ هجرية
——————————————————
(كتاب البيوع المعاملات):
البيع: هو مبادلة مالٍ بمال على سبيل التراضي و التأبيد.
وصوره إجمالاً تنقسم إلى تسعة أقسام:-
١- عين بعين: (إما ناجز من الطرفين)، (أو مؤجل من أحدهما)، ناجز من الآخر )، أو (كلاهما مؤجل).
٢- عين بذمة: (إما ناجز من الطرفين)، (أو مؤجل من أحدهما ناجز من الآخر )، أو (كلاهما مؤجل).
٣- ذمة بذمة: (إما ناجز من الطرفين)، (أو مؤجل من أحدهما ناجز من الآخر )، أو (كلاهما مؤجل).
—- المحرم من هذه الصور السابقة :-
١/ إذا كان من الأموال التي يجري فيها الربا.
إذا كان من جنس واحد يشترط التقابض والتماثل، وإذا كان من جنسين مختلفين ، يشترط التقابض في مجلس العقد .
٢/ أو كان رأس مالٍ لسلم، فلا بد من تقديم الثمن في مجلس العقد ، وإلا لم يجز .
- والسلم في الحال جائز ، فإذا كان المؤجل جائز فالحال من باب أولى وهو مذهب الشافعي خلافاً للجمهور -.
وما عداه فالأصل الجواز.
وقال جمهور العلماء : أنه يحرم منها ما كان مؤجل من الطرفين!؛ لقوله الصحابي في الحديث:"نهى رسول الله ﷺ عن بيع الكالئ بالكالئ".
والجواب: أنه ضعيف السند ، ويرده حديث جابر رضي الله عنه أنَّهُ كانَ يَسِيرُ علَى جَمَلٍ له قدْ أَعْيَا، فأرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ، قالَ: فَلَحِقَنِي النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَدَعَا لِي، وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، قالَ: بعْنِيهِ بوُقِيَّةٍ، قُلتُ: لَا، ثُمَّ قالَ: بعْنِيهِ، فَبِعْتُهُ بوُقِيَّةٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ عليه حُمْلَانَهُ إلى أَهْلِي، فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بالجَمَلِ، فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فأرْسَلَ في أَثَرِي، فَقالَ: أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لِآخُذَ جَمَلَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ؛ فَهو لَكَ.
فالثمن والمثمن في هذا النص كلاهما مؤخر.
* وهناك فرق بين البيع والإجارة…
فالإجارة: عقد لازم وهو بيع منافع، مع بقاء العين مع مالكها.
والبيع: عقد لازم، وهو نقل العين من ذمة إلى ذمة.
وبينهما أيضاً فرق في الضمان :
فالبيع: فبل التمكن من القبض يكون على البائع وبعد تمكن المشتري من القبض على المشتري.
والإجارة: يكون الضمان على المؤجر مالم يتعد أو يفرط المستأجر فيكون الضمان عليه بحسب تعديه وتفريطه.
١/ قاعدة: إنما الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم.
- موضعها من الكتاب : قوله:(كتاب البيوع)
من شروط البيع الرضا، فما أخذ بسيف الحياء لا يصح به البيع .
- العلاقة بينهما:- أن الظالم الذي أخذ حقوق الناس بسيف الحياء يكون التحريم عليه لا على المظلوم.
٢/ قاعدة: فرق بين الإكراه بالشيء، ودفع الإكراه بالشيء.
- موضعها :( قوله فرق بين التأمين التجاري والتعاوني)
- العلاقة بينهما: فالاكراه على الشيء: يكون على وجه الإجبار والتهديد، مثاله: قولهم له تفعل كذا وإلا قتلناك، فهنا الضرر الواقع عليه أكثر من الضرر الصادر منه فهو معذور ولا ضمان عليه، أما دفع الاكراه بالشيء يضمن، كمن أزال الإكراه عنه بمال غيره ضمنه لذلك الغير، ثم يعود على أكرهه.
فالتأمين التجاري محرم، لأنه ربحي، أما التعاوني فهو غير ربحي من عقود التبرعات لا المعاوضات مثل تكافل الراجحي .
وقد سبق بيان الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري.
——————————————————
حديث:[ جابر رضي الله عنه، أنه سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ ﷺ ، يقولُ عَامَ الفَتْحِ وهو بمَكَّةَ: إنَّ اللَّهَ ورَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأصْنَامِ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فإنَّهَا يُطْلَى بهَا السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بهَا الجُلُودُ، ويَسْتَصْبِحُ بهَا النَّاسُ؟ فَقالَ: لَا، هو حَرَامٌ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فأكَلُوا ثَمَنَهُ] متفق عليه.
٣/ قاعدة:لا بأس بالسؤال عن المانع إذا كان متوقعاً.
- موضعها من الحديث:(و الميته)
- العلاقة بينهما: أنه يشرع السؤال إن كان المانع متوقعاً مثل كون البلاد التي يسكن بها الشخص ينتشر عندهم الذبح بالصعق الكهربائي، أما غيرهم لا يشرع السؤال عن ذبح الأضاحي إن كان الشخص في بلاد إسلام، والسؤال هنا تنطع،؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: يارسول الله إن قوما حديثوا عهد بالاسلام يأتوننا بلحوم لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لا؟، فقال ﷺ:((سموا أنتم وكلوا)).
وقد سبق بيان قاعدة : فرق بين انتفاء الشرط، ووجود المانع.
٤/ قاعدة: فرق بين انتفاء الشرط ووجود المانع.
- موضعها من الحديث:(سبق)
- العلاقة بينهما: أنه ﷺ لم يسألهم عن الشرط ( سموا أنتم وكلوا ) لكونه الفعل صادر من أهله، والأصل في الأفعال الصادرة من أهلها الصحة .
اما المانع فيه تفصيل: إن كان متوقعا: فيجوز وإلا فلا، كما في حديث أبي قتادة : ( هل عليه دين ؟).
٥/ قاعدة: السبر والتقسيم.
- موضعها من الحديث:(في هذا الحديث)
- العلاقة بينهما: السبر والتقسيم عند علماء الرياضيات هو العامل المشترك، يعني أن النص ذكر أربعة أمور محرمة وهناك قاسم مشترك بينهما، وهي من مسالك الاجتهاد في العلة، وهي:-
تحقيق المناط، وتنقيح المناط، وتخريج المناط.
فهنا السبر النجاسة؛ لأن الخمر نجسة نجاسة معنوية ، و الميته نجسة نجاسة حسية،
والخنزير نجس نجاسة حسية عينية ،
والأصنام : نجاسة معنوية .
فهذه الأربع المذكورة في الحديث تجتمع في كون كل صنف منها نجس،
فيثبت المجتهد النجاسة هي العلة ، ويقيس عليها غيرها ، فيكون كل نجس يحرم بيعه.
٦/ قاعدة: العين المحرمة لا تصير محللة بالفعل المنهي عنه.
- موضعها من الحديث:(سبق)
- العلاقة بينهما: في الخمر إذا تخللت من نفسها تكون حلالاً أما إذا خُللت حتى تصير خلاً فتحرم.
٧/ قاعدة: تفسير الشيء بما يطابق مادته أولى من تفسيره بما لا يطابق مادته.
- موضعها من الحديث:(قاتل الله اليهود)
- العلاقة بينهما: قيل معناه لعن، وقيل أهلك والثاني ارجح؛ لانه من قاتله الله هلك.
وهذا التفسير. الثاني أقرب لكلمة قاتل لوجود المطابقة في المادة ،والله أعلم .
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
كتب ذلك عنه تلميذه : سعود بن صالح الزهراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق